أمنك خيالٌ ضوَّع الركبَ موهنا – مهيار الديلمي

أمنك خيالٌ ضوَّع الركبَ موهنا … وقد قيَّد التأويبُ سوقا وأجفنا

توغَّلَ من غربيِّ وجرة َراكبا … قنى َّ العدا حتى أناف على قنا

ألمَّ بمخدوعين عن كل راحة ٍ … بما طلبوا العليا مناخا ومظعنا

إذا هدموا الأشخاص لم ينتقصهمُ … ضؤولٌ لها من حيث ما المجدُ يبتنى

فحيَّا فبلَّ الوجد بل شبَّ ناره … فلله منه ما أساء وأحسنا

عجبتُ له كيف اقترى الجوَّ فافضا … وكيف طوى وادي الغضا متبطِّنا

شجاعا وفي أمثالها كان مثله … جريُّ الفؤاد أن يخورَ ويجبنا

أرتنا به ظمياءُ وصلا ممّوها … على سفهِ المسرى وزورا مميَّنا

وفاءً بأضغاثِ الكرى وخيانة ً … متى ذكرت يقظى بنا وتلوُّنا

تسائل وفدَ النوم عنا حفيَّة … ولا تسأل الركبانَ من أرضنا بنا

سقى الله أياما نصلنَ على منى … حياً يستردّ العيش بالخيف من منى

وحيّا الغصونَ والمها ما حكت لنا … قدودا على وادي الجماروأعينا

فكم من فؤادٍ طاح في ذلك الحصا … بدائدَ لو فتَّشتَ عنه تبيَّنا

ومن حاجة ٍ تقضى وليس بمنسكٍ … عنينا بها في الحج ما الله ما عنا

ألِكني إلى الأيام علَّ صروفها … يخفَّفنَ عن ظهري وقد كنّ وزَّنا

حملتُ إلى أن جبّ ظهرٌ وغاربٌ … وجلَّت قروف أن تسدَّد بالهنا

وعاتبتها حُلوَ العتاب ومرَّه … فلم أر منها واعيا متأذِّنا

فلما رأيتُ العتبَ يذهبُ صعبهُ … بأسماعها أصبحتُ بالذنب مهونا

وألجأتُ ظهري مسندا بمعاشر … حموا من هنا أطرافَ سرحى ومن هنا

إلى أسرة ٍ لا يأكل الضيمُ جارهم … وإن هو أثرى في ذراهم وأسمنا

كأنّ الغريبَ الدارِ يسكن فيهمُ … تخيّر بين النَّسر والنَّسر مسكنا

تعلَّق من أذيالهم ووفائهم … بذروة ممطولِ الشماريخ أرعنا

يحبّ الحيا للحلم والزادَ للقِرى … وكسبَ العلا للخلد والمالَ للفنا

ملوكٌ يعدّون النجومَ أباً أباً … وإن فضلوها الجودَ والمجدَ والسنا

لهم دوحة ٌ عبد الرحيم قضيبها الرَّ … طيب إذا اخضرّت وأبناؤها الجنى

حلوا وزكوا من أصلهم وتزيّدوا … بأنفسهم تزيُّدَ البوع بالقنا

وبذّوا القرومَ البزل نشطا ونهضة … وسنّهمُ بين الجذاع إلى الثَّنا

قضى الله فيهم كلَّ نذرِ مزاحمٍ … على مجلس العلياء حتى تمكنا

إذا قالت الغمّاء من فيكمُ فتى ً … يفرِّجني إن ضقتُ قال لها أنا

هم الأنملات الخمس راحة جودهم … غدت ليس عن كبرى وصغرى لها غنى

قضوا كلّ دين للمعالي ووفّروا … نصيبا على عينالكفاة تعيّنا

فقام بما ولَّوه لا متعذرا … حصورا ولا رخو العروق مهجَّنا

فتى ً وسعت أخلاقه الناسَ قادرا … وأصبح في سلطانها الفظّ ليِّنا

وملّكه البشرُ القلوبَ فما ترى … فؤاد امرئ لم يتّخذ فيه موطنا

فلو لم يحز بالمال حمدا لأحرزت … كرامُ سجاياه له الحمدَ والثنا

حمولٌ لأعباء الرياسة ناهضٌ … بأثقالها إن قصّر الغمرُ أو ونى

سليمُ الوفاءِ أبيضُ الودّ كلّما … ذممتَ الفتى صبغتين ملوَّنا

ويعطي بلا منٍّ مقلاًّ ومكثرا … بكفٍّ سواءٍ عندها الفقر والغنى

تقطَّرَ فرسانُ الكفاية وارتدوا … ومرّ على سيسائها متمرِّنا

وكان لها العينَالبصيرة َ إذ عموا … فشكّوا على عوصائها وتيقَّنا

غلامٌ كنصل السيف هزَّ فما نبا … مضاءً وصدرِ الرمح شدَّ فما انثنى

تمطّت به أمُّ النجابة واحدا … يطول عليها أن يُؤاخى ويُقرنا

فداءُعليٍّ طامعٌ في مكانه … من المجد لم تصدقه خادعة ُ المنى

أراد فلم يبلغ فمات بغيظه … وما كلّ موت أن يُوارى فيدفنا

خلقتم على قدرٍ شجاً لعدوّكم … وعطفا على مولاكمُ وتحنُّنا

وكنتَ له وسطى البنان وقبضة َ ال … عنان وباعا ينصر السيف أيمنا

علقتك ممسودَ الوفاء محرَّما … على الغدر محميَّ الحفاظ محصَّنا

وأنزلتني من دارِ أنسك منزلا … يربِّبُ عزمي أن أروح فأظعنا

أمينا فسيحا فاجأتني ظلالهُ … فحاطت ولم أشعر بها كيف تبتنى

رهنتك رقِّي عنهحبّاً ومهجتي … وكان عزيزا أن يباعا ويرهنا

ولم أك في صفقي على يدك التي … خطبت بها مدحي وودّي لأغبنا

وقد كان تقصيرٌ تسلَّفتُ ذنبهُ … فها أنا أمحوه منيباً ومذعنا

صددتُ بوجهي عنك حينا وكنتَ لي … بوجهك مصدودَ المذاهب محزنا

كلانا جنى فاصفح ودع ذكر ما مضى … وراءً وإلا فاقسم العتبَ بيننا

وهبْ للساني زلَّة الصمتِ إنه … يكون غداً في وصف فضلك ألسنا

ستسمعها يفنى الطروسَ ازدحامها … وتصبح خلقا للرُّواة وديدنا

من الكلمِ المخزونِ نمَّ خفيُّه … إليك وأضحى سرُّه فيك معلنا

سوافر من أوصافكم عن مراشفٍ … كما كشفَ المشتارُ عن نحله الجنى

إذا وسم التعريفُ فوق جباهها … أبا حسنٍ عادت بذكرك أحسنا

كجوهرة الغوّاص كانت يتيمة ً … على اللمس والتقليبِ أغلى وأثمنا

يزورك منها المهرجان مقلَّدا … وشاحاً وطوقا حلَّياه وزيَّنا

ربائط ما كرّ النهارُ عليكمُ … صواهلَ من حول البيوت وصفَّنا

إذا ابتهل الداعونَ كان دعاؤها … ألا يا بنى عبد الرحيم اسلموا لنا