هنيئا لنا ولأقصى العباد – ابن دارج القسطلي

هنيئا لنا ولأقصى العباد … جهادك في الله حق الجهاد

تباري الصبا وتناوي الشمال … تراوح أرض العدى أو تغادي

بسمر القنا وببيض السيوف … وحر الكماة وغر الجياد

جيوشا تضل الأدلاء فيها … وأنت لها بهدى النصر هاد

إذا اكتحل الجو كحل الظلام … كحلت العيون بطول السهاد

تقود أعنتها مستقيدا … إليك بها كل صعب القياد

مظللة بعوالي الرماح … مكللة بطوال الهوادي

مجللة منك برد اليقين … فهان عليهن حر الجلاد

تولئهن لحمل الكماة … وتوطئهن صدور الأعادي

مجيبا بهن منادي الإله … فلباك كل مجيب المنادي

بعزم يذكر أرض الأعادي … هبوب العواصف في أرض عاد

فأقدمتها يا بن عبد العزيز … لعز الموالي وذل المعادي

لتحيي من حكم حكمه … بسقي الردى كل باغ وعاد

ولم يثنها عن مدى غارة … تغورها في مغار البعاد

ولا أخرت يانعات الرؤوس … ليوم الجنى وليوم الجداد

فلأيا طردت المها عن أسود … أبرتهم في مكر الطراد

ديارا سقيت دم المانعيها … متون الربى وبطون الوهاد

وأطفأت فيهن نار السيوف … وأضرمت منهن قدح الزناد

وقودا تبيض فيها الليالي … ويصبغ نور الضحى بالسواد

بما بدلت من مجال الرماح … مجال الرياح بها في الرماد

فألبست فيها ثياب السرور … وغادرتها في ثياب الحداد

بفتح تفتح منه الأماني … إلى كل حاضر أرض وباد

معالم منها تعلمت منك … إليك مسالك سبل الجهاد

فأعليت نحوك بند الثناء … وقدت إليك خيول الوداد

وشرد جفني لذيذ المنام … وعطل جنبي وثير المهاد

مثالا تمثلته منك فيك … وأنت إلى الغزو سار فغاد

فكم أبت منه ببيض الوجوه … كما أبت منك ببيض الأيادي

وكم عدت منه بفتح الفتوح … كما عاد لي منك عهد العهاد

ولكن منكم جوادي وسرجي … ونزلي ويسري ومائي وزادي

وأنتم شددتم يميني برمحي … وهيأتم عاتقي للنجاد

وأنتم سقيتم ثراة اغترابي … سجال الغمام وصوب الغوادي

فتلك أزاهيرها قد سقيتم … تفوح لكم من أقاصي البلاد

ويسري بها في الدجى كل سار … ويشدو بها في الورى كل شاد

على كل فلك طروق الشراع … وفي كل رحل وثيق الشداد

وتلك حدائق ما قد غرستم … منى وجنى لنفوس العباد

تروض من نشرها كل أرض … ويندى بإنشادها كل ناد

ستؤتيكم أكلها كل حين … ويجنيكم زهرها كل واد

بإحياء فخركم للحياة … وإجزال ذخركم في المعاد

ودونك غراء يضحي سناها … بغرة سيدها في ازدياد

فلا خانها امل المستفيد … وأبقيت في عمر مستفاد