وافى خيالك بعد طول نفار – ابن معصوم المدني

وافى خيالك بعد طول نفار … فجعلتُ موطِئَهُ سَنى الأبصار

أنى اهتدى منك الخيال لبلدة ٍ … أقصى وأجهلَ من بلاد وَبارِ

لا والذي جعل المحصب دارها … والهند من دون الأحبة داري

لم يهده إلا تصعد زفرتي … فكأنَّها نارٌ تُشبُّ لسارِ

حيا فأحيا ذكر من لم أنسه … ما كان أغناهُ عن التَّذكارِ

آهٍ لأيَّام الحجاز وساكني … أرضِ الحجاز ورَوْضهِ المِعطارِ

حيث السلامة مربعي وربى الخما … ئل مرتعي وحماه دار قراري

كم فيه من قمر قمرت بحسنه … أوْفى بغرَّته على الأقمارِ

ما شُكَّ فيه أنَّه شمسُ الضحى … لو كان مطلعُها من الأزرارِ

فالطرف من إشراقه مترددٌ … ما بين بدر دجى ً وشمس نهار

ولرب ليلٍ بت فيه معللاً … من ريق مبسمه بكأس عقار

ألهو به واللهو داعيه الصبا … ومن الغرام تهتكي ووقاري

أيَّامَ لم تلوِ الدُّيون على اللِّوى … سعدى ولا نأت النوى بنوار

يا حبذا زمن الوصال وحبذا … عهد الحبيب وداره من داري

زمنٌ أطعتُ به الصَّبابة والصِّبا … وقضيتُ فيه من الهوى أوطاري

أرضَيْتُ أحبابي وغِظتُ لوائمي … وطرحتُ عُذري واطَّرحتُ عِذاري

إذ لا ربيع الوصل فيه محرمٌ … كلا وليس خطى المنى بقصار

لم أوفه حقاً أحال به على … قلبي الكئيبِ ومدمعي المدرارِ

قسماً بمكة والحطيم وزمزمٍ … والبيت ذي الأركان والأستار

ما عن لي ذكر الحجاز وأهله … إلا عدمت تجلدي وقراري