ياذا الذي يَخْطِرُ في مِشْيتِهْ، – أبو نواس
ياذا الذي يَخْطِرُ في مِشْيتِهْ، … قد صفّفَ الشّعْرَ على جَبْهَتهْ
وسَرّحَ المِئْزَرَ مِنْ خَلْفِه، … و دقّقَ البانَ على وَفْرتهْ
قلبي ، على ماكانَ من شِقْوَتهْ ، … صَبَّ بمن يهْوَى على جَفْوتهْ
يَخْتلِقُ السّخْطة َ لي ظالماً ، … أحوجُ ما كنتُ إلى رَحمتهْ
أكلّما جدّدَ لي موْعِداً، … أخْلفَهُ التنغيصُ من علّتِهْ
أُضْمِرُ في البُعْدِ عِتاباً لهُ ، … فإن دنا أُنسيتُ من هَيْبتِهْ
مُبَتَّلٌ ، تثْنيهِ أعطافُهْ … أميْسُ خَلْقِ الله في خَطرتهْ
مهَفْهَفٌ تَرْتَجّ أرْدَافُهُ، … يتيهُ بالْحُسْنِ على جِيرَتِهْ
يحارُ رَجْعُ الطَّرْفِ في وَجههِ، … و صورة ُ الشّمسِ على صورته
ينتَسبُ الحسنُ إلى حسنه، … و الطّيبُ يحتاجُ إلى نَكْهته
ولَيْلَة ٍ قَصّرَ في طُولها … بالكَرْخِ ، أن مُتِّعْتُ من رؤيته
في مجلسٍ يضحطُ تُفّاحهُ … بينَ الرّياحِينِ إلى خُضْرته
ما إن يرَى خَلوَتَنَا ثالِثٌ، … إلاّ الذي نشرَبُ من خمْرته
خمرَتُه في الكأس ممزُوجة ٌ، … كالذّهبِ الجاري على فِضَّتهِ
فتارة ً أشْرَبُ منْ رِيقِهِ، … وتارة ً أشْرَبُ منْ فَضْلَتِهْ
وكُلّما عَضَّضَ تُفَاحَة ً، … قبَّلْتُ ما يفْضُلُ من عَضّته
حتى إذا ألقى قِناعَ الْحَيا، … وَدَارَ كسرُ النّوْمِ في مقلتهْ
سَرَتْ حُميّا الكأسِ في رأسهِ ، … و ذَبَّتِ الخمْرة ُ في وَجْنته
فصَارَ لا يَدْفَعُ عن نَفْسِه، … وكانَ لا يأذَنُ في قُبْلَتِهْ
دَبّ لهُ إبليسُ، فاقْتادَهُ … و الشيْخُ نَفّاعٌ على لَعْنتِه
عجبتُ من إبليسَ في تيههِ … وخُبْثِ ما أظْهَرَ من نيّتِهْ
تاهَ عَلى آدَمَ في سجْدَة ٍ، … وصَارَ قَوّاداً لِذُرّيتِهْ