لك الخير هذي وجرة وظباها – ابن شيخان السالمي

لك الخير هذي وجرة وظباها … فقف سَاعة تقضي النفوس مناها

وهذي قلوب العاشقين منوطة … بها فلَكَم فيها أُريق دماها

ويا كبِدي الحرَّى أمالَك نهَلة … بها فلقد طابت وطاب ثراها

ويا نفس ما هذا الجمود وهذه … جوانب حَزْوى قد بعثن صَباها

أتت تُنعش الأجسام وهْناً فأظهرت … سرائرَ أخفاها الهوى وطواها

رأيت نفوس العاشقين عليلة … وما علمُوا إلا الحبيبَ دواها

ومذ عَزّ لُقيانُ الحبيب تعلّلوا … بأشياء تَستشفي بهنَّ جَواها

دعت نسمةٌ بالصّبح أفكارنَا إلى … هوىً فأجابت بالقبول دُعاها

ولمْ لَم تجب أفكارنا من خِبائها … وباعث أنفاسُ الربيع دَعاها

ولم لم تكن أجياد أفهامنا إذاً … ملاحاً وأوقات الربيع حُلاها

وللأرض من نسج الربيع غلائلٌ … مخضَّرةٌ مبسوطة بفضاها

ولما بكت عين السماء تبسمت … لها الأرض تُبدي عن وجوه رضاها

كأنَّ عيون الروض مقلةُ عاشقٍ … كأنَّ الذي يعنو المحبَّ عَناهَا

إذا الأُقحوانُ الغضُّ ضاحَكَه الحَيا … بدا في خدود الأرض فرطُ حَياها

يبث نسيمُ الروض أخبارهَ لهَا … فتهتز طيباً من لطيف سُراها

كأنَّ نسيم الروض ألسنةُ الورى … تبث إلى السُّلطان طيب ثَناها

وكانت مساوي الدهر مِن قَبلُ جَمّةً … فكفَّرها إحسانُه وطواها

همامٌ أتته المكرُمات مطيعةً … ولبتْه أجناسُ العُلا فَحماها

وكانت مساوي الدهر من قبل حمة … فكفرهاإحسانه و طواها

إذ ما حِبال الفقر مدَّت ببلدة … رمت يدُه البيضا بآيِ عصاها

ولله نفس طال في المجد أصلُها … وطابت نَماءً أرضُها وسَمَاها

عليها هَمَى المجدُ الأثيلُ فروَّضتْ … وقامت فغذّاها العُلا وسقاها

بكفِّ ابن تركي ديمتان فهذه … بها النفع والأخرى تهدُّ حَصاها

إذا ظلمات الخصب جنَّت على الورى … أنار بها هِمّاتِه وجَلاها

كأن عطاياه سحائبُ وُكّفٌ … فما بلدةٌ إلا أتاه حَياها

كأن إله الخلق صوَّر ذاتَه … من الفضل والحال الجميل كساها

له رحَلاتٌ للتنّزه والعُلا … يقصِّر كل عن بلوغ مداها

ورابع والعشرين من صفر أتى … حِمى السيب من عام أنارَ سنَاها

كأنَّ سليمان بن داود أقبلت … كتائبه تجري بهنَّ رخاها

كأنَّ الرياح الهوج تُزجي غُديّةً … غمائمَ يملأن الفَلا وفَضاها

كأنَّ يدَ السلطان فيصل لجَّةٌ … تدفّق للعافين سَيْبُ عطاها

كأنَّ مُحياه كَسَا الشمسَ حُلّةً … من الحسن حتى صار نور ضحاها

كأنَّ مَجَرّ الغاديات مجرة الس … ماءِ إذا لاحت نجومُ ظُباها

كأنَّ القضا المحتوم أفواه صُمْعهِم … فما ضربت إلا وحان قضاها

كأن مسار النقع سُحبٌ وقدحها … الشرار بروق يستهل حياها

غدا ووجوه الأرض مشرقة به … وحلَّ من السيب المنيف عُلاها

ديار كساها الدهر ثوبَ نَضارة … فطابت مغانيها وطاب كلاها

ولما استوى السلطان فوقَ سريرها … تمنت سما كيوان طيبَ ثَراها

وللخيل غارات على فلَواتها … تُسابق عند الجَرْي سِربَ قَطاها

إذا ركب السلطان في صَهواتها … أجابته طوعاً طيرُها وظِباها

كما صار فوق الخيل في حومة الوغى … إذا دارت الهيجاء قطب رحاها

كما هو في دستِ الخلافة مُستَو … وكلُّ رعاياه تُبين عَناها

فكم أرنبٍ صيدت وكم ظبية عتت … وكم طائِر يهوي صريعَ هواها

وللمَلِك السُّلطان شِبْلٌ مؤيَّد … أجابته عَليا المجد حين دعاها

توجه للفيحا سمائل فاغتدا … بهامتها قهراً وفاح شذاها

فسكَّن منها ما غدا متحركا … وأطفأ بالاصلاح نارَ لظاها

فشكراً أبا تيمور لله إنما … أمور الورى ألقت إليك عصاها

ودونكَها غرَّاءَ ذاتَ قلائد … تريد قبولاً منك فهو مُناها

ودع كل ذي شِعر سواي فُحجَّتي … هي الشمس يملا الخافقَين ضِياها

ولا تُقبل الدعوى يجيءُ بها الفتى … إذا لم يؤيِّدها بنور هُداها

فعش سيدي غوثَ البسيطة باسطاً … أياديك فيها لا يَجفُّ نداها

ولا زال تيمور واخوته على … بني الأرض في العَليا نجومَ سماها