يا قلب هذا هوىً جديدُ – زكي مبارك

يا قلب هذا هوىً جديدُ … يفوق في الوصف ما تريدُ

نيرانه إن سألت عنه … نورٌ ومقتوله شهيد

لواعجٌ ثار بي شجاها … والناس من غفلةٍ هجود

فليصنع الحسن ما يريدُ … إني له حاضرٌ عتيدُ

ما غاية الحسن من محب … الحسنُ من أجله شريدُ

إذا شدا فالوجود سمعٌ … يروقه ذلك النشيد

شعرى هو الدهر والخلودُ … فلتسمع اللحن يا وجود

يا أيها الحسن ما تريد … هل في أماني الهوى جديد

ليلاي ليلايَ قد أطافت … ونافرُ الحزن قد يعود

مليحة شاقني صباها … إنى بها مغرمٌ عميدُ

أفتى لنا الحسن وهو قاض … أن الصبا مقلةٌ وجيدُ

صدرٌ بروح الحياة يزهو … كالوجه تزهو به الخدود

ما صوتها آه ما شداه … إن افتتال به يزيد

أبلبلٌ أنت يا بغاماً … كالهمس تهفو به الورود

جسم كجسم الهواء شاك … من رقةٍ بأسها شديدُ

أخاف منى على صباه … إني له فاتكٌ صيود

مزعفرٌ بالجمال يسرى … بروحه الشعر والقصيد

آهاً ولو قلت ألف آهٍ … لما بلغت الذي أريد

روحٌ كروح النسيم صافٍ … له على ضعفه جنود

غدائرٌ منه مرسلاتٌ … وكل جيش له بنود

وأعين منه حالماتٌ … كأنها خاطر شرود

جارٌ ولكنه بعيدٌ … والقرب من أنسه بعيد

أساهر النجم في هواه … وما لروح الهوى هجود

إن كان بالحسن قد يسود … إنى بفضل الهوى أسود

اصاره الشعر من عبيدي … والشعر روحٌ له عبيد

عواطف الروح لا تريد … أنى أريد الذي تريد

في ظلها طال بي شقائي … إني شقيٌ بها سعيد

يا روحة الروح لا تعودى … ولا يطل عندك الشهود

معذبٌ بالغرام يبكى … ودمع أجفانه السهود

من أنت يا دهرُ ما تريد … وما غمومٌ بها تجود

تأنقت في الأذى الليالي … والدهر قاسى الأذى عنيد

فطار ناسٌ ولم يعودوا … إن الهوى عيبه الصدود

ناسٌ خلعت الهوى عليهم … إنى لنسيح الهوى أجيد

جرائم الحب من خيالى … درٌ إذا صغته نضيد

إنى امرؤٌ زادُه الذنوبُ … لا يسمع النصح لا يتوب

يهفو إلى الحسن في صفاه … والحسن من لطفه يجيب

لم يقبل اللوم في غرام … ولا لدار الهوى يثوب

آهاً من الوجد يصطليه … صبٌ بدار الجوى لعوب

ما دارة الحب ما شجاها … أكاد من نورها أذوب

يا دارة الحس أين عهدى … هل صار عهدى هو الغريب

أبيت والطيف ضيف روحي … والطيف من نشوتي طروب

أكاد من صبوتي إليكم … لمالح الدمع أستطيب

إن ثار وجدى فناح طرفى … فالحبّ في مهده كروب

هل دارة الحب لا تجيب … ولا على لوعتي تثيب

وليس يحلو إلى حماها … خفقٌ من القلب أو نحيب

سرائرُ القلب لا تذاع … والأمر بالبوح لا يطاع

أباح قومٌ هوى هواهم … فضيّعوا حبهم وضاعوا

لا تطلبوا السر من ضميري … فما ضميري الذي يباع

بيني وبين الجوى نزاعٌ … هل ينتهى ذلك النزاع

صارعته وهو في صباه … فهدّه ذلك الصراعُ