إلى قارئي – عبدالله البردوني

من القبر من حشرجات التراب … على الجمر من مهرجان الذباب

و من حيث كان يدقّ القطيع … طبول الصلاة أمام الذئاب

و يهوي كما يرتمي في الصخور … قتيل على كتفيه … مصاب

و من حيث كانت كؤوس الجراح … تزغرد بين شفاه الحراب

و من حيث يحسو حنين الربى … غبار المنى و نجيع السراب

و من حيث يتلو السؤال السؤال … و يبتلع الذعر وهم الجواب

عزفت اصفرار الرماد العجوز … ليحمرّ فيه طفور الشباب

و حرّقت أنفاسي المطفئات … و أطفأتها بالحريق المذاب

أتشتمّ يا قارئي في غناي … دخان المغنّي و شهق الرباب ؟

و تسمع فيه أنين الضياع … تبعثره عاصفات الضباب

فإنّ حروفي اختلاج السهول … و شوق السواقي ، و خفق الهضاب

و شوق الرحيق بصدر الكروم … إلى الكأس و الثلج في كلّ باب

و خوف المودّع غيب النوى … و سهد المنى في انتظار الإياب

أنا من غزلت انتحار الحياة … هنا شفقا من زفير العذاب

و لحّنته سحرا يحتسي … رؤى الفجر بين ذراعي كتاب

و تنبض فيه عروق السكون … و يمتدّ في ثلجة الالتهاب

و يتّقد الشوق في مقلتيه … و يظمأ في شفتيه العتاب