يَقيني يَقيني حادِثاتِ النوائبِ – ابن الخياط

يَقيني يَقيني حادِثاتِ النوائبِ … وحزمِيَ حزمِي في ظهورِ النجائبِ

سَيُنْجِدُنِي جَيْشٌ مِنَ العَزْمِ طَالمَا … غَلَبْتُ بهِ الخَطْبَ الَّذِي هُوَ غَالِبي

وَمَنْ كَانَ حَرْبَ الدَّهْرِ عَوَّدَ نَفْسَهُ … قِرَاعَ اللَّيالِي لاَ قِراعَ الكَتائِبِ

عَلَى أنَّ لي في مَذْهَبِ الصَّبْرِ مَذْهَباً … يَزِيدُ اتِّساعاً عِنْدَ ضِيقِ المَذاهِبِ

وما وضعتْ منِّي الخطوبُ بقدْرِ مَا … رَفَعْنَ وَقَدْ هَذَّبَنَنِي بِالتَّجارِبِ

أخَذْنَ ثَرکءً غَيْرَ بَاقٍ علَى النَّدى … وأعطيْنَ فضلاً في النُّهى غير ذاهِبِ

فماليَ لا روضُ المساعِي بممرعٍ … لديَّ ولا ماءُ الأمانِي بساكِبِ

كأن لم يكن وعدي لديها بحائن … زماناً ولا ديني عليها بواجب

وَحَاجَة ِ نَفْسٍ تَقْتَضِيها مَخَايِلِي … وَتَقْضِي بِها لِي عادِلاتٍ مَناصِبي

عَدَدْتُ لهَا بَرْقَ الْغَمامِ هُنَيْدَة ً … وأُخْرَى وَمَا مِنْ قَطْرَة ٍ في المَذَانِبِ

وَهَلْ نَافِعِي شَيْمٌ مِنَ الْعَزْمِ صَادِقٌ … إذا كنْت ذا برْقٍ منَ الحظِّ كاذِبِ

وَإنِّي لأغْنى بالحَدِيثِ عَنِ القِرى … وبالبرقِ عنْ صوبِ الغُيُوثِ السَّواكبِ

قَناعة ُ عزٍّ لا طماعة ُ ذلة ٍ … تُزهِّدُ في نَيْلِ الغِنى كُل راغِبِ

إذا ما امْتَطَى الأقْوامُ مَرْكَبَ ثَرْوَة ٍ … خُضُوعاً رَأَيتُ العُدمَ خيرَ مَراكِبي

ولو ركب الناسُ الغِنى ببراعَة ٍ … وفضْلٍ مُبينٍ كُنتُ أولَ راكبِ

وقد أبلُغُ الغايَاتِ لسْتُ بسائرٍ … وأظفرُ بالحاجاتِ لسْتُ بطالِبِ

وما كُلُّ دانٍ منْ مرامٍ بظافرٍ … وَلا كُلُّ نَاءٍ عَن رَجاءٍ بِخائِبِ

وإنَّ الغنى مِنِّي لأدْنى مسافَة ً … وأقْربُ مِمَّا بَينَ عَينِي وحَاجِبي

سأصْحَبُ آمالِي إلى ابنِ مُقَلَّدٍ … فَتُنْجِحُ مَا ألْوَى الزَّمانُ بِصاحِبِ

فما اشتطَّتِ الآمالُ إلاَّ أباحَهَا … سَماحُ عَلِيٍّ حُكْمَها فِي المَواهِبِ

إذا كُنْتَ يَوْماً آملاً آمِلاً لَهُ … فكنْ واهباً كلَّ المُنى كلَّ واهبِ

وإنَّ امرأً أفْضى إليْهِ رَجاؤهُ … فَلَمْ ترْجُهُ الأمْلاكُ إحدَى العَجائِبِ

مِنَ القَوْمِ لَوْ أنَّ اللَّيالي تَقَلَّدَتْ … بأحْسابِهِمْ لَمْ تَحْتَفِلْ بالكواكِبِ

إذا أظلمتْ سبلُ السُّراة ِ إلى العُلى … سَروْا فاستضاءُوا بينَها بالمَناسِبِ

هُمُ غادَرُوا بالعِزِّ حصْباءَ أرضِهمْ … أعزَّ مَنالاً مِنْ نُجومِ الْغَياهِبِ

تَرى الدَّهرْ ما أفْضى إلى مُنْتَواهُمُ … يُنكِّبُ عَنْهُمْ بالخُطوبِ النَّواكِبِ

إذا المُنْقِذيُّونَ اعْتَصَمتْ بِحَبْلِهِم … خضبْتَ الحُسامَ العضْبَ منْ كلِّ خاضِبِ

أولئكَ لم يرضَوْا من العزِّ والغِنى … سِوى ما اسْتَبَاحُوا بالقِنا والْقَواضِبِ

كأنْ لم يُحَلِّلْ رِزْقَهُمْ دينُ مجدِهِمْ … بغيرِ العوالي والعِتاقِ الشَّوازِبِ

إذا قربُوهَا للقَاءٍ تباعَدَتْ … مسافة ُ ما بينَ الطُّلى والذوائِبِ

إذا نَزَلُوا أرْضاً بِها المَحْلُ رُوِّضَتْ … وما سُحِبَتْ فيها ذيُولُ السَّحائبِ

بأنْدِيَة ٍ خضْرٍ فِسَاحٌ رِباعُهَا … وأودية ٍ غزرٍ عِذابِ المشاربِ

أرى الدَّهْرَ حَرْباً للمُسالِمِ بَعْدَما … صحبناهُ دهْراً وهو سِلمُ المُحاربِ

فَعُذْ بنهاريِّ العداوة ِ أوحدٍ … مِنَ القَوْمِ لَيْليِّ النَّدَى والرَّغائِبِ

تنلْ بسديد الملكِ ثروة َ مُعدِمٍ … وَفَرجَة َ مَلهُوفٍ وعِصْمَة َ هارِبِ

سعى وارثُ المجدِ التليدِ فلمْ يدَعْ … بِأفْعالِه مَجْداً طَرِيفاً لِكاسِبِ

يُغطِّي عليهِالحزمُ بالفِكَرِ التي … كشفْنَ لهُ عمَّا وراءَ العواقِبِ

ورأْيٍ يُرِي خلْفَ الرَّدى منْ أمامِهِ … فَما غَيْبُهُ المَكْنُونِ عَنْهُ بِغائِبِ

بقيتَ بَقاءَ النَّيِّرَاتِ ومِثْلَها … عُلوًّا وَصوْناً عَنْ صُرُوفِ النَّوائِبِ

ودامَ بَنُوكَ السّتة ُ الزُّهرُ إنَّهُمْ … نُجومُ المَعَالِي فِي سمَاءِ المَنَاقِبِ

سللْتَ سِهاماً منْ كِنانة َ لمْ تزلْ … يقرطِسُ مِنها في المُنى كلُّ صائِبِ

فأدْرَكْتَ مَا فَاتَ المُلوكَ بِعَزْمَة ٍ … تَقُومُ مَقَامَ الحَظِّ عِنْدَ المُطَالِبِ

ومَا فُقْتُهُمْ حَتَّى تَفَرَّدَتْ دُونَهُمْ … برأْيِكَ في صَرْفِ الخطوبِ اللوازِبِ

وما شرفتْ عنْ قِيمة َ الزُّبَرِ الظُّبى … إذَا لَمْ يُشَرِّفْهَا مَضاءُ المَضَارِبِ

تَجَانَفْتُ عَنْ قَصْدِ المُلُوكِ وعِنْدَهُمْ … رغائبُ لمْ تجنحْ إليها غرائبِي

تناقَلُ بِي أيدِي المَهَارى حثيثة ً … كَمَا اخْتَلَفَتْ فِي الْعَقْدِ أنْمُلُ حَاسِبِ

إذا الشوقُ أغراني بذكركَ مادحاً … تَرَنَّمْتُ مُرْتاحاً فَحَنَّتْ رَكائِبِي

بَمَنْظُومَة ٍ مِنْ خَالِصِ الدُّرِّ، سِلْكُها … عَرُوضٌ، ولكنْ دُرُّهَا منْ مناقِبِ

تُعَمَّرُ عُمْرَ الدَّهرِ حَتَّى إذا مَضَى … أقَامَتْ وَما أرْمَتْ علَى سِنِّ كَاعِبِ

شعرْتُ وحظُّ الشعرِ عند ذوِي الغِنى … شبيهٌ بحظِّ الشيبِ عند الكواعبِ

وَما بِيَ تقصِيرٌ عَنِ المَجْدِ والْعَلى … سِوَى أنَّنِي صَيَّرْتُهُ مِنْ مَكاسِبِي

يُعدُّ من الأَكفاءِ مَنْ كانَ عنهُمُ … غنياً وإنْ لمْ يشأهمْ في المراتِبِ

ولوْ خطرتْ بي في ضميركَ خطْرَة ٌ … لَعادَتْ بِتَصديقِ الظُّنُونِ الكَواذِبِ

وأصبحَ مخضرّاً بسيبكَ مُمرعاً … جَنَابِي وَمَمْنوعاً بِسَيْفِكَ جَانِبي