ومنزل ليس لنا بمنزل – المتنبي

ومَنْزِلٍ لَيسَ لَنَا بمَنْزِلِ … ولا لغَيرِ الغَادِياتِ الهُطَّلِ

نَدِيْ الخُزامَى أذْفَرِ القَرَنْفُلِ … مُحَلَّلٍ مِلْوَحْشِ لم يُحَلَّلِ

عَنّ لَنا فيهِ مُراعي مُغْزِلِ … مُحَيَّنُ النّفسِ بَعيدُ المَوْئِلِ

أغناهُ حُسنُ الجيدِ عن لُبسِ الحلي … وعادَةُ العُرْيِ عَنِ التّفَضّلِ

كأنّهُ مُضَمَّخٌ بصَنْدَلِ … مُعْتَرِضاً بمِثْلِ قَرْنِ الأيّلِ

يَحُولُ بَينَ الكَلْبِ والتأمّلِ … فَحَلَّ كَلاّبي وِثَاقَ الأحْبُلِ

عَن أشْدَقٍ مُسَوْجَرٍ مُسَلسَلِ … أقَبَّ ساطٍ شَرِسٍ شَمَرْدَلِ

مِنْها إذا يُثْغَ لَهُ لا يَغْزَلِ … مُؤجَّدِ الفِقْرَةِ رِخْوِ المَفْصِلِ

لَهُ إذا أدْبَرَ لَحْظُ المُقْبِلِ … كأنّما يَنظُرُ مِنْ سَجَنْجَلِ

يَعْدو إذا أحْزَنَ عَدْوَ المُسْهِلِ … إذا تَلا جَاءَ المَدى وقَدْ تُلي

يُقْعي جُلُوسَ البَدَويّ المُصْطَلي … بأرْبَعٍ مَجْدولَةٍ لَمْ تُجْدَلِ

فُتْلِ الأيادي رَبِذاتِ الأرْجُلِ … آثارُها أمْثالُها في الجَنْدَلِ

يَكادُ في الوَثْبِ مِنَ التّفَتّلِ … يَجْمَعُ بينَ مَتْنِهِ والكَلْكَلِ

وبَينَ أعْلاهُ وبَينَ الأسْفَلِ … شَبيهُ وسْميّ الحِضارِ بالوَلي

كأنّهُ مُضَبَّرٌ مِنْ جَرْوَلِ … مُوَثَّقٌ على رِماحٍ ذُبّلِ

ذي ذَنَبٍ أجْرَدَ غَيرِ أعْزَلِ … يخطّ في الأرْضِ حسابَ الجُمّلِ

كأنّهُ مِنْ جِسْمِهِ بمَعْزِلِ … لوْ كانَ يُبلي السّوْطَ تحريكٌ بَلي

نَيلُ المُنى وحُكمُ نَفسِ المُرْسِلِ … وعُقْلَةُ الظّبي وحَتفُ التَّتفُلِ

فانْبَرَيا فَذيّنِ تحتَ القَسطَلِ … قَد ضَمِنَ الآخِرُ قَتلَ الأوّلِ

في هَبوَةٍ كِلاهُما لم يَذْهَلِ … لا يأتَلي في تَرْكِ أنْ لا يأتَلي

مُقْتَحِماً على المَكانِ الأهْوَلِ … يخالُ طُولَ البحرِ عَرْض الجدولِ

حتى إذا قِيلَ لهُ نِلْتَ افْعَلِ … إفْتَرّ عن مَذرُوبَةٍ كالأنْصُلِ

لا تَعْرِفُ العَهدَ بصَقلِ الصّيقلِ … مُرَكَّباتٍ في العَذابِ المُنْزَلِ

كأنّها من سُرْعَةٍ في الشّمْألِ … كأنّها مِنْ ثِقَلٍ في يَذْبُلِ

كأنّها مِن سَعَةٍ في هَوْجَلِ … كأنّهُ مِنْ عِلْمِهِ بالمَقتَلِ

عَلّمَ بُقْراطَ فِصادَ الأكْحَلِ … فَحالَ ما للقَفْزِ للتَجَدّلِ

وصارَ ما في جِلْدِهِ في المِرْجَلِ، … فلم يَضِرْنا مَعْهُ فَقدُ الأجدَلِ

إذا بَقيتَ سالماً أبَا عَلي … فالمُلْكُ لله العَزيزِ ثُمّ لي