يا راكباً تقطعُ البيداءَ هّمتُه – أسامة بن منقذ
يا راكباً تقطعُ البيداءَ هّمتُه … والعيس تعجز عما تدرك الهمم
بلغ أميري معين الدين مألكة ً … من نازح الدرا لكن وده أمم
وقل له: أنت خيرُ التّركِ فضَّلكَ الحيـ … ـحياء والدين والإقدام والكرم
وأنت أعدلُ من يُشكَى إليه، ولِي … شَكِيَّة ٌ، أنت فيها الخَصمُ والحكمُ
هل في القضية يا من فضل دولته … وعدلُ سِيرتِه بين الورَى عَلَمُ
تَضييعُ واجبِ حقِّي بعد ما شَهدت … به النصيحة والإخلاص والخدم
وما ظننتُكَ تَنسى حقَّ معرفَتِي … إن المعارف في أهل النهى ذمم
ولا اعتقدت الذي بيني وبينك من … ود وإن أجلب الأعداء ينصرم
لكن ثِقاتُك ما زالوا بِغِشِّهمْ … حتى استوت عندك الأنوار والظلم
باعُوكَ بالبَخسِ، يبغُون الغِنَى ، ولهمُ … لو أنهم عَدِمُوك، الويلُ، والعدَمُ
واللّهِ ما نَصَحُوا، لما استَشرتَهُمُ … وكلهم ذو هوى ً في الرأي متهم
كم حرَّفُوا من مقالٍ في سِفَارتَهم … وكم سَعَوْا بفسادٍ، ضَلَّ سعيُهمُ
أين الحمية والنفس الأبية إذ … ساموك خطة ً خسف عارها يصم
هلاً أنفت حياءً أو محافظة ً … مِن فعلِ ما أنكرتْه العُرْبُ والعَجَمُ
أسلمتنا وسيوف الهند مغمدة … ولم يُروِّ سنانَ السمهوريِّ دَمُ
وكنتُ أحسَبَ مَن والاَك في حَرمٍ … لا يَعترِيه به شيبٌ ولا هَرَمُ
وأنَّ جارَك جارٌ للسموءَل، لا … يَخَشى الأَعادِي، ولا تَغتالُه النِّقَمُ
وما طمان بأولى من أسامة بالـ … فَاءِ، لكن جرى بالكائِن القَلمُ
هَبنا جَنَيْنا ذُنوباً، لا يكفِّرُها … عذر فماذا جنى الأطفال والحرم
ألقيتَهُم في يدَ الإفرنجِ مُتَّبِعاً … رضا عدى ً يسخط الرحمن فعلهم
هم الأعادي وقاك الله شرهم … وهُم بِزعْمهمُ الأعوانُ والخَدمُ
إذا نهضت إلى مجد تؤثله … تقاعدوا فإذا شيدته هدموا
وإن عَرَتْكَ من الأيامِ نائبة ٌ … فكلُّهمْ للَّذي يُبكِيكَ مُبْتَسِمُ
حتَّى إذا ما انجلَت عنهم غَيابَتُها … بحد عزمك وهو الصارم الخذم
رشَفْتَ آجنَ عيشٍ، كلُّه كَدَرٌ … ووِردُهم من نَداك السلسلُ الشَّبِمُ
وإن أتاهُم بقولٍ عنك مُختَلَقٍ … واشٍ، فذاكَ الذي يُحْبَى ، ويُحتَرمُ
وكلُّ من ملْتَ عنه قرَّبُوه، ومَن … والاك فهو الذي يقص ويهتضم
بغياً، وكفراً لما أوليتَ من مِنَنٍ … ومرتع البغي لولا جهلهم وخم
جرِّبْهمُ مِثلَ تجريبِي، لتَخبرُهُم … فللرجال إذا ما جربوا قيم
هل فيهم رجل يغني غناي إذا … جَلاَ الحوادثَ حدُّ السّيفِ والقَلَمُ
أم فيهمُ مَن له في الخطبِ ضَاقَ به … ذرع الرجال يد يسطو بها وفم
لكن رأيك أدناهم وأبعدني … فليت أنا بقدر الحب نقتسم
وما سخطت بعادي إذ رضيت به … وما لِجُرحٍ إذا أرضاكُم أَلَمُ
ولست آسى على الترحال عن بلد … شهب البزاة سواء فيه والرخم
تعلَّقَتْ بحبالِ الشمس منه يَدِي … ثم انثنت وهي صفر ملؤها ندم
لكْن فراقُك آسانِي، وآسَفَنِي … ففي الجوانحِ نارٌ منه تَضطرمُ
فاسلم فما عشت لي فالدهر طوع يدي … وكلُّ ما نالنِي من بؤسه نِعَمُ
كلمات: طلال السعيد
ألحان: انور عبدالله
1989