نَحنُ الجُناةُ القاتِلون – عبدالعزيز جويدة

(1)

السادسةْ

كانتْ تَدقُّ السادسةْ

والعابرونَ على الطريقْ

يَبدونَ كالأسرى

كانتْ أياديهِم مُدلاةً

نظراتُهمْ حَيرى

وكانوا يَنزفونْ

مِن بينِ أيديهِم نَزيفْ

من بينِ أعينهِمْ نَزيفْ

وأنا أُحدِّقُ في فَزعْ

في ذلكَ الشبحِ المخيفْ

(2)

سيارتي آخرْ ..

“مُود يلْ”

خلفَ الزجاجِ يَدي تُقلِّبُ

موجةَ المِذياعْ

حتى يقولَ لنا المذيعْ

أخبارَ طقسِ اليومِ أو ..

سعرَ الدولارْ

هو رائعٌ

لو جئتَ منتصفَ النهارْ

غيدٌ حِسانٌ في انتظارِكْ

وطعامُنا مِن أطيبِ “الكافيارْ”

فالجوُّ في أقصى الشمالْ

يبدو بحقٍّ رائعًا

ندعو الجميعْ

رَحلاتُنا

قِممُ الجبالْ ،

مُدنُ الملاهي ،

والمطاعمُ سحرُها

فوقَ الخيالْ

(3)

كانَ الجنودُ الواقفونَ مُدجَّجينْ

واللابسونْ ..

لونَ السوادْ

لونَ الحِدادْ

لونٌ كما أيامِهِمْ

يَمشونَ خلفَ العابرينَ

كما القطيعْ

وكرامةٌ هُدرتْ

وأحلامٌ تَضيعْ

وجهٌ يُحملقُ في رَغيفْ ،

كوبٍ مِن الماءِ النظيفْ

وأنا أُفكرُ يا تُرى

ماذا أُضيفْ

حتى أُتمِّمَ مَسكني

ليكونَ كالقصرِ المَنيفْ

أوَّاهُ عانَدَني القلقْ

وأُحِسُّ شيئًا يَحترقْ

يَعلو المُكيِّفْ

وأُزيلُ حبَّاتِ العرقْ

والناسُ في نَهرِ الحياةْ

الكلُّ أوشكَ يا صَديقُ

على الغرقْ

وعلى “الموبايلِ”

كانَ يسألُني صديقٌ :

أينَ نَسهرْ ؟

وهناكَ في نفسِ المكانْ

كانتْ صُنوفُ الأكلِ

تَبدو كالجُثَثْ

كانتْ عيونُ العابرينَ ،

الحاقدينَ ، الضائعينْ

تَطفو على وَجهِ الكراسي

والكُؤوسْ

والشاربونَ يُحملِقونْ

يتساقطونَ ، ويصرُخونْ

كانَ الرفاقُ

وكنتُ أبكي بينَهم

يتساءَلونْ

وأنا أُديرُ الظهرَ

أخرُجُ عاريًا

أبكي وأصرُخُ في جُنونْ

يا أيُّها الوطنُ المقسَّمُ

بينَ مَن قُتِلوا تَرَفْ

وهناكَ ناسٌ يُقتَلونْ ..

منَ القَرَفْ

أنا جِئتُ في وجهِ العدالةِ أعترفْ

نحنُ الجُناةُ القاتِلونْ

نحنُ الجُناةُ ..

القاتِلونْ