ألمْ يأنِ أنْ يبكي الغمامُ على مثلي، – ابن زيدون
ألمْ يأنِ أنْ يبكي الغمامُ على مثلي، … ويطلبَ ثأرِي البرقُ منصلتَ النصلِ
وَهَلاّ أقَامَتْ أنْجُمُ اللّيلِ مَأتماً، … لتندبَ في الآفاقِ ما ضاعَ من نثلي
ولَوْ أنصَفتَني، وهيَ أشكالُ همّتي، … لألقَتْ بأيدي الذّلّ لمّا رأتْ ذلّي
ولافترقَتْ سبعُ الثّريّا، وغاضَها، … بمطلعِها، ما فرّقَ الدّهرُ من شملي
لعمرُ اللّيالي إنْ يكنْ طال نزْعُها … لقد قرطَستْ بالنَّبلِ في موضعِ النُّبلِ
تَحَلّتْ بآدابي، وإنّ مآرِبي … لسانحة ٌ في عرضِ أمنيّة ٍ عطلِ
أُخَصُّ لفَهمي بالقِلى ، وكأنّما … يبيتُ، لذي الفهمِ، الزّمانُ على ذحلِ
وأجفَى ، على نظمي لكلّ قلادة ٍ، … مُفَصَّلَة ِ السِّمطَينِ، بالمَنطقِ الفصْلِ
ولوْ أنّني أسطيعُ، كيْ أرضِيَ العدا، … شَريْتُ ببعضِ الحلمِ حظّاً من الجهلِ
أمَقْتُولَة َ الأجفْانِ مَا لكَ وَالهاً؟ … ألمْ تُرِكِ الأيّامُ نجْماً هوَى قَبْلي؟
أقِلّي بُكاءً، لستِ أوّلَ حُرّة ٍ … طوتْ بالأسَى كشحاً على مضض الثّكلِ
وَفي أُمّ مُوسى عِبْرَة ٌ أنْ رَمَتْ بهِ … إلى اليَمّ، في التّابوتِ، فاعتَرِي وَاسلى
لعلّ المليكَ المجملَ الصُّنعِ قادراً … له بعد يأسٍ، سوفَ يجملُ صنعاً لي
وللهِ فينا علمُ غيبٍ، وحسبُنا … به، عند جوْرِ الدّهرِ، من حَكَمٍ عَدْلِ
هُمَامٌ عَريقٌ في الكِرَامِ، وقَلّما … ترَى الفرعَ إلاّ مستمدّاً من الأصلِ
نَهُوضٌ بِأعْباء المُرُوءة ِ وَالتّقَى ؛ … سحوبٌ لأذيالِ السّيادة ِ والفضْلِ
إذا أشْكَلَ الخَطْبُ المُلِمُّ، فءنّهُ، … وَآراءهُ، كالخَطّ يُوضَحُ بالشّكلِ
وذو تدرإٍ للعزمِ، تحتَ أناتِهِ، … كمُونُ الرّدى في فَترة ِ الأعينِ النُّجلِ
يرفُّ، على التّأميلِ، لألاءُ بشرِهِ، … كما رَفّ لألاءُ الحُسامِ على الصّقْلِ
محاسنُ، ما للحسنِ في البدرِ علة ٌ، … سِوى أنّها باتَتْ تُمِلّ فيَسْتَملي
تغِصُّ ثنائي، مثَلما غصّ، جاهداً، … سِوارُ الفتاة ِ الرّادِ بالمِعصمِ الخَدلِ
وتغنى عنِ المدحِ، اكتفاءً بسروِها، … غنى المقلة ِ الكحلاء عن زينة ِ الكحلِ
أبَا الحزمِ إنّي، في عتابِكَ، مائلٌ … على جانبٍ، تأوِي إليهِ العُلا سهلِ
حمائمُ شكوى صبّحتكَ، هوادِلاً، … تنادِيكَ منْ أفنانِ آدابيَ الهدْلِ
جوادٌ، إذا استنّ الجيادُ إلى مدى ً … تمطّرَ فاستولى على أمدِ الخصلِ
ثَوَى صَافِناً في مَرْبطِ الهُونِ يشتكي، … بتصهالِهِ، ما نالَهُ من أذى الشّكْلِ
أفي العَدْلِ أنْ وافَتكَ تَتْرَى رَسائلي … فلمْ تتركَنْ وضعاً لها في يديْ عدلِ؟
أعِدُّكَ للجلّى ، وآملُ أنْ أرَى ، … بنعماكَ، موسوماً، وما أنا بالغفْلِ
وما زالَ وَعدُ النّفسِ لي منكَ بالمُنى ، … كأنّي به قد شمتُ بارقة َ المحلِ
أأنْ زعمَ الواشونَ ما ليسَ مزعماً … تعذِّرُ في نصرِي وتعذرُ في خذلي؟
وأصدى إلى إسعافكَ السّائغِ الجَنى ؛ … وأضحى إلى إنصافِكَ السّابغِ الظلّ
ولو أنّني واقعتُ عمداً خطيئة ً، … لما كانَ بدعاً من سجاياكَ أن تُملي
فلمْ أستَترْ حَرْبَ الفِجارِ، ولم أُطعْ … مُسَيلمة ً، إذ قالَ: إنّي منَ الرُّسْلِ
ومثليَ قدْ تهفو بهِ نشوة ُ الصِّبَا؛ … وَمثلُكَ قد يعفو، وما لكَ من مثلِ
وإنّي لتنهَاني نهايَ عنِ الّتي … أشادَ بها الواشي، ويعقلُني عقلي
أأنكُثُ فيكَ المدحَ، من بعدِ قوّة ٍ، … ولا أقتدي إلاّ بناقضة ِ الغزْلِ
ذمَمْتُ إذاً عهدَ الحياة ِ، ولم يزَلْ … مُمِرّاً، على الأيّامِ، طَعمُهَا المحَلي
وما كنتُ بالمُهدي إلى السّودَدِ الحَنَا … ولا بالمُسيء القولِ في الحسنِ الفعلِ
ما ليَ لا أُثني بِآلاء مُنْعِمٍ، … إذا الرّوْضُ أثنى ، بالنّسيمِ، على الطّلّ
هيَ النّعلُ زلّتْ بي، فهل أنتَ مكذبٌ … لقيلِ الأعادي إنّها زَلّة ُ الحِسْلِ؟
وهلْ لكَ في أن تشفعَ الطَّولَ شافعاً … فتُنجحَ مَيمونَ النّقِيبة ِ، أوْ تُتْلي؟
أجرِ أعدْ آمِن أحسنِ ابدأ عُدِ اكفِ … حُط تحفّ ابسطِ استألِفْ صُن احم اصْطنع أعلِ
منى ً، لوْ تسنّى عقدُها بيدِ الرّضَا … تيسّرَ منها كلُّ مستصعبِ الحلّ
ألا إنّ ظَني، بَينَ فِعلَيكَ، وَاقِفٌ … وُقوفَ الهوَى بينَ القَطيعة ِ وَالوَصْلِ
فإنْ تمنَ لي منكَ الأماني، فشيمة ٌ … لذَاكَ الفَعالِ القَصْدِ والخُلقِ الرَّسلِ
وإلاّ جنيتُ الأنسَ من وحشة ِ النّوَى … وَهَولِ السُّرَى بينَ المَطيّة ِ والرّحلِ
سيُعْنَى بِمَا ضَيّعتَ مِنّي حافِظٌ؛ … ويلفى لما أرْخَصْتَ من خطرِي مغْلي
وأينَ جوابٌ عنكَ ترضَى به العُلا، … إذا سألَتْني بعدُ ألسنة ُ الحفلِ؟