نقوش داكنة من رأس الناقورة – محمد القيسي
إلى رشاد أبو شاور
منعزلا ووحيدا أحلم بالأمطار ،
وشعر حبيبي المبلول على الكتفين ،
سنابل جائعة ..
في فوضى الأشياء ،
وهدأة خطوتنا فوق الأسفلت وحيدين ،
ونق المطر الموسيقيّ على ..
شبّاك الشارع ذات خريف ..
أحلم بالموّال البلديّ ، بأمّي
بامرأة لا تعرفني
إمرأة أبعد من هذا الليل ،
وأقرب من هدب العين ..
إذا انتحبت ينفطر القلب ،
امرأة مملكة للعطش الموّار وللرغبات المشتعلة
مملكة للأسئلة – الدوّامة ،
والأسئلة – الفاكهة ،
امرأة لا نزلا للغرباء
امرأة لا مرآة سوداء
منعزلا ووحيدا أحلم ..
وطن يستيقظ من عمق الصدر ،
جراح تأخذ في نزهتها
فلماذا من شقّ في الباب تجيئين إليّ ؟
لماذا يستيقظ وطن ،
تأخذ في النزهة والتجوال جراح ،
ولماذا يخطر في البال ..
فراس القيسيّ طريدا
يذرع أرصفة وموتنىء منعزلا ووحيدا
يبحث عن مأوى ، أو حب يدفئه ..؟
ولماذا من شقّ في الباب تجيئين ،
وتحتفلين معي ، في هذا العرس ،
تميلين بخصرك هذا الناحل ،
هذا الجسد الضوئي ، المرويّ جراحا...
وكآبات لا حصر لها ..
ثم تشيحين ولا تعترفين ؟
فأدخل في الصور السوداء حليفا للنهر ،
تتّوجني الأشجار أنيسا للبيداء ،
أنادم أصوات الآتين ،
وتلك رياح تأتيني ..
عبر نوافذ غارقة تحت الماء ،
نقوش داكنة من رأس الناقورة ،
حتى أبعد غصن في المهجر ، تهجع ..
فوق سرير القلب ، خريطة هذا
القمر الراجف تحتلّ دقائقي الهاربة من
الموت وتفترش الصدر..
خريطة هذا القمر الراجف ..
جارحة كالدمعة ،
ناعمة كالسيف ،
وما بين الدمعة والسيف تناثرت ،
تكاثرت ،
فأيّ رؤى تشتعل زنابق حمراء ،
وأيّ مواسم أستقبل مثقلة بالخضرة ،
أيّ يد تمتدّ الآن ،
وتمنحني رعشتها
أحضن هذا الغبش المتدّفق من عينيك ،
الغبش الفجريّ
الألق اللونيّ
رذاذ ندى القلب ..
أشيل القلب قرنفلة للموت ..
أنادي باسمك .. أصرخ في ردهات البيت ،
أراك فتقتربين ،
أراك فتبتعدين ،
فمن صادر لون الحلم ، وطعم العزلة ؟
جرس لا يقرع في الصحراء
سرير لا يحمل اثنين ،
وأفق أضيق من هذي الزاوية المعتمة هنا
في القلب
مبعثرة أكواب الشاي ، الكتب ..
القمصان الغامقة الزرقة ، زوج حذاء
أسود ، وزجاجة ماء فارغة ،
والمنفضة امتلأت بالأعقاب ،
وكابية غرف الأغراب ،
لماذا من شقّ في الباب ،
تبخّر حلمي ؟
يطلع من خلل غيوم الوحشة ،
وجه صديق ..
ينزع للدمع على صدر اليرموك ،
ويلقي بحنان ريفيّ أوجاع الأرض على
صدر الغائبة – الحاضرة ، ويحلم ينهار
أبيض ، يحلم ، يحلم
لكنّ الحجر القاتل لا يأتي ،
هذي المرّة من مقلاع داودي ،
( بيت أخضر ذو سقف قرميديّ ،
فوق الطاولة ينزّ دما ولظى )
هذا وجه صديقي ،
أكثر من شارة حزن يحمل ،
أكثر من دمعة فرح ينقل ،
هذا وجهك يتوهّج بارؤيا والحزن
يتناسل أطفالا موعودين بأنهار من لبن وآرائك ،
يتناسل أزهارا وثمارا ،
وأراك فتقتربين
أراك فتبتعدين ،
سهام لا تأبه بي
تنطلق من الذاكرة إلى الذاكرة ،
فينشقّ البحر ..
يضيء كنهد ،
يتلّون كالشفق الورديّ ،
يصير غزالا
يركض فيّ ..
أصافح في سفر الأمواج :
الأعشاب ،
الأسماك الجائعة ،
الأصداف الفارغة ،
السفن المبحرة ،
الطحلب ،
والحيوات الأخرى
سارا
أيتها الموجة والعزلة ،
والوطن المستيقظ والجرح ..
خذي نزهتك الآن ..
لا يوجد تعليقات حالياً