1914 – إيليا أبو ماضي

طوي العام كما يطوي الرقيم … و هوى في لجّة الماضي البعيد

لم يكن … بل كان لكن ذهبا … وانقضى حتّى كأن لم يكن

لو درى حين أتى المنقلبا … لتمنّى أنّه لم يبن

أيّ نجم شارق ما غربا … أي قلب خافق لم يسكن

جاهل من حسب الآتي يدوم … أحمق من حسب الماضي يعود

ما لنا يأخذ منّا الطرب … كلّما عام تلاشى واضمحل

أفرحنا أنّنا نقترب … من غد ؟ إنّ غدا فيه الأجل

عجب هذا و منه أعجب … إنّنا نفنى و لا يفنى الأمل

فكأنّا ما سمعنا بالحتوم … أو كأنّا قد نعمنا بالوجود

يا رعاه الله من عام خلا … فلقد كان سلاما و أمان

صافح الجحفل فيه الجحفلا … واستراح السيف فيه و السنان

ما انجلى حتى رأى النقع انجلى … و خبت نار الوغى في ” البلقان “

لست أنسى نهضة الشعب النؤوم … إنّ فيها عبرة للمستفيد

و التقى البحران فيه بعدما … مرّت الأجيال لا يلتقيان

أصبح السّدّ الذي بينهما … ترعة يزخر فيها الأزرقان

فلتندم ” آميركا ) ما التطما … ما لهذا الفتح في التاريخ ثان

و لتعيش رايتها ذات النجوم … أجمل الرايات أولى بالخلود

واعتلى الناس به متن الهواء … فهم حول الدراري يمرحون

يمخر المنضاد فيهم في الفضاء … مثلما يمخر في البحر السفين

معجزات ما أتاها الأنبياء … لا ولم يطمح إليها الأقدمون

سخّر العلم لهم حتّى الغيوم … فهم ، مثلهم ، فوق الصعيد

حلّق الغربيّ فوق السموات … و لبثنا نندب الرسم المحيل

فاذا ما قال أهل المكرمات … ما وجدنا ، و أبيكم ، ما نقول

لو فقهنا مثلهم معنى الحياة … ما أضعناها بكاء في الطلول

ألفت أنفسنا الضيم المقيم … مثلما يستعذب الظبي الهبيد .

أدركت غايتها كلّ الشعوب … نهض الصيني و ما زلنا نيام

عبثت فينا الرزايا و الخطوب … مثلما يعبث بالحرّ اللّئام

صودر الكاتب منّا و الخطيب … منعت ألسننا حتّى الكلام

نحن في الغفلة أصحاب الرقيم … نحن في الذّلّة إخوان اليهود

ليت أنّا حين مات الشّمم … لحقت أرواحنا بالغابرين

ما تمرّدنا على من ظلموا … لا ولم نفكك وثاقا عن سجين

ليس يمحو عارنا إلاّ الدّم … فالى كم نذرف الدمع السخين ؟

قام فينا ألف جبّار غشوم … غير أنّا لم يمت منّا شهيد

يا لقومي بلغ السيل الزبى … واستطال البغي و استشرى الفساد

فاجعلوا أقلامكم بيض الظبى … و استعيروا من دم الباغي المداد

كتب السيف …اقرأوا ما كتبا … لا ينال المجد إلاّ بالجهاد

أي رجال الشرق أبناء القروم … لا تناموا .آفة الماء الركود