يثربٌ داري أهذي يثرب – زكي مبارك

يثربٌ داري أهذي يثرب … في حماها للأماني ملعبُ

بقعة طابت فطاب الأطيب … إنها للروح والقلب أب

إلى الحمى المكنون إلى … حمى الأنصار

ملائكٌ أبرار … لكنهم كالنار

يحمون بالسيف ارواح المطيف بهم … والسيف يصنع ما لا تصنع النار

طيف غريبٌ في شمائله … والنحل من زهرات الروض يشتارُ

إنزل هنا يا فتىً ضاق المقام به … في بلدةٍ هجرها في اللَه وصلان

لا تشتموا بلداً أشقيت مهجتهُ … بغربتي عنه وهو مسرور وحزنان

وتمدح داراً باء بالشرك أهلها … فأضحوا وأمسوا في ضلال وخسران

أقول إني هجرت الدار معتصماً … بالصبر والصبرُ للأحزان ترياق

هجرتها وفؤادي من لواعجه … في ثورة الحزن بالأحزان دفاق

وتشرك باللَه العظيم حجَيرةً … بها السوس والجرذان من أهلها أهل

ما بال مكة تستهويك يا رجلاً … له إلى اللَه أنصارٌ وخلّان

بمكة كان الوحي فلتعذروا فتىً … له عند هاتيك المناسك قرآن

أكاد أجهل أني هائمٌ أبداً … بواحة ذبحها للقلب قربان

معاهد آبائي ومهد صبابتي … ومشرع حب كان لي فيه أخدان

إذا قلت هذه الدار قالت عواطف … بأني غريب في المنازل حيران

يا دار يثرب قد طال المقام بنا … ولي بمكة أجانب وجيران

لا بدّ من رجعة للبيت ثانيةً … إن الصخور بدت لي وهي أزهار

إن الذي في أمان اللَه غايتهُ … تخاف منه الدياجي السود والنار