أتَعُزُّ أنْتَ عَلى رُسُوم مَغَانِ، – أبو فراس الحمداني

أتَعُزُّ أنْتَ عَلى رُسُوم مَغَانِ، … فأقيمَ للعبراتِ سوقَ هوانِ

فَرْضٌ عَليّ، لِكُلّ دارٍ وَقْفَة ٌ … تقضي حقوقَ الدارِ والأجفانِ

لولا تذكر منْ هويتُ بـ ” حاجرٍ ” … لم أبكِ فيهِ مواقدَ النيرانِ

ولقدْ أراهُ ، قبيلَ طارقة ِ النوى ، … مأوى الحسانِ ، ومنزلَ الضيفانِ

وَمَكَانَ كُلّ مُهَنّدٍ، وَمَجَرَّ كُـ … لِّ مثقفٍ ، ومجالَ كلِّ حصانِ

نَشَرَ الزّمَانُ عَلَيْهِ، بَعْدَ أنِيسِهِ، … حللَ الفناءِ ؛ وكلَّ شيءٍ فانِ ‍

وَلَقَدْ وَقَفْتُ فَسَرّني مَا سَاءَني … فيهِ ، وأضحكني الذي أبكاني

ورأيتُ في عرصاتهِ مجموعة ً … أسدَ الشرى ، وربائبِ الغزلانِ

يَا وَاقِفَانِ، مَعِي، عَلى الدّارِ اطلُبا … غَيرِي لهَا، إنْ كُنْتُمَا تَقِفَانِ

مَنَعَ الوُقُوفَ، على المَنَازِلِ، طارقٌ … أمَرَ الدّمُوعَ بِمُقْلَتي وَنَهاني

فَلَهُ، إذا وَنَتِ المَدامِعُ أوْ هَمَتْ، … عِصْيَانُ دَمعي، فِيهِ، أوْ عِصْيَاني

إنا لجمعنا البكاءُ ، وكلنا … يبكي على شجنٍ منَ الأشجارِ

ولقدْ جعلتُ الحبَّ سترَ مدامعي … وَلِغَيرِهِ عَيْنَايَ تَنْهَمِلانِ

أبْكي الأحِبّة َ بِالشّآمِ، وَبَيْنَنَا … قُلَلُ الدّرُوبِ وَشَاطِئَا جَيْحَانِ

وَحُسِبْتُ فِيمَا أشْعَلَتْ نِيرَاني … مثلي على كنفٍ منَ الأحزانِ

فضلتْ لديَّ مدامعٌ فبكيتُ للـ … ـبَاكِي بِهَا، وَوَلِهْتُ لِلْوَلْهَانِ

ما لي جَزِعْتُ مِنَ الخُطُوبِ وَإنّمَا … أخَذَ المُهَيْمِنُ بَعْضَ مَا أعطاني

ولقد سررتُ كما غممتُ عشائري … زَمَناً، وَهَنّأني الّذِي عَنّاني

وأسرتُ في مجرى خيولي غازياً … وحبستُ فيما أشعلتْ نيراني

يرمي بنا ، شطرَ البلادِ ، مشيعٌ … صَدْقُ الكَرِيهَة ِ، فائِضُ الإحسانِ

بَلَدٌ، لَعَمْرُكَ، لمْ أزَلْ زَوّارَهُ … معَ سيدٍ قرمٍ أغرَّ ، هجانِ

إنّا لَنَلْقى الخَطْبَ فِيكَ وَغَيرَهُ … بموفقٍ عندَ الخطوبِ ، معانِِ

وَلَطَالَمَا حَطّمْتُ صَدْرَ مُثَقَّفٍ، … وَلَطَالَمَا أرْعَفْتُ أنْفَ سِنَانِ

وَلَطَالَما قُدْتُ الجِيَادَ إلى الوُغى … قُبَّ البُطُونِ، طَوِيلَة َ الأرْسَانِ

وأنا الذي ملأَ البسيطة َ كلها … ناري ، وطنَّبَ في السماءِ دخاني

إنْ لمْ تكنْ طالتْ سنيَّ فإنَّ لي … رأيَ الكُهُولِ وَنَجْدَة َ الشّبَانِ

قَمِنٌ، بِمَا سَاءَ الأعَادِي، مَوْقفي، … وَالدّهرُ يَبْرُزُ لي مَعَ الأقْرَانِ

يمضي الزمانُ ، وما ظفرتُ بصاحبٍ … إلاَّ ظفرتُ بصاحبٍ خوانِ

يَا دَهْرُ خُنتَ مَعَ الأصَادِقِ خُلّتي … وَغَدَرْتَ بي في جُمْلَة ِ الإخْوَانِ

لَكِنّ سَيْفَ الدّوْلَة ِ المَوْلَى الّذِي … لمْ أنسهُ وأراهُ لا ينساني

أيُضِيعُني مَنْ لَمْ يَزَلْ ليَ حافِظاً، … كَرَماً، وَيَخفِضني الّذِي أعْلاني

خِدْنُ الوَفَاءِ، وَلا وَفيٌّ غَيْرَهُ، … يَرْضَى أُعَاني ضِيقَ حَالَة ِ عَانِ

إنّي أغَارُ عَلى مَكَانيَ أنْ أرَى … فيهِ رجالاً لا تسدُ مكاني

أو أنْ تكونَ وقيعة ٌ أو غارة ٌ … ما لي بها أثرٌ معَ الفتيانِ

إقرا السلامَ ، على الذينَ سيوفهمْ … ـمّا أُحْرِجُوا، عَطَفوا على هَامَانِ

سَيفَ الهُدى من حَدّ سَيفِكَ يُرْتجى … يومٌ ، يذلُ الكفرَ للإيمانِ

هَذِي الجُيوشُ، تجيشُ نحوَ بِلادِكم … مَحْفُوفَة ً بِالكُفْرِ وَالصُّلْبَانِ

ألبغيُ أكثرُ ما تقلُّ خيولهمْ … وَالبَغْيُ شَرُّ مُصَاحِبِ الإنْسَانِ

لَيْسُوا يَنُونَ، فلا تَنُوا في أمرِكُمْ، … لاَ ينهضُ الواني لغيرِ الواني

غضباً لدينِ اللهِ أنْ لا تغضبوا … لَمْ يَشْتَهِرْ في نَصْرِهِ سَيْفَانِ

حَتى كَأنّ الوَحْيَ فِيكُمْ مُنْزَلٌ، … ولكمْ تُخصُ فضائلُ القرآنِ

قَدْ أغضَبُوكُمْ فاغضَبُوا، وَتأهّبُوا … لِلْحَرْبِ أُهْبَة َ ثَائِرٍ، غَضْبَانِ

فـ ” بنو كلابٍ ” وهيَ قلٌّ أغضبتْ … فدهتْ قبائلُ ” مسهرِ بنِ قنانِ “

وَبَنُو عُبَادٍ، حِينَ أُحْرِجَ حارِثٌ … جروا التخالفَ في “بني شيبانِ”

خلُّا ” عدياً ” ، وهوَ صاحبُ ثأرهمْ … كَرَماً، وَنَالوا الثّأرَ بابنِ أبَانِ

وحماة ُ ” هاشمَ ” حينَ أخرجَ صدرها … جروا البلاءَ على ” بني مروانِ”

وَالتّغْلَبِيّونَ احْتَمَوْا عَنْ مِثْلِهَا … فعدوا على العادينَ بـ ” السُّلاَّنِ “

وبغى على ” عبسٍ ” “حذيفة ُ ” فاشتفتْ … مِنهُ صَوَارِمُهُمْ وَمِنْ ذُبْيَانِ

وسراة ُ “بكرٍ ” ، بعدَ ضيقٍ فرقوا … جمعَ الأعاجمِ عنْ ” أنوشروانِ “

أبْقَتْ لِبَكْرٍ مَفْخَراً، وَسَمَا لهَا، … مِنْ دُونِ قَوْمِهِما، يَزِيدُ وَهَاني

المَانِعِينَ العَنْقَفِيرَ بِطَعْنِهِمْ، … والثائرينَ بمقتلِ ” النعمانِ ” ‍