أمسَى فُؤادُكَ ذا شُجُونٍ مُقْصَدَا، – جرير
أمسَى فُؤادُكَ ذا شُجُونٍ مُقْصَدَا، … لَوْ أنّ قَلْبَكَ يَسْتَطيعُ تَجَلُّدَا
هَاج الفُؤادُ بذي كَريبٍ دِمنَة ً، … أوْ بالأفاقة ِ منزلٌ منْ مهددا
أفَمَا يَزَالُ يَهِيجُ منْكَ صَبَابَة ً … نُؤيٌ يُحالِفُ خَالِداتٍ رُكدَا
خبرتُ أهلكِ أصعدوا منْ ذي الصفا … سَقْياً لِذَلِكَ مِنْ فَرِيقٍ أصْعَدَا
و عرفتُ بينهمُ فهاجَ صبابة ً … صَوْتُ الحَمَامِ، إذا الهَديلُ تَغَرّدَا
علقتها عرضاً ويلفى سرها … منمى الأنوقِ بيضها أو أبعدا
تشجى خلاخلها خدالٌ فعمة ٌ … و ترى السوارَ تزينهُ والمعضدا
مَنَعَ الزّيَارَة َ وَالحديثَ إلَيْكُمُ … غيرَ أن حربَ دونكمْ فاستأسدا
باعَدْنَ أنّ وِصالَهُنّ خِلابَة ٌ، … و لقدْ جمعنَ معَ البعادِ تحقدا
أنْكَرْنَ عَهْدَكَ بَعْدَمَا عَرّفْنَهُ … وَفقَدنَ ذا القصَبَ الغُدافَ الأسوَدَا
وَإذا الشّيُوخُ تَعَرّضُوا لمَوَدّة ٍ، … قلنَ الترابُ لكلَّ شيخٍ أدردا
تَلْقى َ الفَتَاة ُ مِنَ الشّيُوخِ بَلِيّة ً، … إنَّ البلية َ كلُّ شيخٍ أفندا
و تقولْ عاذلة ٌ رخيٌّ بالها … ما بالُ نومكَ لا يزالُ مسهدا
لوْ تعلمينَ هما داخلا … هماً طوارقهُ منعنَ المرقدا
و كأنَّ ركبكَ والمهاري تفتلي … هاجُوا مِنَ الأدَمَى النّعامَ الأُبّدَا
و العيسُ تنتعلُ الظلالَ كأنها … نبعتْ أخادعها الكحيلَ المعقدا
يعلونَ في صدرٍ ووردٍ باكرٍ … أُمَّ الطّرِيقِ إذا الطّرِيقُ تَبَدّدَا
تَنْفي حَصَى القَذَفَاتِ عَنْ عَادِيّة ٍ … وَتَرى َ مَنَاحِيَهُ تَشُقّ القَرْدَدَا
وَيَلُوحُ في قُبْلِ النّجَادِ إذا انْتَحى َ … نَهْجاً يَضُرّ بِكُلّ رَعْنٍ أقْودَا
يا ابنَ الخَليفَة ِ، يا مُعَاوِيَ، إنّني … أرجو فضولكَ فاتخذ عندي يدا
إنّا لَنَأمُلُ منك سَيبْاً عَاجِلاً … يا ابنَ الخَليفَة ِ ثمّ نَرْجُوكُمْ غَدَا
آبَاؤكَ المُتَخَيَّرُونَ، أُولُو النُّهى َ، … يا ابن الخَضَارِمِ يُترِعُونَ المِرْفَدَا
وَجَدُوا مُعَاوِيَة َ، المُبارَكَ عَزْمُهُ، … صلبَ القناة ِ عن المحارمِ مذودا
لَمّا تَوَجّهَ بِالجُنُودِ، وأدْرَبُوا، … لاقى َ الأيَامِنَ يَتّبِعْنَ الأسْعُدَا
يَلْقى َ العَدُوَّ على الثّغُورِ جِيادُهُ، … أبدأنَ ثمَّ ثنينَ فيها عودا
لا زَالَ مُلْكُكُمُ، وَأنْتُمْ أهْلُهُ، … وَالنّصرُ ما خَلَدَ الجِبالُ مُخَلَّدَا
إنّ امَرَأً كَبَتَ العَدُو، وَيَبْتَني … فينا المحامدَ حقهُ أنْ يحمدا
أخزى الذي سمكَ السماءَ عدوكمْ … وَوَرَى بغَيظِكُمُ الصّدُورَ الحُسّدَا
وَإذا جَرَرْتَ إلى العَدُوّ كَتَائِباً، … رَعَبَتْ مَخافَتُكَ القُلوبَ الصُّدّدَا
أمّا العَدُوّ فَقَدْ أبَحْتَ دِيارَهُمْ … و تركتَ أمنعَ كلَّ حصنٍ مبلدا
فَتَحَ الإلَهُ عَلى يَدَيْكَ برَغْمِهِمْ … وَمَلأتَ أرضَهُمُ حَرِيقاً مُوقَدَا
و لقدْ أبحتَ منَ العقابِ منازلاً … نَرْجُو بِذَلِك أنْ تَنَالَ الفَرْقَدَا
و لقدْ جمعتَ حماية ً وتكرماً … منْ غارَ يعلمهُ ومنْ قدْ أنجدا
لَمّا رَأتْكَ عَلى العُقَابِ مُلُوكُهُمْ … ألقوا سلاحهمُ وخروا سجدا
عاداتُ خيلكَ أنْ يبتنَ عوابساً … بِالدّارِعِينَ، وَلا تَرَاهَا رُوَّدَا
مَا إنْ نَزَلْتَ بِمُشْرِكيِنَ برَبّهِمْ … إلاّ تَرَكْتَ عَظِيمَهُمُ مُسْتَعبَدَا
كانَ ابن سِيسَنَ طاغِياً فَرَدَدْتَهُ … رِخْوَ الأخادِعِ في الكُبُولِ مُقيَّدَا
أبْلى مُعاوِيَة ُ البَلاءَ، وَلم يَزَلْ … مَيْمُونَ مَنْقَبَة ٍ تَرَاهُ مُسَدَّدَا