لمن صاغياتٌ في الحبلِ طلائحُ – مهيار الديلمي
لمن صاغياتٌ في الحبلِ طلائحُ … تسيلُ على نعمانَ منها الأباطحُ
تخابط أيديها الطيرقَ كأنها … موائرُ في بحر الفلاة سوابحُ
دجا ليلها وهي السهام تقامصا … فلم ينصرم إلا وهنَّ طرائحُ
كأنَّ الوجى سرٌّ تخاف انتشاره … فمنها مرمٌّ بالتشاكي وبائحُ
حملنَ شموسا في الحدوج غواربا … و ليلُ السرى منهن أبلجُ واضحُ
ينوء بها أن القدودَ خفائفٌ … و يظلعها أن المتونَ رواجحُ
و فيهنّ منصورُ السهام مسلطٌ … لعينيه أن تدوى القلوبُ الصحائحُ
يطير جبارا ما أراقت لحاظه … إذا وفيتْ حكمَ القصاص الجرائحُ
رماني ونسكُ الحجّ بيني وبينه … و لم يدر أنّ الصيد في الحجّ قادحُ
طرحتُ بجمعٍ نظرة ً ساء كسبها … و تبعثُ شراً للعيون المطارحُ
فإن سترتْ تلك الثلاثُ على منى ً … هواي فيومُ النفرِ لا شكّ فاضحُ
بكيتُ ولامَ العاذلاتُ فلم تغضْ … على رقية ِ العذلِ الدموعُ السوافحُ
و لم أرَ مثلَ العينِ تشفى بدائها … و لا كالعذول يجتوى وهو ناصحُ
أمنكِ ابنة َ الأعراب طيفٌ تبرعتْ … به هبة ُ التغويرِ والليلُ جانحُ
طوى الرملَ حتى ضاق بيني وبينه ال … عناقُ وما بيني وبينكِ فاسحُ
فباتَ على ما ترهبينَ ركوبه … هجوما وفيما تمنعين يسامحُ
رعى اللهُ قلبا ما أبرَّ بمن جفا … و أثبتَ عهداً والعهودُ طوائحُ
و أوسعَ ذرعا بالوفاء وصونهِ … إذا ضاق ما تطوى عليه الجوانحُ
عذيريَ من دهري كأني أريده … على الودّ سلما وهو قرنٌ مكافحُ
و صحبة ِ خوانينَ بائعهم وإن … تكثر منهم بالتوحدِ رابحُ
أخوهم أخو الذئب الخبيثِ يدله … على الدمِ ما تملي عليه الروائحُ
و أيدٍ سباطٍ وهي بالمنع جعدة ٌ … تلاطمني منها اللواتي أصافحُ
يضيء على أبصارهم ضوءُ كوكبي … و موضعهُ من مطلع الفضل لائحُ
قعدتُ مع الحرمانِ بينَ ظهورهم … و طائرُ حظي لو تعيفتُ سانحُ
لقد كان لي عن بابلٍ وجدوبها … مذاهبُ يتلوها الغنى ومنادحُ
تركتُ عبابَ البحر والبحرُ معرضٌ … و أملتُ ما تسقى الركايا النوازحُ
و لو نهضتْ بي وثبة ُ الجدَّ زاحمتْ … على الماء هذى الآبياتُ القوامحُ
إذاً لسقاها ناصرُ الدين ما استقتْ … كبودٌ حرارٌ أو شفاهٌ ملاوحُ
و قد كانت الزوراءُ دارَ إقامة ٍ … و منعمة ٍ فيها المنى والمفارحُ
زمانَ العلا محفوظة ٌ في عراصها … ثقالٌ وميزانُ الفضائلِ راجحُ
فقد حولتْ تلك المحاسنُ وانتهتْ … إلى غيرها في الأرض تلك المنائحُ
و أضحتْ عمان للمكارمِ رحلة ً … تراحُ عليها المتعباتُ الروازحُ
بها الملكُ طلقٌ والمغاني غنية ُ ال … ربا ومساعي الطالبين مناجحُ
يضوع ثراها بالندى فتخالها … رياضا وكانت قبلُ وهي ضرائحُ
يدبرها سبط اليدين بنانه … لمقفل أرزاق العباد مفاتحُ
صفا جوها بعد الكدور بعدله … و طابت حساياها الخباثُ الموالحُ
فما غيرها فوق البسيطة للعلا … مقرٌّ على أن البلاد فسائحُ
و لا ملكٌ إلا وفضلة ُ ربها … عليه إذا عدَّ الملوكُ الجحاجحُ
بهمة محي الأمة اجتمعت لها ال … بدائدُ وانقادت إليها الجوامحُ
بأروعَ وسمُ الملكِ فوق جبينه … إذا ارتابت الأبصارُ أبلجُ واضحُ
إذا نسبَ الأملاكُ لم يخش خجلة َ ال … دعاوى ولم تدخل عليه القوادحُ
من النفر الغرّ الذين ببأسهم … و نعمائهم تلقى الخطوبُ الفوادحُ
إذا ما دجت عشواءُ أمرٍ فأمرهم … و نهيهمُ شهبٌ لها ومصابحُ
لهم قصباتُ السبق في كل دولة … هم السرُّ منها والعتاقُ الصرائحُ
ينالون أقصى ما ابتغوه بأذرع … مخاصرها صمُّ القنا والصفائحُ
أصولُ علاً منصورة ٌ بفروعها … إذا غاب ممسٍ منهمُ هبَّ صابحُ
و ربَّ يمينُ الدولة المجدَ بعدهم … كما ربت الروضَ الغيوثُ السوافحُ
جرى جريهم ثم استتمّ بسبقه … و كم وقفتْ دون الجذاعِ القوارحُ
همامٌ مع الإصرار مصطلمٌ لمن … عصى ومع الإقرار بالذنب صافحُ
تسنمَّ أعوادَ السرير محجبٌ … لواحظه شرقا وغربا طوارحُ
تراصدُ جرى َ الأرض رجعاتُ طرفه … كما ركبَ المرباة َ أزرقُ لامحُ
ألا أيها الغادي ليحملَ حاجتي … لعلك إن بلغتَ بالنجح رائحُ
أعد في مقرّ العزّ عني تحية ً … يذكي النسيمَ طيبها المتفاوحُ
و قل عبدك المشتاقُ لا عهدهُ عفا … و لا وجدهُ إن نقلَ الوجدُ نازحُ
و من لم يخيبْ قطّ عالي ظنونه … لديك ولم تخدجْ مناه اللواقح
و أغنيته عمن سواك فلم يبلْ … جفا مانعٌ أو برّ بالرفد مانحُ
قليبٌ قريبٌ لي ببغدادَ ماؤها … و منبعها شحطَ النوى متنازحُ
لها كلّ عامٍ من سماحك ناهزٌ … و من عهدك الوافي رشاءٌ وماتحُ
إذا ما استدرَّ الشكرُ سلسالَ صوبها … و جاءك عني تمتريها المدائحُ
أتتني وبطنُ البحر ظهرُ مطيها … فروتْ غليلي والسفينُ النواضحُ
و ما زادها التنقيصُ إلا غزارة ً … و إلا صفاءً طولَ ما أنا نازحُ
تبلُّ ثرى أرضي وجسميَ وادعٌ … و تثمرُ لابني وهو ساعٍ مكادحُ
كلانا سقى من عفوها وزلاها … و إن حبستني عقلتي وهو بارحُ
فللهِ مولى منك ما ليَ عنده … و متجرُ من يدلي بجاهيَ رابحُ
و ها هو قد كرت اليك رجاءهُ … سوائرُ حاجٍ طيرهنَّ سوانحُ
فأمرك زاد اللهُ أمرك بسطة ً … بما عودت تلك السجايا السحائحُ
أعنْ جهده واعرف له خوض زاخرٍ … يهزُّ الضلوعَ موجه المتناطحُ
و لم أستزدْ نعماك إلا ضرورة ً … و قد تستزادُ المزنُ وهي دوالحُ
بما ثقلتْ ظهري الخطوبُ وضاعفتْ … تكاليفَ عيشي وانتحتني الجوائحُ
و ما بثَّ من زغبٍ حواليَّ كالقطا … تنزى الشرار أعجلتها المقادحُ
أمسح منهم كلَّ عطفٍ أسفتُ إذ … أتاني وقد بيضنَ منيّ المسائحُ
نجوتُ على عصرِ الشبيبة ِ منهمُ … و أرهقني المقدارُ إذ أنا قارحُ
فدتك ملوكٌ ذكرُ مجدكِ بينهم … مثالبُ في أعراضهم وجرائحُ
إذا لعنوا صلتْ عليك محافلٌ … صفاتك قرآنٌ لها ومسابحُ
حموا مالهم أن تنتحى بنقيصة … عقائلهُ والسارياتُ السرائحُ
و مالكَ في الآفاق شتى ً موزعٌ … كرائمهُ والباقياتُ الصوالحُ
سهرتَ ونام الناسُ عما رأيته … كأنك للعلياء وحدك طامحُ
و جاريتَ سيبَ البحرِ ثم فضلته … و هل يستوي البحرانِ عذبٌ ومالحُ
أعرنيَ سمعا لم تزل مطرباً له … إذا ما تغنته القوافي الفصائحُ
و أصغِ لها عذراءَ لولاك لم تجب … خطيبا ولم يظفر بها الدهرَ ناكحُ
من الباهراتِ لم تحدثْ بمثلها ال … نفوسُ ولم توصل إليها القرائحُ
ظهرتُ بها وحدي على حين فترة ٍ … من الشعر برهاني بها اليومَ لائحُ
و منْ شرفِ الأشعار أنك سامعٌ … و من شرف الإحسان أنيَ مادحُ
و منْ ليَ لو أني مثلتُ مشافها … أفاوضها أسماعكم وأطارحُ
و أن ينهضَ الجدُّ العثورُ بهجرة ٍ … تعالجُ أشواقي بها والتبارحُ
و يا ليتما ريح الشمال تهبُّ لي … فتطلعني منها عليك البوارحُ
و كيف مطاري والخطوب تحصني … و أخدي شوطي والليالي كوابحُ
و قد كان جبن القلب يقعدُ عنكمُ … فقد ساعدته بالنكولِ الجوارحُ
و أقسمتِ الستونَ ما لخروقها … إذا اتسعتْ في جلدة المرءِ ناصحُ
و إني على أنسي بأهلي وموطني … لأعلمُ أنَّ العيشَ عندك صالحُ