تزلُّ الليالي مرة ً وتصيبُ – مهيار الديلمي
تزلُّ الليالي مرة ً وتصيبُ … و يعزبُ حلمُ الدهرِ ثمَّ يثوبُ
و تستلقحُ الآمالُ بعدَ حيالها … أواناً وينأى الحظُّ ثم يؤوبُ
و لولا قفولُ الشمس بعد أفولها … هوتْ معها الأرواحُ حين تغيبُ
تنظرْ وإن ضاقت بصدرٍ رحابهُ … فروج صلاحٍ ذرعهنّ رحيبُ
فما كلُّ عينٍ خالجتك مريضة ٌ … و خطفة ِ برقٍ خالستك خلوبُ
قضتْ ظلماتُ البعدِ فيك قضاءها … فصبحا فهذا الفجرُ منك قريبُ
بدتْ أوجهُ الأيام غراً ضواحكا … و كنَّ وفي استبشارهنّ قطوبُ
و طارحنني عذرَ البريءِ وربما … سبقنَ وفي أعذارهنّ ذنوبُ
أرى كبدى قد أثلجتْ في ضلوعها … و كانت على جمرِ الفراقِ تذوبُ
و راحت إليها بعدَ طول التياحها … صباً قرة ٌ تندى لها وتطيبُ
سرى الفضلُ من ميسانَ يشرقُ بعدما … أطال دجى الزوراءِ منه غروبُ
و هبت رياح الجودِ بشرى بقربهِ … لها سالفٌ من نشرها وجنيبُ
و ما خلتُ أن البدرَ يطلعُ مصعدا … و لا أنَّ ريحَ المكرماتِ جنوبُ
تزاحمتِ الأيامُ قبلَ لقائه … بجنبيَّ من ذنب الفراقِ تتوبُ
و تفسمُ لي أيمانَ صدقٍ بأنْ غداً … تراه وبعضُ المقسمينَ كذوبُ
و قد زادني شكرا لحسنِ وفائها … بما وعدتْ أنَّ الوفاءَ غريبُ
كفى البين أني لنتُ تحتَ عراكهِ … و خرتُ وعودي في الخطوبِ صليبُ
و قاربتُ من خطوى رضاً بقضائهِ … و لي بين أحداثِ الزمانِ وثوبُ
حملتُ وسوقَ البعدِ فوق أضالع … من الثقلِ عضاتٌ بها وندوبُ
أخبُّ حذارَ الشامتينَ تجلدا … بهنّ وما تحتَ الخبالِ نجيبُ
فإن تعقبِ الأيامُ حسنى تسوءها … فللصبرِ أخرى حلوة ٌ وعقيبُ
سمتْ أعينٌ مغضوضة ٌ وتراجعتْ … إلى أنسها بعد النفور قلوبُ
و عادت تسرّ الرائدين خميلة ٌ … تعاورها بعدَ الحسين جدوبُ
فماءُ الندى عذبُ اللصابِ مرقرقٌ … و غصنُ المنى وحفُ النباتِ رطيبُ
سيلقى عصاهُ وادعاً كلُّ خابطٍ … على الرزقِ يطوى أرضه ويجوبُ
و هل ينفضُ الجوَّ العريضَ لنجعة ٍ … أريبٌ وأوديه أعمُّ خصيبُ
أقولُ لآمالي وهنّ رواقدٌ … خذي أهبة َ اليقظانِ حانَ هبوبُ
إذا الصاحبُ استقبلت غرة َ وجههِ … بدا قمرٌ واف وماسَ قضيبُ
و لم تفتحي الأجفانَ عن طرف لافتٍ … إلى نائباتِ الدهرِ حين تنوبُ
سلامٌ وحيا اللهُ والمجدُ سنة ً … لها في دجناتِ الظلامِ ثقوبُ
و زادت علاءً في الزمان وبسطة ً … يدٌ تصرمُ الأنواءُ وهي حلوب
لآثارها في كلَّ شهباءَ روضة ٌ … و في كلَّ عمياءِ المياهِ قليبُ
حمى مجدهُ وافي الحمائل سيفهُ … غيورٌ إذا ما المجدُ صيمَ غضوبُ
له كلَّ يومٍ نهضة ٌ دون عرضهِ … إذا نام حبا للبقاءِ حسيبُ
قليلة ُ أنسِ الجفنِ بالغمض عينهُ … و للعارِ مسرى نحوه ودبيبُ
إذا سال وادي اللؤمِ حلتْ بيوتهُ … بأرعنَ لا ترقى إليه عيوبُ
و قامَ بأمرِ الملك يحسمُ داءهُ … بصيرٌ بأدواءِ الزمانِ طبيبُ
له مددٌ من سيفهِ ولسانهِ … قؤولٌ إذا ضاقَ المجالُ ضروبُ
إذا يبستْ أقلامهُ أو تصامتتْ … فصارمهُ رطبُ اللسانِ خطيبُ
يرى كلَّ يومٍ لابساً دمَ قارنٍ … له جسدٌ فوق الترابِ سليبُ
و لم أرَ مثلَ السيف عريانَ كاسياً … و لا أمردَ الخدين وهو خضيبُ
و قد جربوه عاطلاً ومقلدا … و قادوه يعصى حبلهُ ويجيبُ
فما وجدوا مع طولِ ما اجتهدوا له … فتى ً عنه في جلى َّ تنوبُ ينوبُ
فعادوا فعاذوا ناهضين بعاجزٍ … حضورهمُ ما أخروه مغيبُ
أمينٌ على ما ضيعوا من حقوقه … سليمٌ وودّ الغادرين مشوبُ
من البيضِ إلا أن يحلى وجوههم … إذا هجروا خلفَ الترابِ شحوبُ
صباحٌ نجومُ العزَّ فوق جباههم … طوالعُ غرٌّ والنجومُ تغيبُ
عصائبُ تيجان الملوك سماتهم … و يومهمُ تحتَ الرماح عصيبُ
إذا حيزَ بيتُ الفخرِ حلقَ منهمُ … عليه شبابٌ طيبونَ وشيبُ
لهم كلُّ مقرورٍ عن الحلمِ ظنهُ … يقينٌ وهافى عزمتيه لبيبُ
تغيضُ أكف الواجدين وكفهُ … على العدمِ تهمى مرة ً وتصوبُ
تكادُ من الإشراق جلدة ُ خدهِ … تغصُّ بماءِ البشر وهو مهيبُ
يقيكَ الردى غمرٌ يجاريك في الندى … فيعقلُ عيٌّ رسغهُ ولغوبُ
إذا قمتَ في النادي بريئاً من الخنا … تلفتَ من جنبيهِ وهو مريبُ
تتبعَ يقفو الخيرَ منك بشرهِ … خداعاً كما قصَّ المشمة َ ذيبُ
تنبهَ مشروفاً بغلطة ِ دهرهِ … و بنتَ بمجدٍ أنتَ فيهِ نسيبُ
و قد ينهضَ الحظُّ الفتى وهو عاجزٌ … لحاجاتهِ حتى يقالَ نجيبُ
أنا الحافظُ الذوادُ عنك وبيننا … وشائعُ من بسطِ الفلا وسهوبُ
شهرتُ لساناً في ودادك جرحهُ … إذا حز في جلد النفاقِ رغيبُ
لك الجمة ُ الوطفاءُ من ماءِ غربهِ … و عند العدا حرٌّ له ولهيبُ
يسرك مكتوبا وشخصك نازحٌ … و يرضيك مسموعاً وأنتَ قريبُ
و كيف تروني قاعداً عن فريضة ٍ … قيامي بها حقٌّ لكم ووجوبُ
و فيكم نما غصني وطالت أراكتي … و غودرَ عيشي الرثُّ وهو قشيبُ
شوى كلُّ سهمٍ طاحَ لي في سواكمُ … و لي شعبة ٌ من رأيكم ونصيبُ
و لي بعدُ فيكم ذروة ٌ ستنالها … يدي ومنى ً في قولها ستصيبُ
متى تذكروا حقيَّ أبتْ بوفائكم … و ظهرُ العلى العاصي على ركوبُ
طربتُ وقد جاء البشيرُ بقربكم … و ذو الشوق عند اسم الحبيبِ طروبُ
و قمتُ إليه راشفاً من ترابهِ … ثرى لك يحلو رشفهُ ويطيبُ
فلا كانَ يا شمسَ الزمانِ وبدرهُ … لسعدك من بعدِ الطلوعِ مغيبُ
و لا زلتَ مطلوباً تفوتُ ومدركاً … أواخرَ ما تبغي وأنتَ طلوبُ
كأنك من حبَّ القلوبِ مصورٌ … فأنتَ إلى كلَّ النفوسِ حبيبُ