ألاَ حيَّ المنازلَ والخياما – جرير
ألاَ حيَّ المنازلَ والخياما … وَسَكْناً طَالَ فِيها مَا أقَامَا
أُحَيّيهَا، وَمَا بيَ غَيرَ أنّي … أُرِيدُ لأُحْدِثَ العَهْدَ القُدَامَا
منازلَ قدْ دخلتْ منْ ساكنيها … عفتْ إلاَّ الدعائمِ والثماما
محتها الريحُ والأمطارُ حتى … حَسِبتَ رُسومَها في الأرْضِ شامَا
و جربها الكلاَكلِ جونٍ … أجَشِّ الرّعْدِ يهتزمُ اهْتِزَامَا
يزيفُ ويسيطرُ البرقُ فيهِ … كَما حَرّقْتَ في الأجَمِ الضّرَامَا
كأنَّ وميضهُ أقرابُ بلقٍ … نحاذرُ خلفها خيلاً صياما
كأنَّ ربابهُ الضلالَ فيهِ … نعامٌ جافلٌ لاقى نعاما
قفا يا صاحبيَّ فخبراني … علىم تلومُ عاذلتي علاما
على َ مَ تأومُ عاذلتي فانيَّ … لأبغضُ أنْ أليمَ وأنْ ألاما
وَرَبِّ الرّاقِصَاتِ إلى الثّنايَا، … بِشُعْث أيْدَعُوا حَجّاً تَمَامَا
أُحِبُّكِ يا أُمَامَ، وَكلَّ أرْضٍ … سكنتِ بها وإنْ كانتْ وخاما
كَأنّي، إنْ أُمَامَة ُ حُلأّتْني، … أرى الأشرابَ آجنة ً سداما
كصادٍ ظلَّ محتماً لشربٍ … فَلابَ عَلى شَرَائِعِهِ، وَحَامَا
وَلَوْ شاءتْ أمَامَة ُ قَدْ نَقَعْنَا … بِعَذْبٍ بَارِدٍ يَشْفي السَّقَامَا
فما عصماءُ لا تحنو لالفٍ … تَرَعّى في ذُرَى الهَضْبِ البَشَامَا
ترى نبلَ الرماة ِ تطيشُ عنها … و انْ أخذَ الرماة ُ لها سهاما
مُوَقّاة ٌ، إذا تُرْمَى ، صَيُودٌ، … ملقاة ٌ إذا ترمى الكراما
بِأنْوَرَ مِنْ أُمَامَة َ، حينَ تَرْجو … جَدَاها، أوْ تَرُومُ لهَا مَرَامَا
كما تنأى إذا ما قلتُ تدنو … شموسُ الخيلِ حاذرتِ اللجاما
فا،ْ سألوكِ عنها فاجلُ عنها … بما لا شَكّ فِيهِ، وَلا خِصَامَا
و قدْ حلتْ أمامة ُ بطنَ وادٍ … بهِ نخلٌ وقابلتِ الرغاما
تزينها النعيمُ بهِ فتمتْ … كقرنِ الشمسِ زايلتِ الجهاما
كأنَّ المرطَ ذا الأنيارِ يكسي … إذا اتّزَرَتْ بهِ، عَقِداً رُكَامَا
ترى القصبَ المسورَ والمبري … خدالاً تمَّ منها فاستقاما
فَلَوْلا أنّهَا تَمْشِي الهُوَيْنَا، … كَمَشْيِ مُوَاعِسٍ وَعْثاً هَيَامَا
إذا لتقصمَ الحجلانِ عنها … وظنا في مكانهما رثاما
و لوْ خرجتْ أمامة ُ يومَ عيدٍ … لَمَدّ النّاسُ أيْدِيَهُمْ قِيَامَا
تَرَى السُّودَ الهِبَاجَ يَلُذْنَ مِنها، … و انْ ألبسنَ كتاناً وخاما
كلاَ يومُ آيتها فانيَّ … كأنَّ المزنَ تمطرني رهاما
فإنّك، يا أُمامَ، وَرَبِّ مُوسى ، … أحَبُّ إليّ مَنْ صَلّى وَصَامَا
مَتى مَا تَنْجَلِ الغَمَرَاتُ يَعْلَمْ … هريمُ وابنُ أحوزَ ما ألاما
هما ذادا لخندفَ عنْ حماها … و نار الحربِ تضطرمُ اضطراما
إذا غَدَرَتْ رَبِيعَة ُ، وَاستَقادوا … لِطَاغِيَة ٍ دَعَا بَشَراً طَغَامَا
فمناهمْ متى لمْ تغنِ شيئاً … غلامُ الأزدِ واتبعوا الغلاما
فَوَلّوهُ الظّهُورِ، وأسْلَمُوهُ … بمَلحَمَة ٍ إذا ما النِّكسُ خَامَا
وَقَدْ جَعَلُوا وَرَاءهُمُ سَنَامَا … حواسرَ ما يوارينَ الخداما
وَمَنْ يَقْرَعْ بِنَا الرَّوْقَينِ يَعرِفْ … لَنَا الرّأسَ المُقَدَّمَ وَالسّنَامَا
ألَمْ تَرَ مَنْ نَجَا منهُمْ سَلِيماً … عليهمْ في محافظة ِ ذماما
وَخَيرُ النّاسِ عَفْواً وَانْتِقَامَا … لهامِ الأزدِ قبحَ ذاكَ هاما
نكرُّ الخيلَ عائدة ً عليهمْ … تَوَطّأُ مِنْهُمُ قَتْلَى لِئَامَا
و منْ بلغوا الحزيزَ وهمْ عجالٌ … و قدْ جعلوا وراءههمْ سناما
فذوقوا وقعَ أطرافِ الغوالي … فَيَا أهْلَ اليَمَامَة ِ لا يَمَامَا
و بكرٌ قدْ رفعنا السيفَ عنها … و لولا ذاكَ لاقتسموا اقتساما
فودوا يومَ ذلكَ إذ رأونا … نَحُسّ الأُسْدَ لَوْ رَكِبوا النّعامَا
وَعَبْدُ القَيْسِ قد رَجَعوا خَزَايا، … وَأهْلُ عُمَانَ قَدْ لاقَوْا غَرَامَا
مَشَوْا مِنْ وَاسِطٍ حتى تَنَاهَتْ … فلولهمُ وقدْ وردوا تؤاما
فَمِنْهُمْ مَنْ نَجَا وَبهِ جرَاحٌ، … و آخرُمقعصٌ لقى الحماما
فلولا نَّ إخوتنا قريشٌ … وَأنّا لا نُحِلّ لَهُمْ حَرَامَا
و أنهمُ ولاة ُ الأمرِ فينا … و خيرُ الماسِ عفواً وانتقاما
لكان لنا على الأقوامِ خرجٌ … و سمنا الناسَ كلهمْ ظلاما
منعنا بالرماحِ بياضَ بحدٍ … وَقَتّلْنَا الجَبَابِرَة َ العِظَامَا
بجُرْدٍ، كالقِدَاحِ، مُسَوَّمَاتٍ، … بأيْدِينَا يُعَارِضْن السَّمَامَا
وَكَمْ مِن مَعشَرٍ قُدْنا إلَيهِمْ، … بِحُرّ بِلادِهِمْ، لَجِباً لُهَامَا
يُسَهِّلُ حينَ يَغْدُو مِنْ مَبِيتٍ … أوَائِلُهُ لآخِرِهِ الإكَامَا
بكلَّ طوالة ٍ منْ آلِ قيدٍ … تَكادُ تَقُضّ زِفْرَتُها الحِزَامَا
عَصَيْنَا، في الأمورِ، بَني تَميمٍ، … وَزِدْنَا مَجْدَهَا أبَداً تَمَامَا