يا جنة الخلد كيف يشقى – زكي مبارك
يا جنة الخلد كيف يشقى … في ظلك النازحُ الغريبُ
الناس من لهوهم نشاوى … ودمعهُ دافقٌ صبيبٌ
يقتات أشجانه وحيداً … فلا صديق ولا قريبُ
أقصى أمانيه حين يمسى … أن يهجع الخفق وانو جيب
مغانى النيل كيف أقصت … ربيبَ أزهارِك الخطوب
وكيف ألقيتهُ بأرض … صدوقُ أحلامها كذوب
أديم أجوائها سوادٌ … فلا شروقٌ ولا غريبُ
وحبُّ غاداتها موات … فلا سكونٌ ولا هبوبُ
ومن تبع جسمها بشيءٍ … فقلبها مقفرٌ جديبُ
أحبتي والفراقُ ويلٌ … تُرمى بأرزائهِ القلوبُ
جزاكم الحبّ هل نسيتم … ما كان من وردنا يطيبُ
أيامَ نسقى الشمول صرفاً … ووجهها عابسٌ قطوبُ
نُصارع الكأسَ لا نبالى … ما يكتم الدهر والغيوبُ
والزهر من حولنا شهيدٌ … والنجم من فوقنا رقيب
غذاءُ أسماعنا غناءٌ … يكاد من لطفه يذوب
وزادُ أبصارنا جمالٌ … تباح في حبه الذنوب
إذا دعانا الصبا هببنا … وكلّنا سامعٌ مجيب
لا تسألوا اليوم كيف حالي … فالعيش من بعدكم عصيبُ
مجنون ليلاكم استبدّت … بمهد أحلامه الكروب
لا أكؤسُ الحب دائرتٌ … ولا عيون المها تحيب
يسدّد السهم ليس يدرى … أيخطىء السهم أم يصيب
يطارد المجد في زمان … إقبالهُ غادرٌ لعوب
السهم من ناسه شريدٌ … والحر من أهله غريبُ