يقولون لي : واصل سواها لعلّها – أبو الفضل بن الأحنف

يقولون لي : واصل سواها لعلّها … تغارُ وإلاّ كان في ذاكَ ما يسلي

ووالله، ما في القلبِ مثقالُ ذَرّة ٍ … لأخرى سواها إنّ قلبي لفي شغلِ

عجبتُ لأبدانِ المحبّينَ قُوِّيتْ … بحملِ الهوى إنّ الهوى أثقلُ الثِّقلِ

حَمَلتُ الهَوى حتى إذا قمتُ بالهَوى … خررتُ على وجهي وأثقلني حملي

سَقَى الله بابَ الجِسرِ والشّطَّ كُلَّهُ … إلى قرية ِ النّعمانِ والدّير ذي النّخلِ

إلى الدّوِّ فالروْحاء فالسيِّبِ ذي الرُّبا … إلى منتهى الطاقاتِ مستحقر الوبلِ

منازلُ فيما بينهنّ أحبّة ٌ … لها وهيَ مِمّا قد أرَدْنَ على جَهلِ

كأَنْ لم يكُنْ بَيني وبَينَهُمُ هَوى ً … ولم يَكُ مَوْصُولاً بحبلِهِمُ حَبْلي

بحُرْمَة ِ ما قد كانَ بَيني وبَينَكُمْ … منَ الوُدّ إلاّ ما رَجَعتمْ إلى الوَصْلِ

وإلاّ اقتُلُوني أستَرِحْ من عَذابكُمْ … عذابُكُمُ عندي أشَدُّ منَ القَتلِ

فلم أر مثلي كانَ عاتبَ مثلكمْ … ولا مثلكمْ في غير ذنبٍ جفا مثلي

وإنّي لأستَحيي لكُمْ من مُحدِّثٍ … يُحدِّثُ عنكُمْ بالمَلالِ وبالخَتْلِ

وكم من عدوِّ رقَّ لي وتكشّفتْ … حزونته لي عن ثرى جانب سهلِ

زماني فلمّا أقصدتني سهامهُ … بكَى لي وشامَ الباقياتِ منَ النَّبْلِ

وقد زعمتْ يمنٌ بأنّي أردتها … على نفسها ، تبّاً لذلكَ من فعلِ

سَلُوا عن قميصي مثل شاهدِ يوسفٍ … فإنّ قَميصي لم يكن قُدَّ من قُبلِ

تآزَرْنَ فيما بَينَهُنّ فجِئْنَها … على وجه إلقاء النّصيحة للمَحلِ

يُعَرِّضْنَ طوراً بالتّغاضي وتارَة ً … يُعاتِبنَها بالجِدّ مِنهنّ والهَزْلِ

وما زِلنَ حتى نِلنَ ما شِئنَ بالرُّقَى … وحتى أصاختْ للخَديعة ِ والخَتلِ

وحتى بدَتْ منها المَلالة ُ والقِلَى … وعَهدي بفَوْزٍ لا تَمَلُّ وَلا تَقْلي

فلمّا انقضَى الوَصْلُ الذي كان بَينَنا … شَمِتنَ جميعاً واسترَحنَ منَ العَذلِ

وقد قال لي أهلي كما قال أهلها … لها غيرَ أنّي لم أُطعْ في الهَوى أهلي

وإنّي لكالذّئبِ الذي جاء واعِظٌ … إلَيهِ ليَنهاهُ عنِ الغَنَمِ الخُطلِ

فقالَ له : دعني فإنّي مبادرٌ … لها قبل أن تمضي فما جئتَ للعدلِ

وأرضتْ بسخطي معشراً كان سخطهم … يَهونُ علَيها في رِضَايَ ومن أجْلي

ولم ترعَ ممشاها وممشى فتاتها … تنادم عبد اللهِ والرّجلَ الذُّهلي

فلمّا أضاء الصُّبحُ قمنا جماعة ً … لتشييعها نخفي خطانا على رِسْلِ

إذا النّاسُ قالوا: كيفَ فوزٌ وعهدُها؟ … خرستُ حياءً لا أُمرُّ ولا أُحلي

فكوني كليلى الأخيليّة ِ في الهوى … وإلاّ كلُبنى أو كعَفراءَ أوْ جُمْلِ