لها ناظرٌ بالسحر في القلب نافثُ – ابن الرومي
لها ناظرٌ بالسحر في القلب نافثُ … ووجهٌ على كسبِ الخطيئات باعثُ
وقدٌّ كغصن البان مُضطمِرُ الحشا … تَنُوءُ به كثبانُ رمل أواعِثُ
يُجاذِبها عند النهوض وينثني … بأعطافها فرعٌ سُخام جُثاجِثُ
كأن صباحاً واضحاً في قِناعها … أناخَ عليه جُنْحُ ليلٍ مُغالثُ
وتبسِمُ عن عِقدين من حَب مزنة ٍ … به ماثَ صفوَ الراح بالمسك مائثُ
يغَصُّ بها الخَلخال والعاجُ والبُرى … وأثوابُها بالخَصْر منها غَوارثُ
ربيبة أتراب حِسان كأنها … بناتُ أَداحٍ لم يَشْنهنَّ طامثُ
غرائرٌ كالغِزلان حورٌ عيونُها … رخيماتُ دَلٍّ ناعماتٌ خَوانثُ
يَعِدْن فما يُنجزنَ وعداً لواعدٍ … وهن لميثاق الخليل نواكثُ
غَنِيتُ بها فيهنَّ والشملُ جامعٌ … وأغصانُ عيشي مورقاتٌ أَثائثُ
وللهو مُهتادٌ أنيقٌ وللصبا … مَغانٍ بهِنَّ الغانياتُ لوابثُ
يُمنِّيننا منهنَّ نجحُ مواعدٍ … أكفٌّ بحباتِ القلوب ضَوابثُ
وأعيانُ غِزلانٍ مِراض جُفونها … لواحظُها في كل نفسٍ عوائثُ
إذا هن قرَّبن الظما من نفوسنا … إلى الرِّي تُلقَى دون ذاك الهنَابثُ
ويلحفنَ لا ينقُصنَ في ذات بيننا … على الدهر معهوداً وهنَّ حوانثُ
وإن نحن أبرمنا القُوى من حِبالنا … أبى الوصلَ دهرٌ بالمحبين عابثُ
ومختلفاتٌ بالنمائمِ بيننا … نوابثُ عن أسرارنا وبواحثُ
يُباكرن فينا نُجعة العَتب بيننا … كما انتجع الوِردَ العِطاشُ اللواهثُ
فبدَّدَ منّا الشملَ بعد انتظامِهِ … صروفٌ طوتْ أسبابنا وحوادثُ
وكلُّ جديدٍ لا مَحالة َ مُخلِقٌ … وباعثُ هذا الخَلْقِ للخلقِ وارثُ
وهنَّ الليالي حاكِماتٌ على الورى … بنقضٍ ولا يبقى عليهن ماكثُ
وَمَنْ لم ينلْ مُلكَ المكارمِ باللُّهى … فأموالُهُ للشامتينَ مَوارثُ
يسودُ الفتى ما كان حشوَ ثيابهِ … حِجاً وتُقًى والحلمُ من بعدُ ثالثُ
وغيثٌ على العافينَ منهمرُ الحيا … وليثٌ هصورٌ للعُداة مُلائِثُ
وصفحٌ وإكرامٌ وعقلٌ يَزينُهُ … خلائق لا يَخْزَى بهن دمائثُ
وكَفَّانِ في هذي رَدَى كل ظالمٍ … وفي هذه للمُستغيث مَغَاوثُ
فكن سيداً ذا نعمة ٍ غيرَ خاملٍ … وصُن منكَ عِرْضاً أن يُسبَّك رافثُ