أصيخوا فمن طورِ انبعث الندا – ابن سهل الأندلسي

أصيخوا فمن طورِ انبعث الندا … وشِيموا فإنَّ النور في الشرقِ قد بدا

هو الفتحُ قَدْ فاجَا فأحيا كأنّما … هو القطرُ لم يضربْ مع الأرضِ موعدا

أتى اليسرُ يسعى في طريقٍ خفية ٍ … كما طَرقَ الإغفاءُ جفناً مُسَهَّدا

كتمت بها هديَ الإمارة ِ مدة ً … فعالَ كميّ يذخرُ السيفَ مغمدا

و لما انتضاهُ أدركَ النصرَ منهى ً … بحديه لما استقبلَ الحزمَ مبتدا

لقد نسقتْ يُسرينِ في العسرِ بيعة ٌ … حوَتْ إمرة ً عُليا وَعَهْداً مجدَّدا

فذي تَنْشُرُ الرائينَ شَمْساً منيرة ً … و ذا يكنفُ الآوينَ ظلاًّ ممددا

وذي معقلٌ نائي الذُّرى لمن انطوَى … و ذا مرتعٌ داني الجنى لمن اجتدى

فقَدْ طلَعَ البَدْرانِ بالسَّعدِ والسَّنا … وقَدْ مُزِجَ البحرانِ بالبأسِ والندى

فيا أهلَ حِمصٍ أيقظوا من رجائكُمْ … فقدْ جاء أمرٌ ليس يترككمْ سدى

و قدْ بلغتْ شكوى الجزيرة مشفقاً … و وافى صراخُ الحيَّ شيحانَ منجدا

ونِيطَتْ أماني أهلِ دينِ محمّدٍ … بذي سيرٍ ترضى النبيَّ محمدا

حباكمْ أميرُ الهَدْيِ مِنْ أهلِ بيتِهِ … بأدناهُمُ قُربَى وأبعدِهِمْ مدى

بأروعَ حلَّ البدرُ منهُ مفارقاً … ونسجُ القوافي مِعْطَفاً والنَّدى يَدا

فأرْعِ بِهِ عَيْنَيْكَ طَلْعَة َ ماجدٍ … تختَّمَ بالعلياءِ واعتمَّ وارْتَدى

سما حيثُ لم يُلْحَقْ فَلَوْلا انفرادُهُ … هنالِكَ مِنْ تِرْبٍ لخلناهُ فَرقدا

وما ضرَّ أنْ غابَ الأميرُ وخصَّكُمْ … بِتابِعِهِ قولاً وفِعْلاً ومحتِدا

تلفُّهما في العنصرِ الحرِّ نِسبَة ٌ … كما قُبِسَ المصباحُ أو قُسِمَ الرِّدا

و ما بعدتْ شمسُ الضحى في محلها … وقَدْ ألحفَتْكُمْ نُورَها متوقّدا

إذا المزنُ أهدى الأرضَ صفو قطارهِ … فقد زارَ بالمعنى وأخفى التمهدا

أبا فارسٍ حَسْبُ الأمانيِّ أنّها … نجومٌ تلقّتْ مِنْ قُدومِكَ أسْعُدا

طلعتَ فأبهجتَ المنابرَ بالتي … بَنَتْ فوقَها أعلى وأبقى وأرشدا

فلو أنَّ عوداً مادَ في غيرِ منبٍ … لأبصرتها من شدة ِ الزهوِ ميدا

لك الحكمُ في دين الصليبِ وأهلهِ … تُسالِمُ ممتنّاً وتَغْدو مؤيَّدا

إليكَ حدا الإسلامُ رأياً وراية ً … فأوسعهما عنهُ سداداًْ وسؤددا

وإنّا لنرجو مِنْ مَضائِكَ هَبّة ً … تُعيدُ عَلى الدِّينِ الشبابَ المجدَّدا

فقد أنشأتكَ الحربُ في حجراتها … كما تَطْبعُ النارُ الحسامَ المهنّدا

ألفتَ من الأعلامِ والدمِ والظُّبى … تصلُّ، أغاريداً وظلاًّ وَمَوْرِدا

تَرى السيفَ يدمى والقناة َ كأنّما … ترى معطفاً لدناً وخداً موردا

فَكَمْ مِنْ ضَجِيعٍ رائقٍ بحشيّة ٍ … تعوضتَ منها أجرداً ومجردا

تهشُّ إلى الأقرانِ حتى كأنما … تُلاقي لدى الرَّوعِ الحبائبَ لا العِدا

يميناً لأنتَ الليثُ لولا حزامة ٌ … ترينا بعطفيك اللاصَ المسردا

سريتَ مسيرَ الصبحِ لا يعرفُ الونى … و لا ينكرُ الصيقين بحراً وفرقدا

فهل خلتَ غبرَ البيدِ روضاً منوؤاً … وهل خلتَ لُجَّ اليمّ صَرْحاً ممرَّدا

غدا منكَ هذا البحرُ للناسِ ساحلاً … أصابت به الغرقى ملاذاً من الردى

أتى بكَ أفشَى منهُ صيتاً وهيبة ً … و أغربَ أنباءً وأندى وأجودا

أما إنَّ هذا البحرَ أهداكَ حجة ً … لمن قالَ إنَّ الغيثَ منهُ تولدا

أآلَ أبي حفصٍ خذوها بقوة ٍ … و حلوا لها في ساحة ِ الصدقِ مقعدا

فأنتم ألولوها ما لكمْ منً منازعٍ … و إن أنكرتْ شمسَ الضحى عينُ أرمدا

هبوا غيركمْ نال الإيالة َ قبلكمْ … وأصدَرَ فِيها مُسْتَبِدّاً وأوردا

كذاك يسوسُ البيضَ فينٌ وصيقلٌ … و ما فخرها إلاً لمن قدْ تقلدا

إذا ما اقتدى الأعلى بمنْ هوَ دونهُ … فغرُّ الغوادي والدراري لكمْ فدا

وإن ضَحِكَتْ سنُّ الهدى عن إمارة ٍ … فعنكمْ وعنْ أيامكم يضحكُ الهدى

ودُونَكَ مِن دُرِّ الثّناءِ مُنَظَّماً … بحيثُ غدا دُرُّ الهباتِ مُبَدَّدا

قوافٍ لكَ انساغتْ وفيكَ تيسرتْ … شياعاً فأضحَتْ في ثنائِكَ شُرَّدا

فأصبحَ سُؤلي مِنْ سَماحك مُتْهِماً … و أصبحَ شعري في معاليك منجدا