هنيئا لهذا الدهر روح وريحان – ابن دارج القسطلي

هنيئا لهذا الدهر روح وريحان … وللدين والدنيا أمان وإيمان

بأن قعيد الشرك قد ثل عرشه … وأن أمير المؤمنين سليمان

سمي الذي انقاد الأنام لأمره … فلم يعصه في الأرض أنس ولا جان

وباني العلا للمجد غاد ورائح … وحلف التقى في الله راض وغضبان

به رد في جو الخلافة نورها … وقد أظلمت منها قصور وأوطان

وأنقذ دين الله من قبضة العدى … وقد قده للشرك ذل وإذعان

وقام فقامت للمعالي معالم … وللخير أسواق وللعدل ميزان

وجدد للإسلام ثوب خلافة … عليها من الرحمن نور وبرهان

وأكدها عهد لأكرم من وفى … بعهد زكت فيه عهود وإيمان

به شد أزر الملك وابتهج الهدى … وفاض على الإسلام حسن وإحسان

فتى نكصت عنه العيون مهابة … فليس له إلا الرغائب أقران

يهون عليه يوم يروي سيوفه … دما أن يوافيه الدجى وهو ظمآن

سمي النبي المصطفى وابن عمه … ووارث ما شادت قريش وعدنان

وما ساقت الشورى وأوجبت التقى … وأورث ذو النورين عمك عثمان

وما حاكمت فيه السيوف وحازه … إليك أبو الأملاك جدك مروان

مواريث أملاك وتوكيد بيعة … جدير بها فتح قريب ورضوان

ودوحة مجد في السماء كأنما … كواكبها منها فروع وأغصان

لئن عظمت شأنا لقد عز نصرها … بكرات فرسان لأقدارها شان

قبائل من أبناء عاد وجرهم … لهم صفو ما تنميه عاد وقحطان

بنو دول الملك الذي سلفت به … لآبائهم فيها قرون وأزمان

هم عرفوا مثواك في هبوة الردى … وقد راب معهود وأنكر عرفان

وللموت في نفس الشجاع تخيل … وللذعر في عين المخاطر ألوان

فأعطوك واستعطوك في السلم والوغى … مواثيق لو خانتك نفسك ما خانوا

كأن السماء بدرها ونجومها … سراك وقد حفوك شيب وشبان

وقد لمعت حوليك منهم أسنة … تخيل أن الحزن والسهل نيران

أسود هياج ما تزال تراهم … تطير بهم نحو الكريهة عقبان

وأقمار حرب طالعات كأنما … عمائمهم في موقف الروع تيجان

دنت بهم للفتح تحت عجاجة … كأن مثيريها علي وهمدان

يوم اقتحام الحفر أيقنت أنهم … يريدون فيه أن تعز ولو هانوا

بكل زناتي كأن حسامه … وهامة من لاقاه نار وقربان

وأبيض صنهاج كأن سنانه … شهاب إذا أهوى لقرن وشيطان

وقد علموا يا مستعين بأنهم … لربهم لما أعانوك أعوان

ولولاك والبيض التي نهدوا بها … لما قام للإسلام في الأرض سلطان

ولاستبدلت قرع النواقيس بالضحى … منار وقامت في المحاريب صلبان

وهم سمعوا داعيك لما دعوتهم … وهم أبصروا والناس صم وعميان

تصاوير ناس مهطعين لصورة … يكلمهم منها سفيه وميان

فلله عزم رد في الحق روحه … وأودى به في الأرض زور وبهتان

وقلت لعا للعاثرين كأنه … نشور لقوم حان منهم وقد حانوا

وأصبح أهل الحق في دار حقهم … ونحن لهم في الله أهل وإخوان

فحمدا لمن رد النفوس فأصبحت … لهم كالذي كنا وهم كالذي كانوا

وأنس شمل بالتفرق موحش … وحن خليط بالصبابة حنان

ورد جماح الغي من غرب شأوه … وبرد قلب بالحفيظة حران

وقد أمن التثريب أخوة يوسف … وأدركهم لله عفو وغفران

وأعقب طول الحرب أبناء قيلة … زكاة ورحما فيه أمن وإيمان

وحنت لداعي الصلح بكر وتغلب … وشفعت الأرحام عبس وذبيان

وفازت قداح المشتري بسعودها … وسبا بهرام وأعتب كيوان

وعرف معروف وأنكر منكر … وطار مع العنقاء ظلم وعدوان

وأغمد سيف البغي عنا وعطلت … قيود وأغلال وسجن وسجان

وما كان منا الحي في ثوب ذله … بأنهض ممن ضم قبر وأكفان

ومن على المستضعفين وأنجزت … مواعيد تمكين وآذن إمكان

بيمن الإمام الظافر الغافر الذي … صفا منه للإسلام سر وإعلان

مجرد سيف الإنتقام لمن عتا … فمال به في الدين زيغ وإدهان

فمن سره المحيا فسمع وطاعة … ومن يحسد الموتى فكفر وعصيان