أدرها بين مزمار وعود – لسان الدين الخطيب
أدرها بين مزمار وعود … ودونك فاغتنم زمن السعود
فبرد الروض مرقوم الحواشي … ودر الطل منظوم العقود
وجنح الليل مطوي النواحي … وضوء الفجر منشور البنود
وخذها والبلابل في خصام … وجنح الصبح ملتهب الوقود
عرائس في حلى الكاسات تجلى … موردة الترائب والخدود
خطبناها وكان الأنس مهرا … وألحان القيان من الشهود
شموسا كلما غربت ولاحت … على الأفواه تطلع في الخرود
وفاتنة اللحاظ إذا تثنت … رأيت الغصن يمرح في البرود
غزالة ربرب ومهاة قفر … تعود طرفها صيد الأسود
فتمرضها بألحاظ مراض … وتسهرها بأجفان رقود
إذا ما استنطقت نغم المثاني … ثنينا هزة قضب القدود
حمدت يد الزمان علي لما … نعمت بها على رغم الحسود
أقول لصاحبي والراح تجري … وورد الأنس مبذول الورود
وقد ماست غصون البان سكرا … من الأوراق في خضر البرود
تهز يد النسيم الطل فيها … فتحسبها ولائد في مهود
وإن قام الغمام بها خطيبا … ترى الإبريق يسرع في السجود
جنان بينهن الحور تمشي … أحقا هذه دار الخلود
تمتع فالزمان لنا كفيل … بإنجاز المؤمل والوعود
فقد عاد الزمان اليوم عيدا … وهز البشر أعطاف الوجود
بأوبة يوسف رب الأيادي … ومحي الدين من بعد الخمود
جمال الملك مبتدع المعالي … ثمال الخلق منتجع الوفود
نمته من الخلائف آل نصر … أولى الغايات من باس وجود
ودان له الزمان فدام فيه … قرير العين منصور الجنود