أمرَّ بها مع الأرواح رندُ – عبدالغفار الأخرس

أمرَّ بها مع الأرواح رندُ … فَشَوَّقها إلى الأَطلال وَجْدُ

أمْ کدَّكَرَتْ أحبَّتُها بسلع … فهيَّيجها بذات الأثلِ عهد

أراها لا تُفيقُ جوى ً ووجداً … وشبَّ بقلبها للشوق وقد

حدا فيها الهوى لديار ميٍّ … فثمَّ مسيرها في البيد وخد

وتيَّمها صبا نجدٍ غراماً … فما فَعَلَتْ بها سَلْعٌ ونجد

ولي كدموعها عبراتُ جفنٍ … لها في وجنتي عكس وطرد

بُودِّي أنْ تعيدا لي حديثاً … بأحبابٍ لهم في القلب ودّ

لهم منّي غرامٌ مستزادٌ … ولي منهم منافرة ٌ وصدّ

ضللتُ عن التصبُّر في هواهم … وعندي أنَّهُ هديٌ ورشد

فأخلقَ حبُّهم ثوبَ اصطباري … وثوبُ الوجد فيهم يستجدُّ

صبوتُ إليهمُ فاستعبدوني … وإنَّ الصَّبَّ للمعشوق عبد

ولي في حيّهم رَشَأ غرير … تخاف لحاظهُ بالفتك أسدُ

إذا ما ماس أَزرى بالعوالي … وكم طعنَ الجوانحَ منه قدُّ

وليلٍ بالأبيرقِ بتُّ أسقى … ثناياه ونَقْلي منه خد

يميل بنا التصابي حيث ملنا … يفوزُ بوَفْرها عافٍ ووفد

رَكِبْنا من ملاهينا جمُوحاً … فنحنُّ عن المسرَّة لا نودًّ

ليالي أورثتنا حين ولَّتْ … تَصَعُّدَ زفرة ٍ فينا تجدّ

فهل يا سعد تُسْعِدُني فإني … فَقَدْتُ الصَّبر لا لاقاك فقد

وما كلٌّ يرجّى عندَ خطبٍ … إذا ما خاصَمَ الدهرُ الألدّ

سوى محمود محمود السجايا … فلي من عطفه الركن الأشدّ

إذا عدَّتْ خصالُ كريمِ قومٍ … فأوَّلُ ما خصائله تعدّ

سروري في الهموم إذا کعترتني … وعيشي الرغد حيث العيش كدّ

بفضل يمينه وظبا يَدَيْه … يفوز مصاحبٌ ويخيب ضد

وفيض علومه للناس جهراً … يدلّ بأَنَّه بَحرٌ مُمدّ

وقد عذبتْ موارده فأمسى … لكِلِّ الناس من صافيه وِرْد

طمى علماً ومكرمة وجوداً … خضَمٌّ ليس يستقصيه حدّ

فجود لسانه درٌّ ثمينٌ … وجود بنانه كرم ورفد

يلوا منه الغوامض في علوم … فما في الكشف أسْرَعَ من يردّ

علومٌ نصبَ عينيه أحارتْ … عقولَ طلابها أَنَّى تجدّ

ذكيٌّ ثاقب الأفكار ذهناً … فلم يصلد له بالفكر زند

تسائله فبيدي الدرّ سيلاً … وينبي عن حسام العضب قدُّ

وكم قد أعجز الأغياد ردّاً … بأجوبة لعمرك لا ترد

إذا كشف الحقائق في كلام … كأنّ نظامه في النثر عقد

وجاوبَ عالمُ الزَّورا بما لا … تُجاوِبُ فيه إيرانٌ وهند

وأَمْسَتْ عندَه الأغيار خرُساً … وبان ضلالهم وأبينَ رشد

لقد آتاه ربُّك أيَّ فضل … وذلك من إله العرش وعد

أقامَ شريعة َ الغّراء فيه … وشُدَّ به لدين الله عضد

إمامٌ قدوة العلماء قرمٌ … لقد جَمَعَ الفضائل وهو فرد

ففي بَحْرين: إفضالٍ وعلمٍ … يفوزُ بوفرها عافٍ ورفد

إليك أبا الثناء أبيتُ أُثني … وإنْ أَثنى لساني عنك جهد

ومن جُمَل الفروض عليك تتلى … الشكر صنيعك الإحسان حمد

ليهنك سيّدي عيدٌ سعيدٌ … عليك له مدى الأعوام عود

وهاك من الفقير قصيد شعر … رضاك له بها كرم ورفد

أَجِزْ لي في مديحك لي بلثمي … يمينَك فهو لي أملٌ وقصد