أصْبَحَ حَبْلُ وَصْلِكُمُ رِمَامَا، – جرير

أصْبَحَ حَبْلُ وَصْلِكُمُ رِمَامَا، … وَمَا عَهْدٌ كَعَهْدِكِ، يا أُمَامَا

إذا سَفَرَتْ، فَمَسْفَرُهَا جَمِيلٌ، … و يرضى العينَ مرجعها اللثاما

ترى صديانَ مشرعة ً شفاءً … فجامَ وليسَ واردها وحاما

أمنيتِ المنى وخلبتِ حتى َّ … تَرَكْتِ ضَمِيرَ قَلْبي مُسْتَهَامَا

سقى الأدمى بمسبلة ِ الغوادي … وَسُلْمَانِينَ مُرْتَجِزاً رُكَامَا

سَمِعْتُ حَمَامَة ً طَرِبَتْ بِنَجْدٍ، … فما هجتَ العشية َّ يا حماما

مُطَوَّقَة ً، تَرَنَّمُ فَوْقَ غُصْنٍ، … إذا ما قلتُ مالَ بها استقاما

سقى اللهُ البشامَ وكلَّ أرضٍ … مِنَ الغَوْرَيْنِ أنْبَتَتِ البَشَامَا

كَأنّكَ لَمْ تَسِرْ بِجَنُوبِ قَوٍّ، … و لمْ تعرفْ بناظرة َ الخياما

عرفتُ منازلاً بجمادِ قوٍّ … فَأسْبَلْتُ الدّمُوعَ بِهَا سِجَامَا

وَلا أنْسَى ضَرِيّة َ وَالرِّجَامَا … وَقَدْ تَرَكَ الوَقُودُ بِهِنّ شَامَا

وقفتُ على َ الديارِ فذكرتني … عهوداً منْ جعادة َ أوْ قطاما

أظاعنة ٌ جعادة ُ لمْ تودعْ … أحبُّ الظاعنينَ ومنْ أقاما

فقلتُ لصحبتي وهمُ عجالٌ … بِذي بَقَرٍ: ألا عُوجُوا السّلامَا

صِلُوا كَنَفي الغَدَاة َ وَشَيّعُوني، … فانَّ عليكمُ منيَّ زماما

فَقَالوا: مَا تَعُوجُ بِنَا لِشَيء، … إذا لمْ تلقهمْ إلاَّ لماما

مِنَ الأُدَمَى أتَيْنَكَ مُنْعَلاتٍ … يُقَطِّعْنَ السّرَائِحَ، وَالخِدامَا

فليتَ العيسَ قدْ قطعتْ بركبٍ … و عالاً أوْ قطعنَ بنا صواما

كأنَّ حداتنا الزجلينَ هاجوا … بخبتٍ أو سماوتهِ نعاما

تخاطرُ بالأدلة أمُّ وحشٍ … إذا جَازُوا تَسُومُهُمُ الظِّلامَا

مخفقة ً تشابهُ حينَ يجري … حبابُ الماءِ وارتدتِ القتاما

تَرَى رَكْبَ الفَلاة ِ، إذا عَلَوْهَا، … على َ عجلٍ وسيرهمُ اقتحاما

إذا نَشَزَ المَخَارِمَ في ضُحَاها، … حَسِبْتَ رِعَانَهَا حُصُناً قِيَامَا

أبِيتُ اللّيْلَ أرْقُبُ كُلَّ نَجْمٍ، … مُكَابَدَة ً لِهَمّيَ وَاحْتِمَامَا

مشيتَ على َ العصا وحنونَ ظهري … و ودعتُ المواركَ والزماما

و كيفَ ولا أشدُّ حبالَ رحلٍ … أرُومُ إلى زِيارَتِكِ المَرَامَا

منَ العيديَّ في نسبِ المهاري … تُطِيرُ عَلى أخِشّتِهَا اللُّغَامَا

وَتَعْرِفُ عِتْقَهُنّ عَلى نُحُولٍ، … وَقَدْت لَحِقَتْ ثَمَائِلَهَا انْضِمَامَا

كَأنّ عَلى مَنَاخِرِهِنّ قُطْناً، … يطيرُ ويعتممنَ بهِ اعتماما

أمِيرُ المُؤمِنِينَ قَضَى بِعَدْلٍ، … أحَلَّ الحِلّ، وَاجْتَنَبَ الحَرَامَا

أتمَّ اللهُ نعتمهُ عليكمْ … وَزَادَ الله مُلْكَكُمُ تَمَامَا

و باركَ في مسيركم مسيراً … و باركَ في مقامكمُ مقاما

بِحَقّ المُسْتَجِيرِ يَخَافُ رَوْعاً، … إذا أمْسَى بِحَبْلِكَ أنْ يَنَامَا

فيا ربَّ البرية ِ أعطِ شكراً … وَعَافِيَة ً، وَأْبْقِ لَنَا هِشَامَا

و ثقنا بالنجاحِ إذا بلغنا … إمَامَ العَدْلِ وَالمَلِكَ الهُمَامَا

عطاءُ اللهِ ملككَ النصارى … وَمَنْ صَلّى لقِبْلَتِهِ، وصَامَا

تعافي السامعينَ إذا أطاعوا … و لكنَّ العصاة َ لقوا غراما

و كانَ أبوكَ قدْ علمتْ معدٌّ … يُفَرِّجُ عَنْهُمُ الكُرَبَ العِظَامَا

و قدْ وجدوكَ أكرمهمْ جدوداً … إذا نُسِبُوا، وَأثْبَتَهُمْ مَقَامَا

و تحرزُ حينَ تضربُ بالمعلى … منَ الحسبِ الكواهلَ والسناما

إلى المهديَّ نفزعُ إنْ فزعنا … وَنَسْتَسقي، بِغُرّتِهِ، الغَمَامَا

و ما جعلَ الكواكبَ أو سهيلاً … كَضَوْء البَدْرِ يَجْتَابُ الظّلامَا

و حبلُ اللهِ تعصمكمْ قواهُ … فلا تحشى لعروتهِ انفصاما

وَيَحْسَرُ مَنْ تَرَكْتَ فلَم تُكَلِّمْ، … وَيغْبَطُ مَنْ تُرَاجِعُهُ الكَلامَا

رضينا بالخليفة ِ حينَ كنا … لهُ تبعاً وكانَ لنا إماما

تباشرتِ البلادُ لكمْ بحكمٍ … أقامَ لنا الفرائضَ واستقاما

و ريشي منكمُ وهوايَ فيكمْ … وَإنْ كَانَتْ زِيَارَتُكُمْ لِمَامَا

و قيتَ الحتفَ منْ عرضِ المنايا … و لقيتَ التحية َ والسلاما

لَقَدْ عَلِمَ البَرِيّة ِ، مِنْ قُرَيْشٍ … و منْ قيسٍ مضاربهُ الكراما

نمماكَ الحارثانِ وعبدُ شمسٍ … إلى العَلْيَا، فَعِزُّكَ لَنْ يُرَامَا

سيوفُ الخالدينَ صدعنَ بيضاً … عَلى الأعْداء في لَجِبٍ وَهَامَا

وَسَيْفُ بَني المُغِيَرة ِ لَمْ يُقَصِّرْ؛ … سيوفُ اللهِ دوختِ الأناما

رَأيْتُ المَنْجَنِيقَ، إذَا أصَابَتْ … بِنَاءَ الكُفْرِ، هَدّمَتِ الرُّخَامَا