سمعتُ صوتك والهتاف ينقله – زكي مبارك
سمعتُ صوتك والهتاف ينقله … إلى سرائر روحي قبل آذاني
صوتٌ كلحن المنى في مهجت طمعت … في أن يعود إليها روحها العاني
أأنت تسأل عمن أنت تحسبني … نسيت صوتاً جفاني منذ أزمان
لو كنت في عالم الأموات ثم شدا … بغامك العذبُ في روحي لأحياني
وعدت في الأحد الآتي بسانحة … من نور عطفك تذكى نار أشجاني
ما ذلك الأحد الآتي وما غده … سوفت سوفت في ميعاد لقياني
تعالى قبل ثوان كي تغيث فتى … يسوقه لرداه دمعه القاني
مضت أسابيع والدنيا وإن رحبت … كانت لبعدك سجنى ثم سجاني
لو طاب لي فضح أمري في محبتكم … لما استبحتم برغم الشوق هجراني
أنتم أمنتم فجافيتم وكان لكم … أن تحفظوا لي جميل وهو كتماني
لو يسأل اللَه عن سرى بخلت به … واخترت في أمره بالجهر عصياني
وكيف أفضح أسراري لطاعته … وهو الذي بصيان السر أوصاني
يكاد عقلي يرى في الحب وهو جوى … كوقدة النار في آجام كثبان
يكاد عقلي يرى فيه موازنةً … من بارىءٍ هندسيّ الفكر فنان
الحب كالنار مخلوقٌ بحكمته … وكل إبداعه يلقى بميزان
الماء والنار أمواجٌ مكهربة … وإن تشأ فهما في الحق ناران
فقد رأيت شرار النار ملتهباً … بمسقط الماء من خزان أسوان
سبحان من أبدع الدنيا وصورها … سفرا يؤلّف من ماء ونيران
الخد وهو رقيقٌ لونه شررٌ … يزلزل القلب من ركن لأركان
والعين إنسانها إن رمت رؤيته … أو هي من الصدق في آفاق بهتان
لكنه يلمح الأكوان قاطبةً … لمح البصير بها من بعد عرفان
ما السحر في العين ما أسباب فتنته … لكل صب بخمر الحسن نشوان
إنسان عينك يا محبوب أفهمني … ما للدقائق من قدر وسلطان
لو أن لي ملك مصر واستضفت له … ممالك الأرض من روس ويابان
لكان ما أشتهى أن أستبدّ به … إنسان عينك يا إنسان إنساي