أبا حاتم ما حاتم في زمانه – الفرزدق

أبَا حَاتِمٍ مَا حَاتِمٌ في زَمَانهِ، … وَلا النّيلُ تَرْمي بالسّفِينِ غَوَارِبُهْ

بأجوَدَ عندَ الجُودِ مِنكَ، وَلا الّذي … عَلا بِغُثَاءٍ سُورَ عَانَةَ غَارِبُهْ

يَدَاكَ يَدٌ يُعْطي الجَزِيلَ فَعَالُها، … وَأُخْرَى بها تَسْقي دَماً مَن تُحارِبُهْ

وَلَوْ عُدّ ما أعْطَيتَ من كلّ قَيْنَةٍ، … وَأجْرَدَ خِنْذِيذٍ طِوَالٍ ذَوَائِبُهْ

لِيعْلَمَ ما أحْصَاهُ فِيمَنْ أشَعْتَهُ … جَميعاً إلى يَوْمِ القِيامَةِ حَاسِبُهْ

وَأنْتَ امْرُؤٌ لا نَايِلُ اليَوْمِ مَانِعٌ … مِنَ المالِ شَيئاً في غَد أنتَ وَاهبُهْ

وَمَا عَدّ ذُو فَضْلٍ عَلى أهْلِ نعمةٍ … كفَضْلكَ عندي حينَ عبّتْ عوَاقبُهْ

تَداركَني من خالِدٍ بَعدَمَا التَقَتْ … وَرَاءَ يَدي أنْيَابُهُ وَمَخَالِبُهْ

وَكمْ أدركَتْ أسبابَ حَبلكَ من رَدٍ … على زَمَنٍ بَاداكَ وَالموْتُ كارِبُهْ

مَدَدْتَ لَهُ مِنْها قُوىً حينَ نَالَها … تَنَفَّسَ في رَوْحٍ وَأسْهَلَ جَانِبُهْ

وَثَغْرٍ تَحَامَاهُ العَدُوُّ كَأنّهُ … مِنَ الخَوْفِ ثَأرٌ لا تَنَامُ مَقَانِبُهْ

وَقَوْم يَهُزّونَ الرّمَاحَ بِمُلْتَقىً، … أسَاوِرُهُ مَرْهُوبَةٌ وَمَرَازِبُهْ

تَرَى بِثَنَايَاهُ الطّلايِعَ تَلْتَقي … على كلّ سامي الطَّرْفِ ضَافٍ سبايبُه

كَأنّ نَسَا عُرْقُوبِهِ مُتَحَرِّفٌ، … إذا لاحَهُ المِضْمَارُ وانضَمّ حَالِبُهْ

لَهُ نَسَبٌ بَينَ العَناجيجِ يَلْتَقي … إلى كُلّ مَعرُوفٍ من الخيلِ ناسبُهْ

ركِبتُ لَهُ سَهلَ الأمورِ وَحَزْنَهَا … بِذي مِرّةٍ حَتى أُذِلّتْ مَرَاكِبُهْ