أحل هريم يوم بابل بالقنا – الفرزدق

أحَلّ هُرَيْمٌ يَوْمَ بَابِلَ بِالقَنَا … نُذُورَ نِسَاءٍ مِنْ تَميمٍ فَحَلّتِ

فَأصْبَحْنَ لا يَشْرِينَ نَفْسَاً بِنْفْسِه … مِنَ النّاسِ، إنْ عَنْهُ المَنيّةُ زَلّتِ

يَكُونُ أمَامَ الخَيْلِ أوّلَ طاعِنٍ، … وَيَضْرِبُ أُخْرَاهَا، إذا هيَ وَلّتِ

عَشِيّةَ لا يَدْرِي يَزيِدُ أيَنْتَحي … على السّيفِ أمْ يُعطي يداً حينَ شَلّتِ؟

وَأصْبَحَ كالشقْرَاءِ تُنحَرُ، إن مَضَتْ، … وَتُضرَبُ سَاقَاها، إذا مَا تَوَلّتِ

لَعَمْرِي لَقَدْ جَلّى هُرَيمٌ بسَيْفِهِ … وُجُوهاً عَلَتْها غُبْرَةٌ فَتَجَلّتِ

وَقَائِلَةٍ: كَيْفَ القِتَالُ، وَلَوْ رَأتْ … هُرَيْماً لَدَارَتْ عَيْنُها وَاسمَدَرّتِ

وَمَا كَرّ إلاّ كانَ أوّلَ طَاعِنٍ، … وَلا عَايَنَتْهُ الخَيْلُ إلاّ اشمأزّتِ

أتَاكَ ابنُ مَرْوَانٍ يَقُودُ جُنُودَهُ، … ثَمَانِينَ ألْفاً، خَيْلُها قَد أظَلّتِ

فَلَمْ يُغْنِ ما خَندَقْتَ حَوْلكَ نقرَةً … منَ البِيضِ من أغمادِها حينَ سُلّتِ

كأنّ رُؤوس الأزْدِ خُطْبَانُ حَنظلٍ … تَخِرّ عَلى أكْتافِهِمْ حِينَ وَلّتِ

أتَتْكَ جُنُودُ الشّام تَخفِقُ فَوْقَها … لِهَا خِرَقٌ كالطّيْرِ حِينَ اسْتقَلّتِ

تُخَبّرُكَ الكُهّانُ أنّكَ نَاقِضٌ … دِمشق التي كانَتْ إذا الحرْبُ حَرّتِ

صُخورُ الشظا من فرْع ذي الشَّرْي فانتمتْ … فطالَتْ على رَغْمِ العِدى فاشمَخرّتِ

ألَمْ يَكُ للبَرْشاءِ هادٍ يُقِيمُهَا … على الحَقّ إذ كانتْ بها الأزْدُ ضَلّتِ

أتَابِعَةُ الأوْثَانِ بَكْرُ بنُ وَائِلٍ، … وَقَد أسلَمَتْ تِسعِينَ عاماً وَصَلّتِ؟