أكان الصبا إلّا خيالا مُسلِّما – البحتري

أكَانَ الصّبا إلاّ خَيالاً مُسَلِّما، … أقَامَ كَرَجْعِ الطّرْفِ، ثمّ تَصَرّما

أرَى أقصَرَ الأيّامِ أحْمَدَ في الصِّبا … وأطْوَلَهَا مَا كَانَ فيهِ مُذَمَّمَا

تَلَوّمْتُ في غَيّ التّصَابي، فَلَمْ أُرِدْ … بَدِيلاً بهِ، لَوْ أنّ غَيّاً تُلُوِّمَا

وَيَوْمَ تَلاقٍ، في فِرَاقٍ، شَهِدْتُه … بِعَيْنٍ، إذا نَهنَهْتُها دَمَعََتْ دَمَا

لحِقْنا الفَرِيقَ المُستَقِلّ ضُحَى وَقدْ، … تَيَمّمَ مِنْ قَصْدِ الحِمَى مَا تَيَمّما

فقُلتُ: انْعِمُوا مِنّا صَبَاحاً، وإنّما … أرَدْتُ بِما قُلتُ الغَزَالَ المُنَعَّمَا

وَمَا بَاتَ مَطْوِيّاً عَلى أرْيَحِيّةٍ، … بعُقْبِ النّوَى إلاّ امرُؤٌ باتَ مُغرَمَا

غَنِيتُ جَنِيباً للغَوَانِي يَقُدْنَني … إلى أنْ مَضَى شرْخُ الشّبابِ، وَبعدَمَا

وَقِدْماً عَصَيتُ العاذِلاَتِ، وَلَمْ أُطعْ … طَوَالِعَ هذا الشّيْبِ، إذْ جِئنَ لُوَّمَا

أقُولُ لثَجّاجِ الغَمامِ، وَقَد سَرَى … بمُحتَفَلِ الشّؤبُوبِ صَابَ فعَمّمَا

أقِلَّ وأكْثِرْ لَستَ تَبْلُغُ غايَةً … تَبينُ بِها حَتّى تُضَارِعَ هَيْثَما

وهُوالمَوْتُ وَيْلٌ منهُ لا تَلْقَ حَدّهُ، … فمَوْتُكَ أنْ تَلقاهُ في النّقعِ مُعلَمَا

فَتًى لَبِسَتْ منهُ اللّيالي مَحَاسِناً، … أضَاءَ لَها الأُفْقُ الذي كانَ مُظِلْمَا

مُعاني حُرُوبٍ قَوّمَتْ عَزْمَ رَأيِهِ، … وَلَنْ يَصْدُقَ الخَطّيُّ، حتّى يُقَوَّمَا

غَدا وَغَدَتْ تَدْعُو نِزَارٌ وَيَعرُبٌ … لَهُ أنْ يَعيشَ الدّهرَ فيهِمْ، وَيَسْلَمَا

تَوَاضَعَ مِنْ مَجْدٍ لَهُمْ وَتَكَرّمٍ، … وَكُلُّ عَظيمِ لا يُحِبُّ التّعَظّمَا

لِكُلّ قَبيلٍ شُعْبَةٌ مِنْ نَوَالِهِ، … وَيَختَصُّهُ منهُمْ قَبيلٌ، إذا انتَمَى

تَقَصّاهُمُ بالجُودِ، حتّى لأقْسَمُوا … بأنّ نَداهُ كانَ والبَحْرَ تَوْءَمَا

أبَا القَاسِمِ استَغْزَرْتَ دَرّ خَلائقٍ، … مَلأنَ فِجَاجَ الأرْضِ بُؤسَى وأنْعُمَا

إذا مَعشَرٌ جَارَوْكَ في إثرِ سُؤدَدٍ، … تأخّرَ مِنْ مَسعاتهِمْ ما تَقَدّما

سَلامٌ، وَإنْ كَانَ السّلامُ تَحِيَّةً، … فوَجْهُكَ دونَ الرّدّ يكفي المُسَلِّمَا

ألَستَ تَرَى مَدّ الفُراتِ كأنّهُ … جبالُ شَرَوْرَى جِئْنَ في البَحرِعُوَّمَا

وَلَمْ يَكُ مِنْ عاداتِهِ غَيرَ أنّهُ … رَأى شِيمَةً مِنْ جَارِهِ، فَتَعَلَّما

وَمَا نَوّرَ الرّوْضُ الشآميُّ بَلْ فَتًى … تَبَسّمَ مِنْ شعرْقِيّهِ، فَتَبَسّما

أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً … منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا

وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى … أوائِلَ وَرْدٍ كُنّ بالأمْسِ نُوَّمَا

يُفَتّقُهَا بَرْدُ النّدَى، فكَأنّهُ … يَنِثُّ حَديثاً كانَ قَبلُ مُكَتَّمَا

وَمِنْ شَجَرٍ رَدّ الرّبيعُ لِبَاسَهُ … عَلَيْهِ، كَمَا نَشَّرْتَ وَشْياً مُنَمْنَما

أحَلَّ، فأبْدَى لِلْعُيونِ بَشَاشَةً، … وَكَانَ قَذًى لِلْعَينِ، إذْ كانَ مُحْرِما

وَرَقّ نَسيمُ الرّيحِ، حتّى حَسِبْتُهُ … يَجىءُ بأنْفَاسِ الأحِبّةِ، نُعَّمَا

فَما يَحبِسُ الرّاحَ التي أنتَ خِلُّهَا، … وَمَا يَمْنَعُ الأوْتَارَ أنْ تَتَرَنّما

وَمَا زِلْتَ خِلاًّ للنّدَامى إذا انتَشُوا، … وَرَاحُوا بُدوراً يَستَحِثّونَ أنْجُمَا

تَكَرّمتَ من قَبلِ الكؤوسِ عَلَيهِمِ، … فَما اسطَعنَ أنْ يُحدِثنَ فيكَ تَكَرُّمَا

التعليقات 1
تسنيم الخطيب
07/04/2020 pm 04:17

ممكن شرح اخر ثلاث ابيات