كذا تتقضى الأيّامُ حالا على حالِ – مهيار الديلمي

كذا تتقضى الأيّامُ حالا على حالِ … وتنقرضُ الساداتُ بادٍ على تالي

ويلحقُ أبناءُ النبيِّ أباهمُ … على مهلٍ من سيرِ عمرٍ وإعجالِ

ضحى كلِّ يوم سالبٌ من سراتهم … بصيرة َ عميٍ أو هداية َ ضلاَّلِ

إذا اخضرَّ فرعٌ منهم اغبرّ أصله … فصوّحَ حتى يتبعَ العاطلَ الحالي

ويا وشكَ ما تمسي الديارُ خليّة ً … إذا ذهب الباقي ولم يعد الخالي

مدارجُ تحت الأرض سوّتْ جسومهم … وإن عرَّجتْ أرواحهم أفقها العالي

سوى ما يبقِّي الدهرُ من بركاتهم … ضرائحَ أنوارٍ بها يسأل السالي

ولا كضريح أمس هلنا ترابه … على جسدٍ باقي العلا في النَّقا بالي

على الطاهر ابن الطاهرين وإنّه … لهالة ُ بدرٍ منه بل غابُ رئبالِ

بأيّة ِ نفسٍ ليلة َ السبت روَّحتْ … يدُ الموت لم تنقد لها قودَ أخلالِ

تباشرت الأملاك ليلا بقربه … وأصبح منها في قبيلٍ وفي آلِ

سقينا به ميتا كما كان جاههُ … لدى الله حيّاً عامَ جدبٍ وإمحالِ

فلله نفسٌ كان وقتُ ارتفاعها … إلى الله والغيثُ المنزّلُ في حالِ

لئن بايعتنا المزنُ روحا بروحه … لقد غبنتناهُ مع الثمن الغالي

قنوطاً بني الحاجات إن نجاحها … بلا كافلٍ بعدَ الحسين ولا والي

أجمّوا المطايا إنه عامُ قعدة ٍ … وفي غيرَ الأحوالِ تغيير أحوالِ

قفوا فانفضوا أذوادكم حولَ قبرهِ … فلا حظَّ في حطٍّ عداه وترحالِ

مضى من يخاف العتبَ وهو بنجوة ٍ … ويرعى مصوناً سبّة القيلِ والقالِ

ومن بحرهُ طامٍ ويروى تعلُّلا … ببلِّ اللَّهاة ِ من نطافٍ وأوشالِ

أبا أحمدٍ عوّدتني أن تجيبني … فما وجهُ إعراضٍ زوى وجهَ إقبالِ

بكيتك لليوم الشريق بنقعه … وما رشَّ فيه الطعنُ من دمٍ أوصالِ

وللسيف لم يعدمْ مضاءً وزينة ً … بنصلٍ وجفنٍ جهدَ قينٍ ولا جالي

عُدمتَ فلم يظفرْ بعاتق حاملٍ … يفرِّقُ حينا بين شنفٍ وخلخالِ

وللرمح فات الرمحُ بعدك أن يرى … شمائلَ عطّافٍ مع الطعن ميّالِ

وللسابق المنقول من ظهر لاحقٍ … إلى سبعة مما تنخّلها الفالي

حمى ظهره العالي نزولك أن يُرى … مقاما لراجٍ أو مفازا لجوّالِ

به نفرة ٌ من سرجه ولجامه … لفقدك مع لينٍ لديه وإسهلِ

وعمياء من طرقِ الحجاج تلجلجتْ … بأصواتِ خطّابٍ وأفواه نقّالِ

توسّعت مع ضيق الخصام بفلجها … وأوضحت منها كلَّ لبسٍ وإشكالِ

وللأرض يحيا تربُها وهو ميِّتٌ … وإن لم يجدها صوبُ أسحمَ هطّالِ

بمالك أو يغنى بفقرك ربعها … على قفره أو ينعم الطللُ البالي

وللّيلة الظلماء قمتَ سراجها … على رجلِ قوّالٍ مع الله عمّالِ

وبيت صلاة ٍ شدته فوقفته … على دعواتٍ صالحاتٍ وأعمالِ

وللطارق المعتِّر إن لمَّ طارقا … تجاوده في النفس والأهلِ والمالِ

لجا مستضيفا كلَّ بيتٍ يظنّه … فلا سامرٌ ولا نباحٌ ولا صالي

إلى أن أراه الله نارك فاهتدى … على ضلّة ٍ أكرمتَ يا موقدَ الضَّالِ

على كلّ مأمولٍ سلامي فإنني … يئستُ وماتت يومَ موتك آمالي

لمن تمخضُ الأشعار بعدك زبدة ً … وتجمعَ بين الحاءِ والميم والدالِ

وفى بالجوى قلبي وقصَّر منطقي … فأكثر قولي فيك أيسرُ أفعالي

وإنك لو تسطيع منّاً ومنَّة ً … لداويت أوجاعي وداريت أوجالي

إذاً لحملتَ الحزنَ عني بكاهلٍ … ضعيفٍ على ما اعتاد من حمل أثقالي

يقولون تخفيفاً لحزني معمَّرٌ … نجا مائة ً أو كاد مطلعها العالي

وذاك عزاءٌ عنك لو يعقلونه … أمدُّ لدمعي بل أشدُّ لإعوالي

بقدرِ بقاءِ المرء قدرُ الأسى له … وذكرُ نعيمُ دام لي بك أشقى لي

وما دُهى الإنسانُ فيمن يحبُّه … بفقدٍ كأخذٍ جاء من طول إمهالِ

رثاك نسيبٌ ودّه وولاؤه … محقٌّ إذا زنَّ القصيُّ بإبطالِ

ومولاكمُ فيكم على ما شرطتم … وإن بان عنكم في عمومٍ وأخوالِ

فيا ليت لا يعدمْ وفودُك عادة ً … بشبليك من عطفٍ عليهم وإسبالِ

فما مات من عاشا لسدّ مكانهِ … ولا حضرا وموضعٌ منك بالخالي

وما غاديا أو راوحاك زيارة ً … نراك بها مستبشراً ناعمَ البالِ

ولو ما أغبّاك الطُّروق كفتهما … خلافة جبريلٍ عليك وميكال