أبا المغرب استوفت إليك البشائر – ابن شيخان السالمي
أبا المغرب استوفت إليك البشائر” … “هل الأكرمون النازحون زوائرُ
سعدتُ بها لما أتتني عشية” … “تُضوِّعها تلك الرياح العواطر
تحية حب بل حياة لجسم من” … “برته من البحر السيوف البواترُ
ويغني القلى عند الوداد ويعرف” … “الصَّفامِ الصدى والدهر بالعلم دائرُ
أرى الخِلّ من لم يخلُ عنك جميلُه” … “وإن عثرت فيك الصرُّوف العواثرُ
ولله أسرار لطائفُ تحتوي” … “فضائلَ تبديها نفوس ذخائرُ
وما غرّني ذكرى حبيبي عن النوى” … “بلى إِنَّ نقع الغيث في الجدب ظاهرُ
تحكَّمْ بقلبي أنتَ ناهٍ وآمِرُ” … “فإني لما قد شئته فيَّ شاكرُ
عسى باعث يحيي رميمَ شتاته” … “بمهجته يوماً فيسعد صابرُ
فإن يَكُ إِسعاف به وبصدره” … “انْشراح فلي من جامع الشمل زائرُ
وياما ألذ الوصل بعد انقطاعه” … “فهل أنت يا هجر الأحبة دابرُ
وإِني لتغشاني الهموم وإِنّهُ” … “بتكرارها ضاقت عليَّ المصادرُ
وما القلب إلا قائد الجسم أيمَّا” … “نشا أو صحا عنه الهموم الخواطرُ
ثنا نشوة من نسمة أسنَدت لنا” … “صحيح الهوى ترتاح منه البصائرُ
تذكرنا عطف الحبيب بقدّه” … “وما افتضحت منه الغصون الموائرُ
وقيل لهذا الغصن والظبي والنقا” … “قفوا إنَّ إِظهار المذلة ضائرُ
ومن يتصدى وهو في العجز غاية” … “ولم يثن عنها ناشبته القساورُ
ومن لم يكن كفئاً يَقِفْ ومن اعترفْ” … “يَعُدْ ومن استرضى فليس يكابرُ
ومن يتقهْ ينجح ومن يخشَه يفز” … “ومن لم يخف يفضح وتكفي النذائرُ
كفى فاضحاً حاوي الجمال إذا بدى” … “على كل ذي نورٍ به الحسن دائرُ
وروضة حسن لا يطير حمامها” … “كأن عيون الناس فيها حَواضرُ
كأنَّ فؤادي إذ أرته نواظري” … “خطير الهوى يصلى على النار طائرُ
رسول الهوى هل نُبي الحب إنني” … “أسير الجوى قد قيدته النواظرُ
إذا فترت عيني الجفون الفواتر” … “أسىً غدرت من أرسلتها النذائرُ
وإن بثَّ في ليل من الشعرِ تائهاً” … “فهذا له في وجهه الصبح ساترُ
تبارك من أنشاه فتنة ناظر” … “وأعطاه كل الحسن والله قادرُ
وسبحان من سوّى على الحق ذلك” … “الإِمامَ له في العالمين مفاخرُ
هو العالم التحرير والفطن الغني” … “الذي نقلت منه العلوم البواهرُ
هو الكامل المرضي والفاضل الذي” … “تدين لعلياه السُّراة الأكابرُ
هو العامل الصافي سلالة يوسف” … “محمدٌ الوافي المُجِدّ المُسَامرُ
همام غدا بالمغرب اليوم آيةً” … “وبالمشرق انقادت إليها الخواطرُ
فما مصعب فيها به فهو ميسر” … “ويسجن عنها الشر والخير حاضرُ
لقد أشرق الدين الحنيفي في الورى” … “الأباضي والوهبي والحق ظاهرُ
وبدّد أهل الجهل لما تبدعوا” … “ضلالاً وسيف الله للكفر باترُ
وشيد ركن الدين ثم استوى على” … “القرى فبدت منه البدور السَّوافرُ
وطوقنا من علمه الكتب جوهراً” … “فيا نعم طوقاً لازمته البصَائرُ
وسارت بأرض الله تنفع إنها” … “فواخر عند العارفين مفاخرُ
سما في سماء العلم فانهلَّ مُزنه” … “فعاد بحاراُ منه تجنى الجواهرُ
له هيبة في الله تغنى وخشية” … “تذيب الحصى منها القلوب فواطرُ
محيّاً بدت منه الشموس وراحة” … “له اندفقت فيها البحور الزواخرُ
لسان عليه القطب دار وقلبه” … “به البحر سكناه العلوم الغزائرُ
ونسمة بشر عطّر الكونَ طيبُها” … “خصصنا بها واستمسكتها الأعاصرُ
وبدر تجلى في سما المجد والعلا” … “فأهدى الهدى منه الموفق ظافرُ
ومُزْنٌ تخلى يمطر العدل والندى” … “فغاث الورى واستغنمته الأخائرُ
وبحر تعلى يقذف العلم والتقى” … “لأهل النهى فأستملأته الجزائرُ
ونار تلظى تحرق الكفر في الدُّنى” … “وتمحق ما تجنيه فيها الأخاسرُ
وسيف تنضَّى صار صوناً لعرضنا” … “وعوناً إذا دارت علينا الدوائرُ
ورضوى غدا فينا ذكاءً وهيبة” … “وظهراً إذا تغنى الخطوب الدواسرُ
وكهف لمن آواه منجىً وملجأ” … “وروض لمن يرعاه ناشٍ وناضرُ
وأرض لحلم أنبتت فيه مركزاً” … “لعلم علا يأتيه ناش وناظرُ
ألا فادعُ لي بالعلم والحفظ والتقى” … “فقلبي خلىّ من حُلى ذاك حاسرُ
ودونكَها زُفَّت إليك فريدة” … “وأنت لها من دعوة الخير ماهرُ
وما أنت إلا رحمة كتبت لذي” … “الإصابِة والتوفيقِ والصُبحُ سَافرُ
ومني تسليم وأصفى مودةٍ” … “سمت وتحيات إليكم فواخرُ
أخصك والصحب الكرام وكل من” … “له في الطريق المستقيم مآثرُ
لقد كملت فيك الفضائل وانتهى” … “بك المجد واستوفت إليك البشائرُ