تبين شمل الدين أنك ناظمه – ابن دارج القسطلي

تبين شمل الدين أنك ناظمه … وأيقن حزب الشرك أنك قاصمه

لقد شدد الرحمن أركان دينه … فأيد بانيه وهدم هادمه

وعدى به عمن يوالي عدوه … وولاه من والاه فهو ملازمه

ومن ملكه إن جل خطب ملاكه … وأعلامه إن راب دهر معالمه

فسماه منصورا مصدق جده … وما صدقت أرماحه وصوارمه

وتوجه مثنى الرياسة معلنا … بما هو من غيب السرائر عالمه

فتى ولدته الحرب واسترضعت له … وقائع من أحمى الهدى وملاحمه

مفدى وما غير السروج مهاده … موقى وما غير السيوف تمائمه

مجدد ملك أحرزته جدوده … أعزة أملاك الهدى وأكارمه

فأعرب عن أيام يعرب واقتدى … بما عظمت أذواؤه وأعاظمه

وأنجبه للطعن والضرب عمره … وأخلصه للجود والحمد حاتمه

شجاع ولكن الجياد حصونه … كريم ولكن المعالي كرائمه

تلاقت عليه الخيل والبيض والقنا … قياما لمن لا سعي ساع يقاومه

وخلت له الأملاك عن سبل الهدى … فليس سوى طيب الثناء يزاحمه

مقسم ما يحويه في سبل الندى … وإن كان قد حاباه في الحظ قاسمه

فما خاب في يوم الندى من ينوؤه … ولا فاز في يوم الوغى من يحاكمه

ولا ادعيت في المأثرات حقوقه … ولو أقبلت زهر النجوم تخاصمه

ودعوى النهى والحلم في غير منذر … خيال من الأحلام أضغث حالمه

فمن ذا الذي يرجو من الملك غرة … وما حومت إلا عليك حوائمه

ولا رفعت إلا إليك عيونه … ولا ظأرت إلا عليك روائمه

ولا راق إلا في جبينك تاجه … ولا قر إلا في يمينك خاتمه

فكيف بذي جهل تعسف مجهلا … يبرح واقيه ويحتم حاتمه

فغالته في غول المهامه غوله … وهامت به في الترهات هوائمه

أباح حمى الإسلام للشرك مغنما … لتقسم بين الناهبين مغانمه

وفض ختام الله عن حرماته … ليفتض عما تحتويه خواتمه

وعد دماء المسلمين مدامة … فبرح في الأعداء عمن ينادمه

فإن ألقح الحرب العوان فحسبه … فواقر ما شالت به وأشائمه

وإن زج في جفن الردى فلحينه … تخازر ساجيه وأوقظ نائمه

غداة دعاك الدين من أسر فعلة … وقد أوشكت أن تستباح محارمه

فلبيتها فانجاب عنها ظلامه … ووافيتها فاستنكرتها مظالمه

وجاءك مد الله من كل ناصر … على الحق مهديا إليك مقادمه

ونادى أبو مسعود النصر مسعدا … عزائمك اللاتي تليها عزائمه

بود كماء الغيث يسقي رياضه … وبأس كحر النار يضرم جاحمه

على كل من حاربت فهو محارب … كفاحا ومن سالمت فهو مسالمه

وأعصم بالإشراك قائد بغيها … إلى ملك رب السموات عاصمه

فما ركضوا طرفا إليك لغارة … وأسهل إلا أسلمته قوائمه

ولا أصلتوا سيفا وأنحوك حده … فعرج عن مثنى يمينك قائمه

ولا أشبوا حصنا يردك عنهم … وقابلته إلا تداعت دعائمه

وإن أحرزوا في قطر شنح نفوسهم … فغانم ما لا يحفظ الله غارمه

فكم قدت في أكنافها من مقنع … نفوس الأعادي شربه ومطاعمه

خميس لجنح الليل من أنجم الدجى … حلاه ومن شمس النهار عمائمه

كأن شعاع الشمس تحت عجاجه … إذا ما التقى الجمعان سر وكاتمه

تجيش بودق من جنى النبع صائب … أساوده نحو العدى وأراقمه

وهد هواء الجو نحو بنائها … هوي سلام حان من لا تسالمه

ولو لم تصادمه بطود من القنا … لأقبل أطواد الجبال تصادمه

ولو لم تزاحمه المجانيق لانبرت … عليه نجوم القذف عنك تزاحمه

وليس ولو سامى السماء بمعجز … من المشرفي والعوالي سلالمه

فسرعان ما أقوى الشرى من ضباعه … وبربر في ذاك العرين ضراغمه

وطير عن ليل الأباطيل بومه … وشرد عن بيض النفاق نعائمه

وبدلت حكم الله من حكم غيه … فأنفذ حكم الله ما أنت حاكمه

فيا رب أنف للنفاق جدعته … بها وابن شنج صاغر الأنف راغمه

غداة أطار العقل عنه ونفسه … بسيفك يوم راكد الهول جاثمه

فما يرتق الأرواح إلا رياحه … ولا يفتق الغماء إلا غماغمه

فلا نطق إلا أن يفديك صارخ … ويدعوك بالبقيا عليها أعاجمه

فأبرح بيوم أنت بالنصر مقدم … وأفرح بيوم أنت بالفتح قادمه

ومنزل مفلول نزلت وخيلنا … مرابطها أجساده وجماجمه

ومعترف بالذنب مبتئس به … دعاك وقد قامت عليه مآتمه

إذا صده الموت الذي سام نفسه … يكر به العيش الذي هو سائمه

فتلقاه أطراف القنا وهو نصبها … ويصعقه برق الردى وهو شائمه

إذا كاد يقضي بالأسى نحبه قضت … له الرحم الدنيا بأنك راحمه

فلم أر أمضى منك حكما تحكمت … على سيفه يوم الحفاظ مكارمه

ولا مثل حلم أنت للغيظ لابس … ولا مثل غيظ أنت بالحلم كاظمه

فأوسعته حكم النضير وقد حكى … قريظة منه غله وجرائمه

فولى وقد ولاك ذو العرش عرشه … وطار وقد طارت إليك قوادمه

وأبت وقد لاحت سعودك بالمنى … وغارت به في الأخسرين عواتمه

تغني لك الركبان بالفتح قافلا … وتبكي عليه بالحمام حمائمه

فمن ينصر الرحمن هذي عزائمه … ومن يخذل الرحمن هذي هزائمه