أما وَعِتاقِ العَيسِ لَوْ وَجَدَتْ وَجْدِي – ابن الخياط

أما وَعِتاقِ العَيسِ لَوْ وَجَدَتْ وَجْدِي … لَقَيَّدَ أيْدِي الواخِداتِ عَنِ الوخْدِ

إذاً عَلِمَتْ أنَّ الوَجى لَيْسَ كالجَوى … وَحَبَّبَ ما يُنْضِي إليْها الَّذِي يُرْدِي

دَعاها نَسِيمُ البانِ والرَّنْدِ بالحِمى … وهَيْهاتَ منْها مَنْبِتُ البانِ والرَّنْدِ

يطيرُ بِها لُباً على القُرْبِ والنَّوى … ويَحْمِلُها شَوْقاً على الجَوْرِ والقَصْدِ

ولولا الهوى لمْ تَرْضَ بالجزْعِ حاجِراً … ولمْ تهْجُرِ الغمْرَ النَّمِيرَ إلى الثَّمْدِ

أجِدَّكَ ما تَنْفَكُّ بِالغَوْرِ ناشِداً … فؤاداً بنجدٍ يا لقلبكَ منْ نجدِ

وإنّي لتصميني سهامُ ادِّكاركُمْ … وإنْ كانَ رامِي الشَّوْقِ منِي على بُعْدِ

تمادِي غرامٍ ليسَ يَجْرِي إلى مدى ً … وفرْطُ سقامٍ لا يُقِيمُ علَى حدِّ

ومَا أنْسَ لا أنْسَ الحِمى وأهِلَّة ً … تُضِلُّ وَمِنْ حَقِّ الأهِلَّة ِ أنْ تَهْدِي

زَمانٌ إخالُ الجَهْلَ فِيهِ مِنَ النُّهى … وحُبٌّ أعُدُّ الغَيَّ فيهِ منَ الرُّشْدِ

غَنِينَ وَما نَوَّلْنَ نَيْلاً سِوى الجَوى … وبِنَّ ما زَوَّدْنَ زاداً سوا الوجْدِ

عَواطِفُ يُعْيِي عَطْفُها كُلَّ رائِضٍ … ضعائِفُ يُوهِي ضَعْفُها قُوَّة َ الجَلْدِ

إذا نَظَرَتْ بَزَّتْ قُلُوباً أعِزَّة ً … وإنْ خَطَرَتْ هَزَّتْ قُدودَ قَناً مُلْدِ

غوالِبُ فتْكٍ لمْ يَصُلْنَ بقوّة ٍ … طَوالِبُ ثأرٍ لَمْ يَبِتْنَ عَلَى حِقْدِ

منَ المُصْبِياتِ المُحْيياتِ بدَلِّها … علَى خطإٍ والقاتِلاتِ على عِمدِ

فودّعنَّ بلْ أودَعنْ قلبي حزازة ً … وخلَّفْنَ فرْدَ الشَّوْقِ بالعَلَمِ الفَرْدِ

خَلِيلَيَّ ما أحْلى الحَياة َ لَوَ کنَّها … لِطاعِمِها لَمْ تَخْلِطِ الصّابَ بالشُّهْدِ

لقدْ حالَتِ الأيامُ عنْ حالِ عهْدِها … وَمَنْ لِي بأيامٍ تَدُومُ عَلى العَهْدِ

سَلَبْنَ جَمالِي مِنْ شَبابٍ وَثَرْوَة ٍ … ووفَّرْنَ حظِّي منْ فراقٍ ومنْ صدِّ

وأنْحَيْنَ حَتّى ما تَرَكْنَ بَوارِياً … علَى العظْمِ منْ نحْضٍ لبارٍ ولا جلْدِ

وَما شاقَنِي أنْ لَسْتُ مُسْتَعْدِياً علَى … نوائبِها إلاّ لقلَّة ِ منْ يُعْدِي

ولا بُدَّ أنْ أدْعُو لدَفْعِ خُطُوبِها … كَرِيماً فإنْ كانَ ابْنَ سَعْدٍ فَيا سَعْدِي

فما عنْ كمالِ الدينِ في الأرضِ مذهَبٌ … لِحُرٍّ أجاجَتهُ الخطُوبُ ولا عَبْدِ

وإنَّ کعْتِصامِي بالوَزِيرِ وَظِلِّهِ … يَدٌ لِلنَّدى ما مِثْلُها مِنْ يَدٍ عِنْدِي

وأيُّ مرامٍ أبتغِي بعدَ جُودِهِ … كَفى الغَيْثُ مَنْ يُجْدِى عَلَيْهِ وَمَنْ يُجْدِي

وها أنا قدْ ألقيتُ رَحْلِي بربعِهِ … إلى السؤدُدِ العادِيِّ والكَرَمِ العِدِّ

إلى هَضْبَة ٍ شَمّاءَ عَزَّتْ عَلى الذُّرى … وَفِي جُنَّة ٍ حَصْداءَ جَلَّتْ عَنِ السَّرْدِ

إلى أوْحَدٍ أهْدِي لَهُ الحَمْدَ وَحْدَهُ … بِحَقٍّ وَلا يُهْدِي إلَيَّ الغِنى وَحْدِي

أقَلُّ عَطاياهُ التَّوَقُّلُ فِي العُلى … وأدْنى سجاياهُ التفرُّدُ بالمَجْدِ

مُبِيدُ العِدى قَهْراً ولَيْسَ بِمُعْتَدٍ … ومُحْيي الوَرى بذْلاً وليسَ بمُعتدِ

أعزُّ حمى ً منْ فازَ منْهُ بذمة ٍ … وأوْفى غنى ً منْ باتَ منهُ على وعدِ

فتى ً همُّهُ ما كانَ للبرِّ والتُّقى … ومغنمُهُ ما كانَ للأجْرِ والحمْدِ

مِنَ النّاقِدِينَ العاقِدِينَ عَنِ الخَنا … مآزِرَهُمْ والسالِمينَ علَى النّقدِ

مُجاوِرُهُمْ فِي الخَوْفِ لِلْجارِ مَعْقِلٌ … ووفدُهُمُ في المحْلِ منتَجَعُ الوَفْدِ

إذَا الغَيْثُ أكْدَى أنْشأتْ مَكْرُماتُهُمْ … مواطِرَ غيثٍ لا يُغبُّ ولا يُكْدِي

وإنْ زمَنُ الوَرْدِ انقضى كانَ عندَهُمْ … مواهِبُ يُلْغى عندَها زمَنْ الوَرْدِ

لهُمْ منْ ذَوِي التِّيجانِ كُلُّ مُخَلَّدٍ … عَلى فَقْدِهِ، إنَّ الثَّناءَ مِنَ الخُلْدِ

ومجدٌ حَماهُمْ طاهِرٌ أنْ يُقَصِّرُوا … بِهِ عَنْ أبٍ حازَ المَكارِمَ أوْ جَدِّ

أغَرُّ إذا أعْطى أفادَ وإنْ سَطا … أبادَ وإنْ أبْدى أعادَ الذي يُبْدِي

مُنِيفٌ على هامِ المُسامِي كأنَّما … أطَلَّ مِنَ النَّشْزِ العَلِيِّ عَلى وَهْدِ

يريكَ اهتزازاً في الأَسِرَّة ِ فخْرُها … بهِ وکخْتِيالاً فِي المُطَهَّمَة ِ الجُرْدِ

وَتُعْزَى إلَيْهِ المَكْرُماتُ ولَيْسَ لِلْـ … ـكَواكِبِ أنْ تُنْفى عنِ القَمَرِ السَّعْدِ

جَدِيرٌ بأنْ يُبْدِي لَهُ عَفْوُ رأيهِ … خَفِيَّة ٍ ما يُعْيِي الرِّجالَ مَعَ الجَهْدِ

وأنْ يَسَعَ الأمْرَ الَّذِي حَرِجَتْ بِه … مَذاهِبُ خَطِيِّ القَنا وَظُبى الهِنْدِ

جَلَوْتَ القَذَى عَنْ ناظِرِ الدِّينِ بَعْدَ ما … أتاكَ بِعَيْنِ الشَّمْسِ في الأعْيُنِ الرُّمْدِ

وكنْتَ ثقافاً للزمانِ فلمْ تَزَلْ … تُقَوِّمُ منْهُ كُلَّ أعوَجَ مُنْأَدِّ

فَلَمْ تُخْلِ سَرْحاً ذَلَّ راعِيهِ مِنْ حِمًى … ولم تخل ثغراً قلَّ حاميه من سَدِّ

أخائذُ دينٍ بات يُمنكَ كافلاً … لَهُ يَوْمَ أمْضَيْتَ کعْتِزامَكَ بالرَّدِّ

وَلَيْسَ بِبَدْعٍ مِنْكَ حدُّ صَرِيمَة ٍ … ثَنَتْ نُوَبَ الأيّامِ مَفْلُولَة َ الحَدِّ

وفِي أيِّ خَطْبٍ لَمْ تَكُنْ قاضِبَ الشَّبا … وَفِي أيِّ فَضْلٍ لَمْ تَكُنْ ثاقِبَ الزَّنْدِ

كأنَّكَ مَجْبُورٌ على الفَضْلِ وَحْدَهُ … فَمالَكَ مِنْ أنْ تُدْرِكَ الفَضْلَ مِنْ بُدِّ

إليكَ زَففْنا كُلَّ حسناءَ لوْ عدَتْ … عُلاكَ لَعادَتْ غَيْرَ مَلْثُومَة ِ الخَدِّ

مِنَ الحالِياتِ العالِياتِ مَناصِباً … تُماثِلُ مَنْ قَبْلِي وتَفْضُلُ مَنْ بَعْدِي

تُظَنُّ مُقِيماتِ وَهُنَّ سَوائِرٌ … مُخَيِّمَة ً تَسْرِي مُعَلَّقة ً تَخْدِي

رواءٌ وسجفُ الغَيْمِ ليسَ بمُسْبَلٍ … ضواحٍ وجَيْبُ الليلِ ليسَ بمُنْقَدِّ

تَمُتُّ بآمالٍ إلَيْكَ كأنَّها … رِقابُ صَوادٍ يعْتَرِكْنَ عَلَى وِرْدِ

وَما زِلْتَ لَبّاساً مِنَ الحَمْدِ فَخْرَهُ … ولَكِنَّ غَيرَ السَّيفِ يَفْخرُ بِالغِمْدِ

إذا زَيَّنَ الحسناءَ عقدٌ بجيدِها … فأحْسنُ منْهُ زينة ً موضِعُ العقدِ

أتيتُكَ للعليا فإنْ كنتَ منْعِماً … فَبالعِزَّة ِ القَعْساءِ لا العَيْشَة ِ الرَّغْدِ

إذا نائِلٌ لَمْ يَحْبُنِي الفَخْرَ نَيْلُهُ … فإنَّ انْقِطاعَ الرِّفْدِ فيهِ منَ الرِّفْدِ