نوح جديد – أدونيس

1

رحنا مع الفلْك، مجاديفنا

وعدٌ من الله وتحت المطرْ

والوحل، نحيا ويموت البَشرْ.

رحنا مع الموج وكان الفضاءْ

حبلاً من الموتى ربطنا به

أعمارَنا وكان بين السماء

وبيننا نافذةٌ للدعاءْ.

..

“يا ربّ، لِمْ خَلّصتَنا وحدَنا

من بين كلّ الناس والكائناتْ؟

وأين تُلقينا، أفي أرضكَ الأخرى،

أفي موطِننا الأولِ

في ورَق فينا ، في شراييننا

رعبُ من الشّمس ؛ يئسنَا من النّور

يَئسنا من غدٍ مُقبلٍ

فيه نُعيد العمرَ من أوّلِ.

..

يا ليتَ أنّا لم نصرْ بِذرةٌ

للخلق، للأرض وأجيالها

يا ليتَ أنّا لم نزل طينةً

أو جمرةً ، أم لم نزل بين بينْ

كي لا نرى العالم كي لا نرى

جحيمه وربّه مرّتينْ”

2

لو رجع الزّمانُ من أوّلِ

وغمرت وجه الحياة المياه

وارتجّت الأرض وخفّ الإلهْ

يقول لي يا نوح أنقذْ لنا

الأحياء لم أحفلْ بقول الإلهْ

ورُحت في فُلكي ، أزيح الحصى

والطين عن محاجر الميّتينْ

أفتح للطوفان أعماقهم،

أهمس في عروقهم أننا

عُدنا منَ التيه، خرجنا من الكهفِ

وغيّرنا سماء السّنين ،

وأننا نُبحر لا نَنْثني رعباً

ولا نُصغي لقول الإلهْ

موعدُنا موتٌ ، وشطآننا

يأسٌ ألفناه ، رضينا به

بحراً جليدياً حديدَ المياه

نعبره نمضي إلى منتهاه،

نمضي ولا نصغي لذاك الإلهْ

تقنا إلى ربٍّ جديدٍ سواه.