فلو أنِّي وليتُ الحكمَ يوماً – ابن الرومي
فلو أنِّي وليتُ الحكمَ يوماً … ووُلِّيتُ العقوبة َ والخِصاما
لقرَّتْ عينُ من يهوى الجواري … وعاقبتُ الذي يهوى الغُلاما
مص … أجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
سألتُكَ أيَّما أشجى حديثا … وأطيبُ حين يُعتَنق التزاما
فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ … وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلة ٌ
سودٌ لهن من الظلماء ألوان … وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به
أجارية ٌ مغَنَّجة ٌ رداحٌ … تزيدُك للغرامِ بها غراما
أم آمردُ قد أجافَ الإبطُ منه … له أير كأيرك حين قاما
أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ … غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهة ٌ
يُريدُكَ للدَّارِهمِ لا لشيْءٍ … وتلك تذوبُ عِشْقاً واهتماما
وما الفواكه مما يحملُ البانُ … ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ
وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان … أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ
فهُنَّ فاكهة ٌ شتَّى وريْحان … ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان … بل حلوة مرة طوراً يقال لها
شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان … يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجدية ٍ
إلا استراحة َ قلبٍ وهو أسوان … لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت
تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان … تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ
لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران … تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها
نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان … يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ
ذو الطاعة ِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان … وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث
ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ … لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ
ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن … ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به
مُسَتْضعفات له منهن أقران … مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له
كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان … مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ به
قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان … من كل قاتلة ٍ قتْلى وآسرة ٍ
أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ … يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونة ً
يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان … ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد
أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان … يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه
ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان … حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبة ً
نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان … يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه
للغاوياتِ وللغافين شيطان … تغدو الفتاة ُ لها حلٌّ فإن غدرتْ
راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان … ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا
إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان … يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن
حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان … فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة
إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان … يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهية ً
أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان … لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به
ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران … فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ
جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان … وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به
ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان … لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفة ٍ
منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان … هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به
تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجانن أجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ … فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلة ٌ … سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به … أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهة ٌ … وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ … وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ … فهُنَّ فاكهة ٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها … لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها … شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجدية ٍ … إلا استراحة َ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت … تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ … لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها … نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ … ذو الطاعة ِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث … ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ … ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به … مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له … كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ له … قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلة ٍ قتْلى وآسرة ٍ … أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونة ً … يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد … أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه … ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبة ً … نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه … للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاة ُ لها حلٌّ فإن غدرتْ … راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا … إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن … حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة … إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهية ً … أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به … ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ … جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به … ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفة ٍ … منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به … تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان
ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ … تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجانُ
وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له … فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه … مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقُنَّصُهُ … وَحشِيَّة ٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى آَنَفَا … من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابة ِ الضان
رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقَّ وزمَهُمُ … وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
ففكّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده … صلتُ الجبينَ أشَمُّ الأنفِ عَليان
ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ … رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا … منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا … خَلْقٌ من الماء والألوانُ نيران
إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ … فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتى ً … لابَسْنَ وهو غزير الدمع حران
تَخْصَلُّ منهنَّ عينٌ فهي باكية ٌ … ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
يارُبَّ حُسَّانة ٍ منهنَّ قد فعلتْ … سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكية ً … كالقَوْسِ تُضْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها … غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفة … خَوْدٌ تَعرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِج … والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
ألوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكية ٌ … إذا أساءتْ جوار العِطْرِ أبدانُ
ثمَّامة ُ المِسْكِ تُلقى وهي نائية … فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها … ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
كأنَّها وعثانُ النّد يشمُلها … شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ … إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه … فقراً إليه قتولُ الدَّلِّ مِدْران
وتَلْبَسُ الحليَ مجعولا لها عُوَذاً … لا زينة ً بل بها عن ذاك غُنيان
لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ … فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها … فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها … سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسانُ
كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحة ٍ … فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجانُ
إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ … ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنانُ
يا عاذلي أفيقا إنها أبدا … عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
لا تَلْحياني وإياها على ضرعي … وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدانُ
إني مُلكتُ فلي بالرهق مَسْكَنة ٌ … ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت … نعُمٌ تجاورنا والدارُ نعمان
إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها … ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران
ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها … سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ … فللِدّموعِ من العينين عَيْنان
لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم … وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
لي مُذْ نأوْا وجنة ٌ ريَّا بِمشْربِها … من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمان
كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعنهمُ … فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ … وخانك الوُدَّ من مغْناه ودَّان
فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ … بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّانُ
واقصدْ بوُدِّكَ خِلاًّ ليس من ضلع … عوْجاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له … في البَدْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيانُ
وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً … من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ … أمْرٌ لمُزْمِعهِ بالنُّجْحِ إيقان
فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له … تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجى الخطوب به … فلم يُلِدْني أبو الأملاك يونان
بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستها … فلم يلدني أبو السُّواس ساسان
أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له … بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ … عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطانُ
قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ … كلاَّ لعمري ولكنْ منه شيبان
وكم أب قد علا بابن ذُرا شرف … كما علا برسول اللَّهِ عدنان
تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونة ً … تسمو الرجالُ بأبناء وتزدان
ولم أُقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ … بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
للَّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ … روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
لا يرهبون إذا الأبطال أرهبهم … يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ … غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبانُ
إذا رأيتَهُمُ أيقنتَ أنَّهُمُ … للدِّينِ والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهم … بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبُهتان
ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلهُمْ … إلاَّ إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ … إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً … إلا نصالٌ مُعرّاة ٌ وخِرصان
وهلْ لذي العِزّ غيرَ العِزِّ مُدَّخَلُ … أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
بدَّاهُمُ أن رأؤْا سيفَ بن ذي يزنٍ … لم يُغن عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
تلقاهُم ورماحُ الخطِّ حولهُمُ … كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها … إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ … بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُران
يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدهُمْ … بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرهمْ … شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاء فِتيان
وللسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ … يغشاهُم الدهرَ سُؤّال وضِيفانُ
لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا … يفدى لديهم شحوم الكُوم ألبان
قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما … فيهم على حُبِّهمْ إيّاهُ مِبطان
بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلما ومُنتزعٌأجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ … فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلة ٌ … سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به … أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهة ٌ … وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ … وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ … فهُنَّ فاكهة ٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها … لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها … شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجدية ٍ … إلا استراحة َ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت … تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ … لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها … نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ … ذو الطاعة ِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث … ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ … ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به … مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له … كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ به … قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلة ٍ قتْلى وآسرة ٍ … أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونة ً … يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد … أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه … ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبة ً … نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه … للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاة ُ لها حلٌّ فإن غدرتْ … راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا … إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن … حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة … إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهية ً … أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به … ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ … جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به … ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفة ٍ … منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به … تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان
ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ … تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجانُ
وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له … فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه … مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقُنَّصُهُ … وَحشِيَّة ٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى آَنَفَا … من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابة ِ الضان
رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقَّ وزمَهُمُ … وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
ففكّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده … صلتُ الجبينَ أشَمُّ الأنفِ عَليان
ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ … رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا … منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا … خَلْقٌ من الماء والألوانُ نيران
إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ … فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتى ً … لابَسْنَ وهو غزير الدمع حران
تَخْصَلُّ منهنَّ عينٌ فهي باكية ٌ … ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
يارُبَّ حُسَّانة ٍ منهنَّ قد فعلتْ … سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكية ً … كالقَوْسِ تُضْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها … غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفة … خَوْدٌ تَعرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِج … والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
ألوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكية ٌ … إذا أساءتْ جوار العِطْرِ أبدانُ
ثمَّامة ُ المِسْكِ تُلقى وهي نائية … فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها … ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
كأنَّها وعثانُ النّد يشمُلها … شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ … إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه … فقراً إليه قتولُ الدَّلِّ مِدْران
وتَلْبَسُ الحليَ مجعولا لها عُوَذاً … لا زينة ً بل بها عن ذاك غُنيان
لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ … فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها … فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها … سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسانُ
كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحة ٍ … فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجانُ
إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ … ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنانُ
يا عاذلي أفيقا إنها أبدا … عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
لا تَلْحياني وإياها على ضرعي … وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدانُ
إني مُلكتُ فلي بالرهق مَسْكَنة ٌ … ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت … نعُمٌ تجاورنا والدارُ نعمان
إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها … ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران
ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها … سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ … فللِدّموعِ من العينين عَيْنان
لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم … وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
لي مُذْ نأوْا وجنة ٌ ريَّا بِمشْربِها … من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمان
كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعنهمُ … فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ … وخانك الوُدَّ من مغْناه ودَّان
فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ … بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّانُ
واقصدْ بوُدِّكَ خِلاًّ ليس من ضلع … عوْجاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له … في البَدْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيانُ
وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً … من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ … أمْرٌ لمُزْمِعهِ بالنُّجْحِ إيقان
فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له … تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجى الخطوب به … فلم يُلِدْني أبو الأملاك يونان
بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستها … فلم يلدني أبو السُّواس ساسان
أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له … بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ … عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطانُ
قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ … كلاَّ لعمري ولكنْ منه شيبان
وكم أب قد علا بابن ذُرا شرف … كما علا برسول اللَّهِ عدنان
تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونة ً … تسمو الرجالُ بأبناء وتزدان
ولم أُقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ … بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
للَّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ … روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
لا يرهبون إذا الأبطال أرهبهم … يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ … غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبانُ
إذا رأيتَهُمُ أيقنتَ أنَّهُمُ … للدِّينِ والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهم … بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبُهتان
ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلهُمْ … إلاَّ إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ … إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً … إلا نصالٌ مُعرّاة ٌ وخِرصان
وهلْ لذي العِزّ غيرَ العِزِّ مُدَّخَلُ … أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
بدَّاهُمُ أن رأؤْا سيفَ بن ذي يزنٍ … لم يُغن عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
تلقاهُم ورماحُ الخطِّ حولهُمُ … كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها … إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ … بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُران
يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدهُمْ … بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرهمْ … شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاء فِتيان
وللسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ … يغشاهُم الدهرَ سُؤّال وضِيفانُ
لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا … يفدى لديهم شحوم الكُوم ألبان
قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما … فيهم على حُبِّهمْ إيّاهُ مِبطان
بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلما ومُنتزعٌ … رأياً ومِطعامُ أضْياف ومِطعانُ
وأرْيَحِيٌّ إذا جادتْ أناملُهُ … في المَحلِ لم يُسْتَبَنْ للغيْثِ فِقدان
يشْتُو ولا ريحُهُ للنازلينَ بهِ … صِرٌّ ولا قَطْرُهُ للقَوْمِ شفان
وكيف يبْخَلُ من نِيطَتْ به شِيَمٌ … تقْضي بأن ليس غيرَ البذل قُنيان
وإنَّ حاصلَ ما جادتْ يدا رجل … ما حُمِّلتْ ألسنٌ منه وآذان
جودُ البحارِ وأحلامُ الجبل لهم … وهُمْ لدى الرَّوعِ آسادٌ وجِنّان
وليس يعدم فيهمْ من يُشاوِرُهُمْ … مَنْ يُقتَدَى رأيهُ والنجمُ حَيْران
قوْمٌ أياديهمُ مَثْنَى بِصَفْحِهُمُ … عن ذكرِها وأيادي الناسِ أُحْدان
طالوا ونِيلت مجانيهمْ بلا تعبٍ … فهُمْ أشاءٌ وهم إن شئتَ عيدان
لمْ يمُس قطُّ ولم يُصْبَحْ مَحَلُّهُمُ … إلا التقى فيه إيتاءٌ وإتيان
إيتاءُ عاف وإتيان ابن مكرمة … منه نوالٌ ومن عافيه غشيان
يا رُبَّ قاطع بُلدانٍ أناخَ بِهِمْ … علماً بأن صُدورَ القوم بُلدان
وسائلٍ عنهم ماذا يقدُمُهُمْ … فقلتُ فضل به من غيرهم بانوا
صانُوا النفوسَ عن الفحشاء وابتذلوا … منهنّ في سُبُلِ العلياءِ ما صانوا
لا توحش الأرض من شيبان إنهمُ … قومٌ يكونون حيثُ المجدُ مذ كانوا
المُنعمين وما منُّوا على أحدٍ … يوماً بنعمى ولو منوا لما مانوا
قومٌ يَعِزُّونَ ما كانت مُغالبة ٌ … حتى إذا قدرتْ أيديهمُ هانوا
كم عرَّضُوا للْمنايا الحمرِ أنفسَهُمْ … فحان قومٌ تَوَقَّوْها وما حانوا
وقاهُمُ الجِدُّ ثم الجَدُّ بل حُرِسوا … بأنهم ما أتوْا غدرا وما خانوا
كساهُم العِزُّ أنْ عَرّوا مناصلهم … فما لها غير هامِ الصيدِ أجفان
وألهجَ الحمد بالإيطانِ بينهمُ … أن ليس بينهُم للمالِ إيطال
أقْنَوْا عداهُمْ وأقنوا من يؤملهم … ففي الصدور لهمْ شكرٌ وأضغان
لكنْ أبو الصقرِ بَدْء عند ذكرهمُ … وسادة الناس أبداءٌ وثُنْيان
فرْدٌ جميعٌ يراه كلٌّ ذي بصره أجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ … فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلة ٌ … سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به … أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهة ٌ … وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ … وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ … فهُنَّ فاكهة ٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها … لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها … شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجدية ٍ … إلا استراحة َ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت … تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ … لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها … نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ … ذو الطاعة ِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث … ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ … ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به … مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له … كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ به … قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلة ٍ قتْلى وآسرة ٍ … أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونة ً … يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد … أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه … ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبة ً … نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه … للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاة ُ لها حلٌّ فإن غدرتْ … راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا … إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن … حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة … إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهية ً … أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به … ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ … جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به … ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفة ٍ … منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به … تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان
ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ … تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجانُ
وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له … فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه … مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقُنَّصُهُ … وَحشِيَّة ٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى آَنَفَا … من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابة ِ الضان
رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقَّ وزمَهُمُ … وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
ففكّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده … صلتُ الجبينَ أشَمُّ الأنفِ عَليان
ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ … رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا … منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا … خَلْقٌ من الماء والألوانُ نيران
إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ … فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتى ً … لابَسْنَ وهو غزير الدمع حران
تَخْصَلُّ منهنَّ عينٌ فهي باكية ٌ … ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
يارُبَّ حُسَّانة ٍ منهنَّ قد فعلتْ … سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكية ً … كالقَوْسِ تُضْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها … غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفة … خَوْدٌ تَعرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِج … والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
ألوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكية ٌ … إذا أساءتْ جوار العِطْرِ أبدانُ
ثمَّامة ُ المِسْكِ تُلقى وهي نائية … فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها … ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
كأنَّها وعثانُ النّد يشمُلها … شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ … إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه … فقراً إليه قتولُ الدَّلِّ مِدْران
وتَلْبَسُ الحليَ مجعولا لها عُوَذاً … لا زينة ً بل بها عن ذاك غُنيان
لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ … فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها … فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها … سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسانُ
كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحة ٍ … فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجانُ
إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ … ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنانُ
يا عاذلي أفيقا إنها أبدا … عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
لا تَلْحياني وإياها على ضرعي … وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدانُ
إني مُلكتُ فلي بالرهق مَسْكَنة ٌ … ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت … نعُمٌ تجاورنا والدارُ نعمان
إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها … ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران
ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها … سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ … فللِدّموعِ من العينين عَيْنان
لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم … وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
لي مُذْ نأوْا وجنة ٌ ريَّا بِمشْربِها … من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمان
كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعنهمُ … فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ … وخانك الوُدَّ من مغْناه ودَّان
فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ … بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّانُ
واقصدْ بوُدِّكَ خِلاًّ ليس من ضلع … عوْجاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له … في البَدْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيانُ
وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً … من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ … أمْرٌ لمُزْمِعهِ بالنُّجْحِ إيقان
فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له … تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجى الخطوب به … فلم يُلِدْني أبو الأملاك يونان
بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستها … فلم يلدني أبو السُّواس ساسان
أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له … بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ … عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطانُ
قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ … كلاَّ لعمري ولكنْ منه شيبان
وكم أب قد علا بابن ذُرا شرف … كما علا برسول اللَّهِ عدنان
تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونة ً … تسمو الرجالُ بأبناء وتزدان
ولم أُقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ … بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
للَّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ … روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
لا يرهبون إذا الأبطال أرهبهم … يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ … غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبانُ
إذا رأيتَهُمُ أيقنتَ أنَّهُمُ … للدِّينِ والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهم … بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبُهتان
ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلهُمْ … إلاَّ إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ … إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً … إلا نصالٌ مُعرّاة ٌ وخِرصان
وهلْ لذي العِزّ غيرَ العِزِّ مُدَّخَلُ … أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
بدَّاهُمُ أن رأؤْا سيفَ بن ذي يزنٍ … لم يُغن عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
تلقاهُم ورماحُ الخطِّ حولهُمُ … كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها … إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ … بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُران
يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدهُمْ … بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرهمْ … شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاء فِتيان
وللسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ … يغشاهُم الدهرَ سُؤّال وضِيفانُ
لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا … يفدى لديهم شحوم الكُوم ألبان
قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما … فيهم على حُبِّهمْ إيّاهُ مِبطان
بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلما ومُنتزعٌ … رأياً ومِطعامُ أضْياف ومِطعانُ
وأرْيَحِيٌّ إذا جادتْ أناملُهُ … في المَحلِ لم يُسْتَبَنْ للغيْثِ فِقدان
يشْتُو ولا ريحُهُ للنازلينَ بهِ … صِرٌّ ولا قَطْرُهُ للقَوْمِ شفان
وكيف يبْخَلُ من نِيطَتْ به شِيَمٌ … تقْضي بأن ليس غيرَ البذل قُنيان
وإنَّ حاصلَ ما جادتْ يدا رجل … ما حُمِّلتْ ألسنٌ منه وآذان
جودُ البحارِ وأحلامُ الجبل لهم … وهُمْ لدى الرَّوعِ آسادٌ وجِنّان
وليس يعدم فيهمْ من يُشاوِرُهُمْ … مَنْ يُقتَدَى رأيهُ والنجمُ حَيْران
قوْمٌ أياديهمُ مَثْنَى بِصَفْحِهُمُ … عن ذكرِها وأيادي الناسِ أُحْدان
طالوا ونِيلت مجانيهمْ بلا تعبٍ … فهُمْ أشاءٌ وهم إن شئتَ عيدان
لمْ يمُس قطُّ ولم يُصْبَحْ مَحَلُّهُمُ … إلا التقى فيه إيتاءٌ وإتيان
إيتاءُ عاف وإتيان ابن مكرمة … منه نوالٌ ومن عافيه غشيان
يا رُبَّ قاطع بُلدانٍ أناخَ بِهِمْ … علماً بأن صُدورَ القوم بُلدان
وسائلٍ عنهم ماذا يقدُمُهُمْ … فقلتُ فضل به من غيرهم بانوا
صانُوا النفوسَ عن الفحشاء وابتذلوا … منهنّ في سُبُلِ العلياءِ ما صانوا
لا توحش الأرض من شيبان إنهمُ … قومٌ يكونون حيثُ المجدُ مذ كانوا
المُنعمين وما منُّوا على أحدٍ … يوماً بنعمى ولو منوا لما مانوا
قومٌ يَعِزُّونَ ما كانت مُغالبة ٌ … حتى إذا قدرتْ أيديهمُ هانوا
كم عرَّضُوا للْمنايا الحمرِ أنفسَهُمْ … فحان قومٌ تَوَقَّوْها وما حانوا
وقاهُمُ الجِدُّ ثم الجَدُّ بل حُرِسوا … بأنهم ما أتوْا غدرا وما خانوا
كساهُم العِزُّ أنْ عَرّوا مناصلهم … فما لها غير هامِ الصيدِ أجفان
وألهجَ الحمد بالإيطانِ بينهمُ … أن ليس بينهُم للمالِ إيطال
أقْنَوْا عداهُمْ وأقنوا من يؤملهم … ففي الصدور لهمْ شكرٌ وأضغان
لكنْ أبو الصقرِ بَدْء عند ذكرهمُ … وسادة الناس أبداءٌ وثُنْيان
فرْدٌ جميعٌ يراه كلٌّ ذي بصر … كأنَّهُ النَّاسُ طُرّاً وهْو إنسان
أغرُّ أبلجُ ما زالت لمادحِه … دعوى عليها لفضلٍ فيه برهان
له مُحَيّاً جميلٌ تَستدلُّ به … على جميل وللبُطْنانِ ظُهرانُ
وقلَّ من ضَمِنَتْ خَيْراً طَوِيَّتُهُ … إلا وفي وجههِ للخيرِ عنوان
يلقاكَ وهْو مع الإحسان معتذرٌ … وقد يُسيىء ُ مُسِيءٌ وهو مَنان
زمانُه بنداه مُمْرعٌ خَصب … كأنه من شهور الحول نيسان
أضحى وما شاب يدعوه الأنامُ أباً … بحقِّه وهُمُ شِيبٌ وشبان
تقدَّمَ النَّاسَ طُرّاً في مذاهبهِ … وإن تقدَّم تلك السنَّ أسنان
وذي وسائلَ يُزْجيهنَّ قلت له … انبذْ رشاءك إنَّ الماء طوفان
ياذا الوسائلِ إن المستقى رَفِقٌ … ليستْ له غيرَ أيدي الناسِ أشطان
يمَّمْتَ يمَّا أساحَ اللَّهُ لُجَّتَهُ … في أرضهِ فخرابُ الأرض عُمرانُ
ما من جديب ولا صَدْيانَ نَعْلَمُه … وكيف يُلفى مع الطوفان صديان
لاقى رجالاً ذوي مجدٍ قد اغتبقوا … آساره ولقوهُ وهو صبحان
يُضْحِي وليس على أخلاقِهِ طبعٌ … ولا على الغُرِّ من آرائه ران
اعفى البرية ِ عن جُرم وأجملُها … صفْحاً وإن سيمَ وترا فهو ثعبان
ما إن يزالُ إزاء الوِتْرِ يوتره … نقض ومنه إزاء الذنب غفران
يستحسنُ العفو إلا عن مُنابذة ٍ … في العَفْوِ عنها لرُكْنِ العز إيهان
وهَّابُ ما يأمنُ العِقبانُ واهبهُ … طلاَّبُ ما للتَّغاضي عنه عقبان
إذا بدا وجهُ ذَنْب فهو ذو سنة ٍ … وإن بدا وجْه خَطْب فهْو يقظانُ
يقظانُ من روع وسْنانُ من وَرَع … يا حبَّذا سيِّدٌ يقظانُ وسنان
مُفكِّرٌ قبل صُبْحِ الرأي متئد … مُشمِّرٌ بعد صبحِ الرأي شيحان
تلقاهُ لا هُوَ مِنْ سرَّاءَ خادعة ٍ … غِرُّ ولا هو من ضرَّاء قُرحان
يجِلُّ عن أن تُحَلَّ الدهرَ حَبْوتُهُ … يوما إذا طاش مِفراحٌ ومحزان
ما خفَّ قطُّ لتصريفٍ يُصرِّفهُ … وهل يخِفُّ لنفخ الريح ثهلان
يا من يبيتُ على مجرى مكائدِهِ … نكِّبْ لك الويلُ عنها فهْي حُسبانُ
ذو حكمة ٍ وبيانٍ جلَّ قدرهُما … ففيه لقمانُ مجموعٌ وسحبان
وما لسحبانَ جُزءٌ من سماحتِهِ … ولا للقمانَ لو جاراه لقمان
ساواهما في الحجى واحتاز دونهما … فضلَ الندى فلهُ في الفضل سُهمان
معانُ عُرفٍ وعرفانٍ وقلَّ فتى ً … في عصرهِ عندهُ عُرفٌ وعِرفان
مُساءلُ القلبِ مسؤولُ اليديْنِ معاً … كلا وعاءيْهِ للمُمتاحِ ملان
صاحي الطباعِ إذا ساءلتْ هاجِسهُ … وإن سألتَ يديْهِ فهْو نشوان
يُصَحِّيهِ ذِهنٌ ويأبى صحوه كرمٌ … مستحكم فهو صاحٍ وهو سكرانُ
لا يعْدَمُ الدهرَ صحواً يستبينُ به … حقّاً عليه من الإلباس أكنان
وينطقُ المنطقَ المفتونَ سامعُهُ … والمنطق الحسنُ المسوعُ فتَّان
وليس ينفكُّ من شكرٍ يظلُّ له … من راحتَيْهِ على العافين تَهتان
شُكرٌ ولكنّهُ من شيمة ٍ كرُمَتْ … لا من كؤوسٍ تعاطاهُنَّ ندمان
يجودُ حتى يقولَ المُفرطون له … قد كاد أن يخلفَ الطوفانَ طوفان
تعتادهُ هزة ٌ للجودِ بينة ٌ … فيه إذا اعتاده للعُرف لهفان
ريحٌ تَهُبُّ له من أرْيَحيته … يهتز للبذل عنها وهو جذلان
يهتزُّ حتى تراهُ هزَّهُ طربٌ … هاجتْهُ كأس رنَوْناة ٌ وألحانُ
كم ضنَّ بالفرضِ أقوامٌ وعندهُمُ … وفْرٌ وأعطى العطايا وهْو يدَّان
ثنى إليه طُلى الأحرار أنَّ لهُ … عَهْداً وفيا وأنَّ الدهرَ خوَّان
وساقَ كلَّ عفيفٍ نحو نائله … مقالهُ أنا والعافونُ إخوان
أضحى غريباً ولم يحلُلْ بقاصية ٍ … من البلادِ ولا مَجَّتْهُ أوطان
بل غرَّبتْهُ خِلالٌ لم يَدَعْنَ لهُ … شِبْهاً وللنَّاسِ أشباهٌ وأخدان
يفْديه مَنْ فيه عن مقدار فديته … عند المفاداة تقصيرٌ ونُقصان
قومٌ كأنَّهُمُ موتى إذا مُدحوا … وماكُسوا من حبير الشعر أكفان
ثوابهُمُ أن يُمَنُّوا مسْتَثيبهمُ … وهل يُثيبُ على الأعمالِ أوثان
لله مُختارهُ ما كانَ أعلمهُ … بكلِ ما فيه للرحمن رضوان
ما اختار إلاَّ امرءاً أضحتْ فضائلُه … يُثنى عليه بها راضٍ وغضبان
رأى أبا الصقر صقرا في شهامتِهِ … فاختارَ مَنْ فيه للمُختارِ قُنعان
من لا يزالُ لديهِ من مذاهبهِ … بين الرشادِ وبينَ الغيَ فُرقان
طِرفٌ من الخيلِ يمتدُّ الجراء به … في غيرِ كْبوٍ إذا ما امتدَّ ميدان
وللموفَّقِ تبصيرٌ يُبصّرهُ … بالخطِّ والناسُ طُرٍّا عنهُ عميان
أهدى إليه وزيراً ذا مُناصحة ٍ … لم يختلفْ منهُ إسرارٌ وإعلان
أضحى به بَيْنَ توقيرٍ وعافية ٍ … من المآثم لا يلحاه دَّيانُ
وكم أميرٍ رأيناهُ تكنَّفهُ … في الدِّينِ والمالِ آتياعٌ وخسران
يجبي له الإثم والأموالَ عاملهُ … فالإثمُ يحصلُ والأموال تُختان
حاشى الموفقَ إن الله صائنه … عن ذاك والله للأخيار صوان
تلكم أمورٌ وليُّ العهْدِ ينْظِمُها … نظْمَ القلادة ِ إحكامٌ وإتقانَ
في كفِّ كافٍ أمين غيرِ مُتَّهم … غنَّى بذلك مُشَّاءٌ ورُكبان
فالمُجتبى مُجتبى ً في كلِّ ناحية ٍ … كانتْ مناهبَ والديوان ديوان
يامن إذا الناسُ ظنُّوا أنَّ نائلهُ … قد سال سائلهُ فالناس كُهَّان
إنِّي رأيتُ سؤالَ الباخلينَ زِناً … وفي سؤالك للأحرارِ إحصان
إذا تَيمَّمكَ العافي فكوكبُهُ … سعْدٌ ومرعاهُ في واديكَ سعدان
إليك جاءتْ بوَحْشِ الشعر تحملها … حُوش المطيِّ الذي يعتام حِيدان
جاءتْ بكل شَرودٍ كلَّ ناحية ٍ … كعاصفِ الريح يَحْدُوها سليمان
ألحاظُ برقٍ إذا لاحتْ مُهَجَّرة ً … واستوقدتْ من أوار الشمس حران
همَّتْ بأنْ تَظْلِمَ الظِّلمانَ سُرعَتُها … وكاد يظلُمها من قال ظِلمان
تطْوي الفلا وكأن الآلَ أرْدِية ٌ … وتارة ٌ وكأنَّ الليلَ سيجانُ
كأنها في ضحاضيحِ الضَّحى سُفُنٌ … وفي الغمارِ من الظَّلماءِ حيتان
تَرْجوكَ يا مَنْ غدا للناسِ وهْو أبٌ … ولم تشبِ وهُمْ شِيبٌ وشُبَّان
بل أيُّها السيِّدُ الممنوح ثروتَه … ملكاً صحيحاً إذا المُثْرُون خُزان
تِبيانُ ذلك أن أطلِقْتَ تَبذُلها … بدْءاً وعَوْداً وللأشياء تبيان
وما غُللتَ بِغُلِّ البُخْلِ عنْ كرم … وقد يُغَلُّ بغُلِّ البُخل أيمان
أحيى بك الله هذا الخَلْقَ كُلَّهُم … فأنتَ روحٌ وهذا الخلقُ جُثمان
وقد ظننتُ وحولُ الله يعصمني … من ذاك أن نصيبي منك حرمان
أساءَ بي منك مِحسانٌ وما شَجِيتْ … نفسْ بمثلِ مسيءٍ وهو مُحسان
ضاقت بلواي أعطاني بما رَحُبَتْ … ولن تضيق بغوثي منك أعطانُ
يشكوكَ شعري ويستعديك يا حكمي … ويا خَصِيمي ويا مَنْ شأْنُه الشَّان
وما لمثلك يستعدِي مُؤمِّلهُ … أنَّى وعدلُك بينَ النَّاسِ ميزان
أنت الذي عدلتْ في الأرضِ سيرتُهُ … حتى تواردَ يعْفورٌ وسِرحان
وأنصف الناس منه أنه رجلٌ … يُخيفهُ اللَّهُ إسلامٌ وإيمآن
وأسعدُ الناسِ سلطانٌ له وَرَعٌ … عليه منهُ لأهلِ الحقِّ سلطان
ما بالُ شِعْرِيَ لم تُوزَنْ مثوبتُه … وقد مضتْ منه أوزانٌ وأوزانُ
أمِثْلُ شِعْريَ يُلوى حقُّه وله … عليك من خِيمك المحمودِ أعوان
أمْ وَعْدُ مثلك لا يُجبى لآملهِ … وقد تهادَتْهُ أزمانٌ وأزمان
مالي لديكَ كأنِّي قد زَرَعْتُ حَصى ً … في عام جدب وظهرُ الأرض صفوان
أما لزرعي إبَّانُ فأنظرهُ … حتى يريعَ كما للزرعِ إبان
أعائذ بك يسْتسقي بمَعطشة ٍ … وفي يمينك سَيْحانَ وجيحان
في راحَتَيْكَ من اليمَّيْن لجُّهما … وفي بنانك أنهارٌ وخُلجان
وقد يُسوَّفُ بالإسقاء ذو ظمأ … ولن يسوَّفَ بالإسقاء غصّان
وبي صدى وبحلقي غُصَّة ً برج … فاعْجَلْ بغوثِكَ إن الرِّيثَ خِذلان
وليس مثلك بالمخذول أمِلُه … إذا أطاع جميلَ الفعلِ إمكان
إن لا يُكْنُ وجدَ حُرٍّ ملءَ همته … فقد يمُدُّ وعاءٌ وهو نصفان
ما حمدُ مَنْ جادَ إن كظَّتْه ثروتُه … ما الحمد إلاَّ لمُعطٍ وهْو خُمصان
نوِّلْ فإنك مَجْزِيٌّ وإنَّ معي … شُكراً إذا شئتَ لم يخلطْهُ كُفران
وإن أبيتَ فحسبي منك عارفة ً … أن امتداحكَ عند الله قُربان
والحرُّ يسغَبُ دهرا وهو ذو سعة … والعَفُّ يَطوِي زَمانا وهو سَغبانُ
وللبلاءِ انفراجٌ بعد أمنة ٍ … ورعية ُ الدَّهرِ إعجافٌ وإسمان
وللإله سجالٌ مِنْ فواضلهِ … كلُّ امرىء ناهلٌ منها وعَلاَّن
إن لا يُعنِّي على دَهرِي أخو ثِقة ٍ … من العباد فإنَّ اللَّهَ مِعوان
أو يبطُلُ الحقُّ بينَ الناسِ كُلِّهُمُ … فليسَ للحقِّ عند الله بُطلان
خُذها أبا الصقْرِ بكْرا ذاتِ أوشية ٍ … كالروْض ناصَى عراراً فيه حوذان
واسلم لراجيك مَسعوداً وإن تربَتْ … ممَّن يُعاديكَ آنافٌ وأذقان