نَفى النّوْمَ عن عَيني خَيالُ مُسَلِّمٍ – أبو فراس الحمداني

نَفى النّوْمَ عن عَيني خَيالُ مُسَلِّمٍ … تَأوّبَ مِنْ أسماءَ، وَالرّكبُ نُوّمُ

ظِلِلْتُ وَأصْحابي عَبادِيدَ في الدّجى … ألَذَّ بِجَوّالِ الوِشَاحِ، وَأنْعَمُ

وَسَائِلَة ٍ عَنّي فَقُلْتُ، تَعَجّباً: … كَأنّكِ لا تَدْرِينَ كَيْفَ المُتَيَّمُ؟

أعرني ، أقيكَ السوءَ ، نظرة َ وامقٍ … لَعَلّكَ تَرْثي، أوْ لَعَلّكَ تَرْحَمُ

فما أنا إلاَّ عبدكَ القنُّ في الهوى ، … وَما أنْتَ إلاّ المَالِكُ، المُتَحَكِّمُ

وأرضى بما ترضى على السخطِ والرضا … وَأُغضِي، عَلى عِلْمٍ بِأنّكَ تَظْلِمُ

يئستُ منَ الإنصافِ بيني وبينهُ ، … وَمَن ليَ بالإنْصَافِ وَالخَصْمُ يحكُمُ؟

وَخَطْبٍ مِنَ الأيّامِ أنْسَانيَ الهَوَى ، … وَأحلى بِفِيَّ المَوْتَ، وَالمَوْتُ عَلقَمُ

وواللهِ ، ماشببتُ إلا علالهً ، … وَمِنْ نَارِ غَيرِ الحُبّ قَلْبِيَ يُضرَمُ

ألاَ مُبْلِغٌ عَني الحُسَينَ أَلُوكَة ً، … تَضَمّنَهَا دُرُّ الكَلامِ المُنَظَّمُ

لذيذُ الكرى ، حتى أراكَ ، محرمٌ … ونارُ الأسى بينَ الحشا تتضرمُ

وَأتْرُكُ أنْ أبكي عَلَيكَ، تَطَيّراً، … وقلبيَ يبكي ، والجوانحُ تلطمُ

وَإنّ جُفُوني إنْ وَنَتْ لَلَئِيمَة ٌ، … وإنَّ فؤادي إنْ سلوتُ لألأمُ

وَأُظْهِرُ لِلأعْدَاءِ فِيكَ جَلادَة ً، … وَأكْتُمُ مَا ألْقَاهُ وَالله يَعْلَمُ

سَأبكِيكَ، مَا أبقى ليَ الدّهرُ مُقلَة ً، … فإنْ عَزّني دَمْعٌ، فَما عَزّني دَمُ

وَحُكْمي بُكاءُ الدّهرِ فيما يَنُوبُني، … وَحُكْمُ لَبِيدٍ فِيهِ حَوْلٌ مُجَرَّمُ

و ما نحنُ إلاَّ ” وائلٌ ” و” مهلهلٌ ” … صَفَاءً، وَإلاّ مَالِكٌ وَمُتَمِّمُ

وَإنّي وَإيّاهُ لَعَيْنٌ وَأُخْتُهَا، … وَإنّي وَإيّاهُ لَكَفٌّ وَمِعْصَمُ

تصاحبنا الأيامُ في ثوبِ ناصحٍ … ويختلنا منها ، على الأمنِ ، أرقمُ

وَمَا أغْرَبَتْ فِيكَ اللّيَالي، وَإنّهَا … لتصدعنا منْ كلِّ شعبٍ وتثلمُ

طوارقُ خطبٍ ، ما تغبُّ وفودها ، … وأحداثُ أيامٍ تغذُّ وتتئمُ

فما عرفتني غيرَ ما أنا عارفُ … ولا علمتني غيرَ ما كنتُ أعلمُ

مَتى لمْ تُصِبْ مِنَّ اللّيَالي ابنَ هِمّة ٍ … يجَشّمُهَا صَرْفُ الرّدَى فَتَجَشّمُ

تهينُ علينا الحربُ نفساً عزيزة ً … إذَا عَاضَنَا مِنْهَا الثّنَاءُ المُنَمْنَمُ

وَإنّي لَغِرٌّ إنْ رَضِيتُ بِصَاحِبٍ … يبشُ ، وفيهِ جانبٌ متجهمُ

وَنَحْنُ أُنَاسٌ، لا تَزَالُ سَرَاتُنَا … لهَا مَشرَبٌ، بَين المَنَايَا، وَمَطْعَمُ

نظرناإلى هذا الزمانِ ، وأهلهِ … فَهَانَ عَلَيْنَا مَا يَشِتّ وَيَنظِمُ

وندعو كريماً منْ يجودُ بمالهِ ، … وَمَنْ يَبْذِلُ النّفسَ الكَريمَة َ أكرَمُ

وَمَا ليَ لا أمضِي حَميداً وَمَطلَبي … بعيدٌ ،و ما فعلي بحالٍ مذممُ

إذَا لمْ يكُنْ يُنجي الفِرَارُ من الرّدى ، … على حَالَة ٍ، فالصّبرُ أرْجَى وَأحزَمُ

لكَ اللهُ إنا بينَ غادٍ ورائحٍ … نُعِدّ المَغَازي في البِلاَدِ وَنَغنَمُ

وأرماحنا في كلِّ لبة ِ فارسٍ … تثقبُ تثقيبَ الجمانِ وتنظمُ

سنضربهمْ ، مادامَ للسيفِ قائمٌ ، … ونطعنهمْ ، مادامَ للرمحِ لهذمُ

ونقفوهمُ ، خلفَ الخليجِ بضمرٍ … تخوضُ بحاراً بعضُ خلجانها دمُ

بكلِّ غلامٍ منْ “نزارٍ ” وغيرها … عليهِ من الماذي درعٌ مختمُ

ونجنبُ ما ألقى ” الوجيهُ ” و” لاحقٌ ” … إلى كُلّ ما أبقى الجَديلُ وَشَدقَمُ

ونعتقلُ الصمَّ العوالي إنها … طريقٌ إلى نيلِ المعالي وسلَّمُ

رَأيْتُهُمُ يَرْجُونَ ثَأراً بِسَالِفٍ، … وفي كلِّ يومٍ يأخذ السيفُ منهمُ

فقلْ لـ” ابن فقاس “: دعِ الحربَ جانباً … فإنكَ روميٌّ ، وخصمكَ مسلمُ

فَوَجْهُكَ مَضرُوبٌ، وَأُمّكَ ثاكِلٌ، … وَسِبْطُكَ مأسُورٌ، وَعِرْسُكَ أيِّمُ

ولمْ تنبْ عنكَ البيضُ في كلِّ مشهدٍ … وَلَكِنّ قَتلَ الشّيخِ فِينا مُحَرَّمُ

إذا ضربتْ فوقَ الخليجِ قبابنا ، … وأمسى عليكَ الذلُّ ، وهوَ مخيمُ

وأدى إلينا ” الملكُ ” جزية َ رأسهِ ، … وَفُكّ عن الأسرَى الوِثَاقُ وَسُلّمُوا

فإنْ ترغبوا في الصلحِ فالصلحُ صالحُ … وَإنْ تجنَحوا للسّلمِ فالسّلمُ أسلمُ

أعَاداتُ سَيْفِ الدّوْلَة ِ القَرْمِ إنّهَا … لإحدى الذي كشفتَ بلْ هيَ أعظمُ

وَإنّ لِسَيْفِ الدّوْلَة ِ القَرْمِ عَادَة ً … تَرُومُ عُلُوقَ المُعجِزَاتِ فَتَرْأمُ

وَقِيلَ لهَا: سَيفُ الهُدى ، قُلتُ: إنّه … ليفعلُ خيرُ الفاعلينَ ويكرمُ

أما انتاشَ منْ مسَّ الحديدِ وثقلهِ … ” أبا وائلٍ ” والبيضُ في البيضِ تحكمُ

تجرُّ عليهِ الحربُ ، منْ كلِّ جانبٍ ، … فَلا ضَجِرٌ جَافٍ، وَلا مُتَبَرِّمُ

أخُو عَزَمَاتٍ في الحُرُوبِ إذَا أتَى … أتَى حادِثٌ، من جانِبِ الله مُبَرمُ

نَخِفّ، إذَا ضَاقَتْ عَلَيْنَا أُمُورُنا، … بأبَيضِ وَجهِ الرّأيِ وَالخُطبُ مُظلِمُ

ونرمي بأمرٍ لا نطيقُ احتمالهُ … إلى قرمنا ، والقرمُ بالأمرِ أقومُ

إلى رجلٍ يلقاكَ في شخصٍ واحدٍ … ولكنهُ في الحربِ جيشٌ عرمرمُ

نثيلٌ على الأعداءِ أعقابُ وطئهِ ، … صليبٌ على أفواهها حينَ تعجمُ

ونمسكُ عنْ بعضِ الأمورِ مهابة ً ، … فيعلمُ ما يخفي الضميرُ ، ويفهمُ

ونجني جناياتٍ عليهِ يقيلها ، … ونخطيءُ أحياناً إليهِ فيحلمُ

يسوموننا فيكَ الفداءَ ، وإننا … لَنَرْجوكَ قَسراً وَالمَعاطِسُ تُرْغَمُ

أترضى بأنْ نعطى السواءَ قسيمنا … إذا المجدُ بينَ الأغلبينَ يقسَّمُ ؟

وَما الأسرُ غُرْمٌ، وَالبَلاءُ مُحَمَّدٌ، … وَلا النّصْرُ غُنْمٌ، وَالهَلاكُ مُذَمَّمُ

… وَأقْدَمْتَ لَوْ أنّ الكَتائِبَ تُقْدِمُ

دَعَوْتَ خَلوفاً، حينَ تختلِفُ القَنَا، … وناديتَ صماً عنكَ ، حينَ تصممُ

وَمَا عابَكَ، ابنَ السّابِقِينَ إلى العُلا، … تَأخّرُ أقْوَامٍ وَأنْتَ مُقَدَّمُ

و مالكَ لا تلقى بمهجتكَ الردى ، … وأنتَ منَ القومِ الذينَ همُ همُ ‍

لعاً ، يا أخي ‍ لامسكَ السوءُ إنهُ … هُوَ الدّهرُ في حالَيه: بؤسٌ وَأنعُمُ

و ما ساءني أني مكانكَ ، عانياً … وأسلمُ نفسي للإسارِ وتسلمُ

طلبتكَ حتى لمْ أجدْ ليَ مطلباً ، … وَأقْدَمْتُ حَتى قَلّ مَنْ يَتَقدَّمُ

… وَلَكِنْ قَضَاءٌ فاتَني فيك مُبرَمُ

فإنْ جَلّ هَذَا الأمرُ فَالله فَوْقَه، … وَإنْ عَظُمَ المَطْلُوب فالله أعظَمُ

وإني أخفي فيكَ ، ماليسَ خافياً … وَأكْتُمُ وجْداً، مِثْلُه لا يُكَتَّمُ

ولو أنني وفيتُ رزءكَ حقهُ … لما خطَّ لي كفٌّ ، ولا فاهَ لي فمُ ‍