أرأيتَ أمْ حبستْ لحاظكَ عبرة ٌ – مهيار الديلمي

أرأيتَ أمْ حبستْ لحاظكَ عبرة ٌ … طللاً لسعدا بالمحصَّبِ أو قصا

تبعَ الرِّياحَ وكان يسألُ مفصحاً … عنْ ساكنيهِ فصارَ ينطقُ معوصا

دمنٌ إذا شخصتْ لعينكَ أشرفتْ … نزواتُ قلبكَ يقتضيكَ مشخصا

بعدتْ بآثارِ الأنيسِ عهودها … فوحوشها في نجوة ٍ أنْ تقنصا

وكأنَّ جائمة َ الثِّغامِ بعقرها … أشياخُ حي جالسينَ القرفصا

ولقدْ تعدُّ فلا تعدُّ بطالة ً … لكَ في ثراها بدِّدتْ بددَ الحصا

أيَّامُ عيشكَ باردٌ متلوِّمٌ … وسواكَ ينهشُ عيشهُ مستفرصا

وعليكَ منْ ظللِ الشَّبابِ وقاية ٌ … ظلٌّ لعمركَ حينَ أسبغَ قلِّصا

ندمانَ سافرة ِ الجمالِ إذا احتمتْ … عيناً تنقَّبتِ البنانَ الرُّخَّصا

ريَّاً إذا هزَّتْ لشغلٍ غصنها … أمرَ الكثيبُ وراءها أنْ تنكصا

سمجتْ فغودرَ كلُّ ذنبٍ عندها … إلاَّ الخيالُ تكذباً وتخرُّصاً

وعجبتُ منها والموانعُ جمَّة ٌ … منْ أنَّها وجدتْ إليَّ تخلُّصا

طرقتْ وشملتها الدَّجى فأسرَّها … سيئاً ونمَّ بها الحليُّ فأوبصا

مالي سمحتُ بحظِّ نفسي ذاهباً … في الغافلينَ وبعتُ حزمي مرخصا

والدُّهرُ يوسعني إذا عاصيتهُ … لحظاً يسارقني التَّوعُّدَ أخوصا

ولقدْ كفاني شيبُ رأسي عبرة ً … وعلى الفناءِ دلالة ً أنْ نقِّصا

فلأركبنَّ إلى السلامة ِ غاربي … عودَ إذا وخدِ المهاري أو قصا

أنسَ بأشباحِ الفيافي طرفهُ … لا يطبِّيهِ منفِّرُ أنْ يقمصا

يطسُ الثَّرى ورداً وينصلُ أورقا … ممَّا ارتدى بغبارهِ وتقمَّصا

متحرياً بهدايتي وأدائهِ … في حيثُ لاتجدَ القطاة ُ المفحصا

في فتية ٍ يتبادلونَ نفوسهمْ … في الحقِّ أينَ رأوهُ لاحَ محصحصا

ومسوِّمينَ ضوامرا أعرافها … تفلى بأطرافِ الرِّماحِ وتنتصى

تبعوا هوايَ مكلفاً أو مؤثراً … وتعلَّقوا بي مازحاً أو مخلصا

وإذا بلغتَ بناصحٍِ أو مدهنٍ … ما تبتغيهِ فقدْ أطاعكَ منْ عصى

يشكو ملالي نافرٌ خلقي بهِ … ولقدْ اكونُ على التَّواصلِ أحرصا

وتصبُّ نفسي غيرَ أنِّي لمْ أجدْ … خلاًّ سقاني الودَّ إلاَّ غصَّصا

قدْ كنتُ أطلبُ منْ عدوي غرّة ً … فالآنَ أطلبُ منْ صديقي مخلصا

كمْ صاحبٍ بالأمسِ صادفَ بطنة ً … فترتْ بهِ لمّا رآني مخمصا

لمْ يلفِ لي عيباً وطالعَ عرضهِ … فرنا إليَّ بعيبهِ وتخرّّصا

عدِّ بنِ أيّوبٍ ورضْ شيمي ترضْ … متراجعاتٍ عنْ سواهُ حيَّصا

أنفقتُ كلَّ مودَّة ٍ أحرزتها … سرفاً ورحتُ بودِّهِ متربِّصا

منْ معشرٍ شرعوا إلى حاجاتهم … أسلا كفتهُ مداهمُ أنْ يخرصا

منْ كلِّ أرقشَ إنْ تأوّدَ ثقَّفتْ … منهُ البلاغة ُ أو تسدَّدُ أقعصا

يتوارثونَ بهِ العلاءَ فسابقٌ … يمضي وقافٍ إثرهُ متقصِّصا

ولدتْ حلومهمْ وهمْ لمْ يولدوا … منْ قبلِ أنْ قرعتْ لذي الحلمِ العصا

كرماءُ حبَّبهمْ إليَّ كريمهمْ … إنَّ الهوى ما عمَّ حتَّى خصَّصا

بمحمَّدٍ ردَّتْ على أعقابها … عنْ ساحتي غشمُ الحوادثِ نكَّصا

أعطى فأغنا مسرفاً متعدّياً … ميسورهُ كرماً وودَّ فأخلصا

وخبرتُ قوماً قبلهُ وخبرتهُ … فعرفتُ مولى السَّيفِ منْ عبدِ العصا

تفدي ثرى قدميك قمّة ُ ناقصٍ … حزتَ العلا ملكاً وطرَّ تلصُّصا

حرمَ السِّيادة ُ يافعاً فاستامها … شيخاً فكانَ كناكحٍ بعدَ الخصا

لمّا جلستَ وقامَ ينشرُ باعهُ … جهدَ التَّطاولِ لمْ يجدِ لكَ أخمصا

لو ذمَّ ما ألمِ المذمَّة ِ عرضهُ … ما ينقصُ العوراءُ منْ أنْ تبخصا

وأنا الّذي سرَّ القلوبَ وساءها … ما حكتهُ لكَ مسهباً وملخِّصا

وتناذرَ الشُّعراءُ مسَّ لواذعي … والجمرُ يحمي نفسهُ أنْ يقبصا

واستمتني رقِّي فبعتكَ مرخصا … عنْ رغبة ٍ وكواهبٍ منْ أرخصا