ألاَ حيَّ المنازلَ بالجناب – جرير

ألاَ حيَّ المنازلَ بالجناب … فقدْ ذكرنَ عهدكَ بالشبابِ

أما تنفكُّ تذكرُ أهلَ دارٍ … كأنّ رُسُومَها وَرقُ الكِتابِ

لَعَمْرُ أبي الغَواني ما سُلَيْمَى … بشملالٍ تراحُ إلى الشبابِ

تكنُّ عن النواظر ثمَّ تبدو … بدوَّ الشمس منْ خلل السحابِ

كَأنّكَ مُسْتَعيرُ كُلَى شعِيبٍ … وهتْ من ناصح سرب الطبابِ

ألَمْ تُخْبَرْ بَخيْلِ بَني نُفَيْلٍ … صَموتُ الحِجْلِ قانيَة ُ الخِضَابِ

أما باليتَ يومَ أكقُّ دمعي … مخافة َ أن يفندني صحابي

تَباعَدَ مِنْ مَزاري أهْلُ نَجْدٍ … إذا مَرَّتْ بذي خُشُبٍ رِكابي

غريباً عن ديارِ بني تميمٍ … وَما يُخزي عَشيرَتيَ اغْتِرابي

لَقَدْ عَلِمَ الفَرَزْدَقُ أنّ قَوْمي … يعدونَ المكارمَ للسباب

يحشونَ الحروبَ بمقرباتٍ … و داؤودية ٍ كأضا الحبابِ

إذا آباؤنَا وَأبُوكَ عُدّوا … أبانَ المقرفاتُ منَ العرابِ

فأورثكَ العلاة َ وأورثونا … رباطَ الخيلِ أفنية َ القبابِ

أجِيرانَ الزّبيرِ غَرَرْتُمُوهُ، … كما اعترَّ المشنهُ بالسرابِ

و لوْ سارَ الزبيرُ فحلَّ فينا … لَمَا يَئِسَ الزّبَيرُ مِنَ الإيَابِ

لأصْبَحَ دُونَهُ رَقَماتُ فَلْجٍ … و غبرُ اللامعاتِ منَ الحداب

وَما باتَ النّوائِحُ من قُرَيْشٍ … يُراوِحْنَ التّفَجّعَ بانْتِحابِ

ألَسْنَا بالمُجاوِرِ نَحْنُ أوْفَى ، … و أكرمَ عند معترك الضراب

وَأحْمَدَ حينَ تُحْمَدُ بالمَقاري … وَحالَ المُرْبِعاتُ منَ السّحابِ

وأوفى للمجاورِ إنْ أجرنا … و أعطى للنفيسات الرغابِ

قَدُومٌ غَيرُ ثابِتَة ِ النِّصَابِ … صدوراً لخيلَ تنحطُ في الحراب

وَطِئْنَ مُجاشِعاً وَأخَذْنَ غَضبْاً … بنيِ الجبارِ في رهجِ الضبابِ

فَمَا بَلَغ الفَرَزْدَقُ في تَميمٍ … تَخَيُّريَ المَضارِبَ وَانْتِخابي

أنا ابنُ الخالدينِ وآلِ صخرٍ … أحَلاّني الفُرُوعَ وَفي الرّوَابي

وَيَرْبُوعٌ هُمُ أخَذُوا قَديماً … عَلَيكَ مِنَ المكارِمِ كلّ بابِ

فلا تفخرْ وأنتَ مجاشعيُّ … نخيبُ القلبِ منخزقُ الحجاب

إذا عدت مكارمها تميمٌ … فَخَرْتَ بمَرْجَلٍ وَبِعَقْرِ نابِ

كَفَينَا يَوْمَ ذي نَجَبٍ وَعُذتمْ … بسَعْدٍ يَوْمَ وَارِدَة ِ الكِلابِ

أتَنْسَى بالرّمادَة ِ وِرْدَ سَعْدٍ … كَما وَرَدوا مُسَلَّحة َ الصّعابِ

أما يدعُ الزناءَ أبو فراس … وَلا شُرْبَ الخَبيثِ من الشّرابِ

و لامتْ في الحدود وعاتبتهُ … فقَددْ يَئِستْ نُوَارُ مِنَ العِتابِ

فَلا صَفْوٌ جَوَازُكَ عِندَ سَعْدٍ … و لا عفُّ الخليفة ِ في الربابِ

لَقَدْ أخزاكَ في نَدَواتِ قَيْسٍ … و في سعدٍ عياذكَ من زبابِ

على غيرِ السواءِ مدحتَ سعداً … فزدهمْ ما استطعتَ منَ الثوابِ

هموا قتلوا الزبيرَ فلمْ تنكرْ … وَعَزّوا رَهْطَ جِعثنَ في الخطابِ

و قد جربتني فعرفتْ أني … على خطرِ المراهنِ غيرُ كابي

سبقتُ فجاءَ وجهي لم يغبرْ … وَقد حَطَمَ الشّكيمَة َ عضُّ نابي

سأذكرُ من هنيدة َ ما علمتم … وَأرْفَعُ شأنَ جِعْثنَ وَالرَّبابِ

و عاراً منْ حميدة َ يومَ حوطٍ … و وقعاً منْ جنادلها الصلاب

فأصبَحَ غالِياً فتَقَسّمُوهُ … عليكمْ لحمُ راحلة ِ الغرابِ

لنا قيسٌ عليكَ وأيُّ يومِ … إذا ما احمَرّ أجنِحَة ُ العُقابِ

أتَعْدِلُ في الشّكِيرِ أبَا جُبَيرٍ … إلى كعبٍ ورابيتي كلابِ

وجدتُ حصى هوازنَ ذا فضول … وَبَحراً يا ابنَ شعِرَة َ ذا عُبابِ

و في غطفانَ فأجتنبوا حماهمْ … لُيُوثُ الغَيْلِ في أجَمٍ وغابِ

… إذا ركبوا وخيلِ بني الحباب

هموا جذوا نبي جشم بنِ بكر … بلبيَّ بعدَ يوم قرى الزوابي

و حيُّ محاربَ الأبطالِ قدماً … أولوا بأس وأحلام رغاب

خطاهمْ بالسيوف إلى الأعادي … بوصلِ سيوفهم يومَ الضرابِ

تحككُ بالوعيدِ فانَّ قيساً … نَفَوْكُمْ عَنْ ضَريّة َ وَالجِنابِ

ألَمْ تَرَ مَنْ هَجاني كَيفَ يَلقى … إذا غبَّ الحديثُ من العذاب

يَسبُّهُمُ بسَبّي كُلُّ قَوْمٍ، … إذا ابتدرتْ محاورة ُ الجواب

و كاهمُ سقيت نقيعَ سمٍّ … بِبابَيْ مُخْدِرٍ ضَرِمِ اللّعَابِ