يدخلُ الآنَ الشهيد – عبدالعزيز جويدة

يَدخُلُ الآنَ الشهيدْ

فارفعوا هَاماتِكم

رَدِّدوا هذا النشيدْ

ساحةُ التحريرِ تَغلي وتَفورْ

والنَّوافيرُ الجميلةْ ..

كلُّها عادتْ تَثورْ

ماؤُها دَمٌّ ، ومِسكٌ ، وبخورْ

فارفعوا هاماتِكم

واخلعُوا صَمتَ القبورْ

لم يَكن شخصٌ يُصدِّقْ

أنكم شعبٌ جَسورْ

يَدخلُ الآنَ الشهيدْ

رافعًا صَكَّ الشهادةْ

يَرفعُ النِّسرَ المُحلِّقْ

فوقَ هاماتِ الإرادةْ

لم يَدُرْ يومًا ببالي

أنَّ في العشقِ عِبادةْ

لا تَخافوا بَعدَ هذا اليومِ شيئًا

صارَ للشعبِ القيادةْ

أولُ الغيثِ وجاءِت قطرةٌ

مِمّا نُريدْ

فاستعدوا واستعدوا للمزيدْ

شَمسُكم في الأفقِ تُشرقْ ..

مِن جديدْ

ثورةُ الثوارِ طابتْ

ثورةُ الثوارِ قامتْ

وأعادتْكم جميعًا للحياةْ

فارفعوا هاماتِكم

إنها لن تَنحني ..

مِن بعدِ هذا اليومِ إلا للإلهْ

وانقُشوا يَومَ التحرُّرْ

في العيونِ ، في القلوبِ ، في الجباهْ

حَطِّموا أسوارَكم واحرِقوا كلَّ الطُّغاةْ

صبرُكم صبرٌ عجيبٌ

صبرُكم فوقَ احتمالي

فجأةً مِن أينَ جئتمْ

كأسودٍ لا تُبالي

مِن سماءِ المجدِ جئتمْ

كَنُسورٍ في الأعالي

نَصرُكم كُنَّا نَشُمُّهْ

ثم أصبحنا نَراهْ

ألفَ شُكرٍ.. ألفَ شُكرٍ للإلهْ

أيُّها الثوارُ قُلتمْ

قد قَهرْنا المستحيلْ

كُنتُ دومًا لا أُصدِّقْ

جِئتُمونا بالدليلْ

حُلمُ أجيالٍ تَوالتْ وتَوارتْ

بالعزيمةْ ..

قد نَصفتُم كلَّ جِيلْ

مَصدرُ الإلهامِ أنتمْ

شامخونَ ..

كالنخيلْ

آهِ يا عُمري الذي قد ضَاعَ مني

خائفًا مِن كلِّ شيءٍ

كنتُ أشعُرْ ..

دائمًا بالعجزِ حتى

صِرتُ أُقسِمْ ..

لم يَعدْ شيءٌ لديّا

فإذا بالفجرِ يَخرُجْ ..

مِن يَديكمْ طاهرًا ، عَذبًا ، نَدِيَّا

يَدخلُ الآنَ الشهيدْ

ساحةَ التحريرِ يَخطُبْ ..

في الجُموعْ

عائدًا مِن رحلةِ الموتِ النبيلةْ

مثلَ شمسٍ تَبدأُ الآنَ السُّطوعْ

يَبدأُ الانَ يُرفرِفْ ..

مثلَ طيرٍ

وجميعُ الخلقِ تَنظُرْ ..

في خُشوعْ

فنرى وجهَ “مُحمد”

ونرى وجهَ “يَسوعْ”

يا شهيدَ الحقِّ قُلْ لي كيفَ تَسكُنْ ..

في السماءِ ..

في الضلوعِ ؟

ونُحدِّثْ ..

نفسَنا سِرًّا : سيأتي

ثم نَصرُخْ ..

عُدْ إلينا يا شهيدْ

ثم نَغرقْ ..

في الدُّموعْ

يَدخلُ الآنَ الشهيدْ

فارفعي يا مصرُ رأسَكْ ..

للسماءْ

واخلعي ثوبَ الحدادْ

وارتدي هذا الرداءْ

ثوبَ عُرسِكْ ..

ثوبَ طُهرِكْ ..

طرَّزوهُ ..

مِن دِماءِ الشهداءْ

وارفعي راياتِ نَصْرِكْ

إن هذا العصرَ عَصرُكْ

لن يَعودَ العمرُ يومًا للوراءْ

قد عَرَفناكِ كبيرةْ

ورأيناكِ عَظيمةْ

وعَرَفنا قَدرَ صَبرِكْ

عِندَما حَلَّ البلاءْ

أنتِ يا مصرُ النقيَّةْ

والأبيَّةْ ،

والنبيَّةْ

ولِذا واللهِ كانَ الابتلاءْ

سوفَ يأتي الشهداءْ

عازمونَ ..

أن تَظلِّي

مثلَما قد كنتِ دومًا

في السماءْ

يَدخُلُ الآنَ الشهيدْ ..

ويُغني

لم يَكنْ نَيلُ المطالبْ ..

بالتمني

تُؤخذُ الدنيا غِلابًا

بَلِّغوا للكلِّ عني

بَلِّغوا مصرَ الحبيبةْ

طَمئِنوها

قلتُ يا مصرُ اطمئِنِّي

مِن دِمانا سوفَ تَستَسقِي السنابلْ

نحنُ يا مصرُ خُلِقنا كي نُدافعْ ..

عن تُرابِكْ

كي نُقاتِلْ ..

وهَديرُ الثائرينَ ..

يَضرِبُ الأرضَ بعنفٍ

كالزَّلازِلْ

قادمونَ ..

عازمونَ ..

لن نُساومْ

وإذا كانَ الثمنْ ..

ساحةُ التحريرِ تَغدو كلُّها

قبرًا كبيرًا أو كفنْ

لم يُعُدْ حتمًا مكانٌ قي بلادي للعَفَنْ

فأتيناكِ لِنَغسِلْ ..

بِدِمانا كلَّ طِينِكْ

ونُربِّي في عَرينِكْ ..

كلَّ أشبالِ الوطنْ

كي نَرى شمسَ النهارْ

إنهُ اليومُ العظيمُ

إنه يومُ الفخارْ

إنه يومُ التحَرَرِ

يَومُ رَدِّ الاعتبارْ