هُبّي فقد طلع النهارْ – ابن شيخان السالمي
هُبّي فقـد طلـع النهـارْ … والحـبُّ أحـلاهُ جِهـارْ
والعيش في كَشْف الهوى … والعذر في خلع العِـذارْ
والصُّبح يهـزأ بالدُّجـى … والغصن يرقص بالهزارْ
صاغ الغمامُ من النـدى … درراً بأجيـاد البَـهـارْ
وغـدا النسيـم الرطـب … ينسـم للأزاهيـر الأزار
يسري فيَحـدث للجسُـو … مِ بضَعفه منـه اقتـدارْ
والجلنـار لـذوب تِبْـر … الزهر يُوقد جُـلّ نـارْ
قم يـا نديـم فعاطِنـي … بالـود كاسـاتِ العُقـارْ
فعسى حديثك لي يُخَفِّـفُ … مـا بقلبـي مــن أوارْ
بعلايـة الجـرداءِ لـي … عربٌ لهم لم تَخْبُ نـارْ
للضيف ممـا أنضجَتْـهُ … وللقـلـوب الاستِـعـارْ
جعلوا قلـوب العاشقيـنَ … لخيـل ودّهـم مَـغَـارْ
أظِبـاءَ وادي المنحنـى … باللَّهِ مـا هـذَا النِّفـارْ
قلبي لكـم جـارٌ وَلـي … دمع على العَرَصات جارْ
بنتـم فبـان لبُعـدكـم … من بَعدكم جُلّ اصطبـارْ
كَم أنّةٍ لي فـي الربـوع … وَحنّةٍ لـي فـي الديـارْ
جزتـم مِنـي فجزيتُـم … خَير المنى في خيـر دارْ
وَسَرَيتـمُ ووجوهـكـم … تغزو الدُّجُنَّـة بالنهـارْ
سِرتـم وعندكـم القلـو … بُ بأسرها تحت الإِسارْ
غـادرتـمُ أجسامـنـا … أبيـاتَ سُهْـدٍ واعتبـارْ
لـم يهدِنـا لنسيمـكـم … غير الخُزَامى والعَـرارْ
هـلاّ رحمتـم مُغرَمـاً … لا يستقـر لـهُ قــرارْ
فإذا أضَا بـرق هَمَـتْ … من أجفني الدِيم الغِـزارْ
فلذا اكتسى وادي الأراك … بأدمعي ثوب اخضـرارْ
جئنـاهُ وَهْنـاً والنجـوم … لنـا بأعينـهـا ازورارْ
مـا رابنـا إلا علـيـل … نسيمـه فيـه انكـسـارْ
وهـو العليـل وَبـرْدُه … يشفي العليلَ المستطـارْ
بحشاي فيـه مَهـاة رم … لٍ لا تـزور ولا تـزارْ
كم طعنـةٍ مـن لحظهـا … في العاشقين مضت جُبَارْ
كم عشتُ أرغـدَ عِيشـة … في ظلهـا فَحْـمَ العِـذارْ
فتقضّـتِ اللـذات فيهَـا … والصَّبـا ثـوب مُعـارْ
ندمي على زمن الصِّبـا … ندَمَ الفرزدقِ فـي نَـوارْ
فَدِمايَ منهُ فـي إنهمـا … لٍ والمدامع في انهمـارْ
كمواهِب السُلطان فيـص … ل لا السُّيول ولا البحارْ
مـلـكٌ إذا شـاهـدتَـه … أيقنـت إنَّ الـدهـر دارْ
ملك يسيـر الجـود وال … علياء مَعْهُ حيـث سَـارْ
تعنو لـهُ اليمـن العَبـا … هِلُ والغطارفـة النـزارْ
متهلـل بالبشـر مــر … تاح لدى فيض النُّضـارْ
رحب تضيق الأرض من … رجفاتـه يـوم المَثَـارْ
كشاف خطـب تنجلـي … بوجوده الفِتَـن الكبـارْ
متفـردٌ بالحلـم لـكـنْ … حِلمُـهُ معـه اقـتـدارْ
متـوحـدٌ بـالـرأي لا … يفضي إلى نظر المشـارْ
غوَّاص دأمـاء التدبـر … فــارس بالإِعتـبـارْ
متقـسـمٌ مـعـروفـه … متبسـم وقـت الكـرارْ
متقـدم فـي مـوضـعٍ … منه الشجاعُ رأى الفِرارْ
متواضع للنـاس يحنـو … للصـغـار وللكـبـارْ
متفـرس فيهـم فـلـم … تحجبه غامضة اختبـارْ
أسدٌ أبـو الأشبـال تيـم … ور ونـادر والضـوارْ
جبلان بل بحـران بـل … بدران بل كنـزا يسـارْ
لمـا دعـانـي جئـتـه … أطوي الفدافـد والقفـارْ
طوراً أخوض لظى الس … رابِ وتارةً لجج البحـارْ
وافيتُ مَعْقِلـه المطنَّـبَ … بالعـوالـي والشِـفـارْ
ما السِيب إلا سَيْبُ راحته … وإن كـانـت ديـــارْ
لمـا تـوقـد عـزمـه … سيـراً تنـادوا بالمثـارْ
سَارُوا وهم لا يعلمـونَ … القصد منـه أيـن سـارْ
وتنافسـت فيـه القـرى … كل تحـب بـأن تـزارْ
ملؤوا الفضـا والخيـل … تَقْدح من سنابكها الشرارْ
فكأنمـا بـرق تـألـق … فـي الشآبيـب الغـزارْ
وكأنمـا العَنْـدَم طــمَّ … على الروابي والصحـارْ
وكأنما قِطَـعُ السحـاب … سَرَت فأَخْضَبَتْ الديـارْ
وكـأنَّ عِيسَهـم صقـو … رٌ أو سفائِنُ فـي بحـارْ
وكأنما السلطـان غـي … ثٌ مرَّ صفحاً فاستـدارْ
حتى أتـى بلـد الفليـج … ضحىً وقد هجر النهـارْ
وامتدت الأعنـاق مـن … نخل وتاهـت بالفخـارْ
فأبى زيارتها وأعـرض … لليميـن عـن اليـسـارْ
فتبركـت بركـا ولكـن … كوكـب الحفـري نـارْ
فلـرب محتقَـر عــلا … والعزُّ يبـدأ بالصَّغـارْ
حتى أتى بلد المصنعـة … فاحتوت شرفِ المـزارْ
ثم استقلّ إلـى السويـق … فَسِيقَـتِ النِعـم الكبـارْ
كشفت لهُ الخابورة العلياء … أخـبــاراً فـسَــارْ
حتى لقي صحماً عروساً … فوق صحنٍ من نُضـارْ
فمضى بموكبه الشريـف … وحلَّ في عُليـا صحـارْ
فشكت إليـه حـال مـا … تجد الرعايا من ضـرارْ
وأميرها الوالي سليمـان … الفتـى الحامـي الذمـارْ
وافـى بموكبـه وقــد … حنّت إليـه لأخـذ ثـارْ
لم يبق عفريت من البـل … دان إلاَّ مـنـهُ طــارْ
قد سلَّهُ السُّلطـان سيفـاً … لا يفـلُّ كـذي الفقِـارْ
وقبائلُ البلـدان جاءتـه … بـــذُلٍّ وانـكـسَـارْ
ترجُو رضـاهُ وعفـوَهُ … والأمنَ منه مـن بـوارْ
وَلَـرُبَّ قــوم دَلَّـهـم … للبطش جهـل واغتـرارْ
أمِنُوا العقوبة فاستخـف … بِهِـمُ هواهـم للخَسـارْ
فأتوهُ إذ ضاقَ الفسيح به … م وظـنـوا لا فــرارْ
فكسَاهم العفـو المسكِّـن … إذ أتــوهُ بـاعـتـذارْ
يا أيهـا الملـكُ الـذي … فضحت مكارمهُ البحـارْ
عبـدٌ أتــاكَ يـقـودُه … حُسنُ الرَّجا والانتظـارْ
حاشا جميلُـك أن يَـرد … يدَيَّ عنـكَ باصفـرارْ
وندى يديكَ همـى وروَّ … ض وانتهى في كـل دارْ