أصبتُ لو أحمدتُ أن أصيبا – مهيار الديلمي

أصبتُ لو أحمدتُ أن أصيبا … و فزتُ لو كان الحجا المطلوبا

و راضَ منى الدهرُ ظهرا لم يكن … لو أنصفَ الحظُ له مركوبا

أقسمَ لا ازددتُ به فضيلة ً … دهريَ إلا زادني تعذيبا

فكلما آنستُ منه بأذى … بقاهُ واستأنف لي غريبا

رميتُ حظي بوجوهِ حيلى … فلم أصبْ ولم أقعَ قريبا

تنزهٌ يعابُ أو محاسنٌ … محسودة ٌ محسوبة ٌ ذنوبا

انظر إلى الأقسام ما تأتي به … متى أردتَ أن ترى عجيبا

تجمعُ بين الماءِ والنارِ يدٌ … و ما جمعتَ الرزقَ والأديبا

ليتَ كفاني الدهرُ مع تخلصي … مكروههُ كما كفى المحبوبا

أوليتَ أعدي خلقي جنونهُ … فكنتُ لا سمحا ولا لبيبا

يا صاحبَ الزمانِ مغترا به … أنتَ دمٌ فاحذرْ عليك الذيبا

تبعثُ ألحاظك من وفائه … بارقة ً صيفية ً خلوبا

سلني به وقسْ عليَّ معهُ … فقد قتلتُ أهله تجريبا

بعدَ عنائي واجتهادي كله … بالأرض حتى ولدتْ نجيبا

جاءت به بعد التراخي غلطاً … ثم نوتْ من بعد أن تتوبا

أبلجَ بسامَ العشى ّ واضحا … ريانَ مخضرّ الثرى رطيبا

تصفو المدامُ وتروقُ ما انتمتْ … حسناً إلى أخلاقه وطيبا

للمجد قومٌ وقليلٌ ما همُ … و في القليل تجدُ المطلوبا

كالنجم للباعِ المديد بعدهُ … و للعيون أن يرى قريبا

لا تشكرنَّ من فتى ً فضيلة ً … و ليس فيها معرقا نسيبا

فإنما أعطى ابنَ أيوبَ المدى … في الشرف اقتفاؤه أيوبا

يا لابسَ الكمال غيرَ معجبٍ … تركتَ كلَّ لابسٍ سليبا

إن غادر الشكرُ لساناً ناكلا … و كان سيفا قبله مذروبا

فقد عقدتَ لسني وقدتني … بالطولِ في حبالهِ جنيبا

حسبتُ أعداد الحصى ولم أطقْ … عدَّ الذي أوليتني محسوبا

في كلّ يومٍ شارقٍ معونة ٌ … تبردُ حرَّ جورهِ المشبوبا

و نعمة ٌ تسير في نضوحها … خرقَ الجديب فيرى خصيبا

يخجلني استقبالها فتحسب ال … عينُ ابتسامي نحوها قطوبا

لو شئتُ لاسترحتُ من أثقالها … إن كنتُ من مكرمة ٍ متعوبا

كنتُ أخاً فلم تزل تسبغني … باللطفِ حتى خلتني حبيبا

فإن قضى الثناءُ حقَّ نعمة ٍ … أو كاد أن يقضيها تقريبا

و أقنعَ الميسورُ فاحبسْ شرداً … تسألُ عنها الشمألُ الجنوبا

يعلقُ بالعرضِ الكريم نشرها … و هي به طائرة ٌ هبوبا

إذا بنيتُ البيتَ منه ودتِ ال … أسماعُ لو كانت له طنوبا

يخلدُ مسموعا ويغني كلما … عوضتَ مهدى عنه أو موهوبا

عدَّ السنينَ صومها وفطرها … تتحفُ مقروءا به مكتوبا