سريرة ُ شوقٍ في الهوى من أذاعَها – ابن معصوم المدني
سريرة ُ شوقٍ في الهوى من أذاعَها … ومهجة ُ صبٍّ بالنَّوى من أضاعَها
أفي كل يومٍ للعباد ملمة ٌ … تُلمُّ بنا لا نستطيعُ دفاعَها
فللَّه جمعٌ فرَّق البينُ شملَه … وإلفة صحبٍ قد أباد اجتماعها
وساعاتُ أنسٍ كان لهواً حديثُها … سقى اللَّهُ هاتيك اللَّيالي وساعَها
ولا مثل ليلى إن تبدت عشية ً … مددت لها كفي أريد وداعها
وقد أقبلت تُذري الدموعَ تلهُّفاً … إذا هتفَ الداعي إلى البين راعهَا
أشاعت بنا أيدي الفراق فأصبحت … تؤمُّ بنا شُمَّ الذُّرى وتلاعَها
نجوبُ قِفاراً ما وقفنا بقاعِها … ونقطع بيداً ما حللنا بقاعها
تميلُ بنا الأكوارُ ليلاً كأنَّنا … نشاوى سلافٍ قد أدمنا ارتضاعها
إذا نفحتنا نسمة ٌ حاجرية ٌ … أجدت وهاجت للنفوس التياعها
فمن مهجة ٍ لا يستقر قرارها … ومن كبدٍ نخشى عليها انصداعَها
تجاذبنا فضل الأزمة ضمرٌ … أهاج نزاعُ البين وجداً نزاعَها
نقيس بها طول الفلاة وعرضها … عشيّاً إذا مدَّت لخَطوٍ ذراعَها
يقول أصيحابي وقد جدت السرى … وأوفتهم أيدي الركائب صاعها
أفيقوا فقد شطَّ المرامُ ولا نَرى … سوى تلعاتٍ قد سئمنا افتراعها
فقلتُ لهم سيروا سِراعاً وقلْقِلوا … عِرابَ المطايا واستحثُّوا سِراعَها
لنحظى من الدنيا بأوفر حظها … ونشهدَ أوصافاً عَشِقنا استماعَها
وننزل عن أيدي الركاب نريحها … ونشكر فينا ما بقينا اصطناعَها
بأرحب أرضٍ لا يُسامى عَلاؤها … وأسمى ربوعٍ لا نَملُّ ارتباعَها
بسُوح نِظام الدين وابن نظامِه … كريمٌ به مدت يد المجد باعها
همامٌ إليه الدهر ألقى زمامه … إذا عُصي الأقوامُ كان مُطاعَها
أنارت شموس المكرمات بأفقه … فألقت على كلِّ الأنام شُعاعَها
له يدُ فضلٍ لا تُبارى سَماحة ً … إذا ما نباغيثٌ رجونا اندفاعها
مواهبُ لا تنفكُّ تَحدو مواهباً … تنال غمار البحر منها اتساعها
إذا انقطعت يوماً شآبيبُ مزنّة ٍ … فأيدي نداه لا تخاف انقطاعها
به أينعَت روضُ المكارم والنَّدى … وشادت مباني كل عزٍ رباعها
أعز ذوي الإفضال والبأس فضله … فقل للَّيالي لا تغرَّ رَعاعَها
له أذعَنَت شُمْسُ العُداة مهابَة ً … ولم يخشَ لو لم تستذلَّ امتناعَها
وذلَّت له الدُّنيا فألقت قيادَها … لطاعتِه حتَّى أمِنَّا خِداعَها
تباري النجوم الزهر زهر نصاله … إذا راح يَحمي وقعَها وقِراعَها
وتهزأ بالخَطِّيِّ أقلامُ خطِّه … إذا ما حوت يُمناه يوماً يَراعَها
أربَّ النَّدى والفضل والمجد والحِجا … وناظم أشتات العلى وجماعها
لانت الذي أحرزت في الخلق رتبة ً … تود الدراري لو تنال ارتفاعها
إليك حثثنا كل كوماء بازلٍ … وجُبنا القفار البيدَ نبسرُ قاعَها
فلا غرو فالآمالُ أنت محطُّها … ونحوَك أزجت عزمَها وزَماعَها
وفيك حكينا الدرَّ نظماً فهاكَها … خريدة َ فكرٍ قد أمَطْتُ قِناعَها
بمدحِك قد نضَّدتُ جوهر عِقدِها … وأبدعتُ في فنِّ القريض ابتداعَها
فمن لابن هاني لو يهنى بمثلها … وهيهات لو أن رامها ما استطاعها
إذا ما حَدا الحادي بها قال قائلٌ … ألا فاشكراها نَغمة ً وسَماعَها