أغنية من خشب – عبدالله البردوني
لماذا العدوّ القصي اقرب ؟ … لأن القريب الحبيب اغترب
لأن الفراغ اشتهى الامتلاء … بشيء فجاء سوى المرتقب
لأنّ الملقّن واللاعبين … ونظّارة العرض هم من كتب
لماذا استشاط زحام الرماد ؟ … تذكر أعراقه فاضطرب
لأن ((أبا لهب)) لم يمت … وكلّ الذي مات ضوء اللهب
فقام الدخان مكان الضياء … له ألف رأس وألفا ذنب
لأنّ الرياح اشترت أوجهها … رجالية والغبار انتخب
أضاعت ((أزل)) بنيها غدت … لكلّ دعي كأم وأب
وأقعت ، لها قلب فاشيّة … ووجه عليه سمات العرب
فهل تلك صنعاء؟ يفرّ اسمها … أمام التحرّي ، ويعوي النّسب
وراء الستار الظفاري عيون … صليبية ، وفم مكتسب
عجوز تئنّ بعصر الجليد … وتلبس آخر ما يجتلب
لماذا الذي كان ما زال يأتي ؟ … لأنّ الذي سوف يأتي ذهب
لأنّ الوجوه استحالت ظهورا … تفتّش عن لونها المغتصب
لأنّ المغني أحبّ كثيرا … كثيرا ، ولم يدر ماذا أحب
لماذا تمنّى الظروف الحنين … فتغري وتعرض غير الطلب
تغلّ العواسج في كلّ آن … وفي كلّ عام يغلّ العنب
لماذا ، لماذا ركام يمرّ … ركام يلي دون أدنى سبب ؟
ويستنفر الغضب الحمحمات … قليلا ، ويعتاد يعيى الغضب
ويحصى الطريق … جدار مشى … جدار سيمشي ، جدار هرب
ولا شيء غير جدار يقوم … بوجهي … وثان يعدّ الركب
وتحكي ـ أعاجيب من أدبروا … وجاؤوا ـ شبابيك (بئر العزب)
ولم يمض شيء يسمّى غريبا … ولم يأت شيء يسمّى عجب
لأن الصباح دجى ، والدّجى … ضحى ، ليس يدري لماذا غرب
فلا الصدق يبدو كصدق ولا … أجاد أكاذيبه من كذب
لماذا ؟ ويمحو السؤال … وينسى الجواب اسمه واللّقب
ويضي المغنّى يديه وفاه … وشيء يجلمد حسّ الطرب
فتمضي القوارب مقلوبة … وتأتي وينسى المحيط الصخب
ويصحو الغرام يرى أنّه … على ظهر أغنية من خشب