نهاية حسناء ريفيّة – عبدالله البردوني

كما تذبل الدّاليات الصّبايا … ذرت في سخاء المنى والعطايا

وكالثّلج فوق احتضار الطيّور … تراخت على مقلتها العشايا

وكابن سبيل جثت وحدها … تهدّج خلف الضيّاع الشكايا

وتسعل في صدرها أمسيات … من الطين ، تبصق ذوب الحنايا

ويوما أشار أخوها القتيل : … تعالى تشهّت يديك يدايا

فناحت كبنت مليك غدت … بأيدي ( التّتار ) أذلّ السّبايا

أهاذي أنا ؟ وتعيد السؤال … وتبحث عن وجهها في المرايا

اما كان ملء قميصي الربيع ؟ … فأين أنا ؟في قميصي سوايا

وفرّ سؤال خجول تلاه … سؤال ، على شفتيها تعايا

وأين الفراش الذي امتّصني … أيرئي هشيم الغصون العرايا

وذات مساء تمطىّ السكون … كباغ يهمّ بأدهى القضايا

وأقعى يهزّ الجدار … أكفّا من الشوك خرس النوايا

وفي الصبح أهدت لها جارتان … غبيا رضيّ الرّقى والسّجايا

يفضّ الكتاب ويشوي البخور … ويستلّ ما في قرار الحفايا

فتشتمّ أمس المسجّى ، يعود … وتجترّه من رماد المنايا

وتنتظر الزائرين كأم … تراقب عود بنيها الضحايا

فلا طيف حبّ يشقّ اليها … سعال الكوى أو فحيح الزّوايا

وكان يمدّ المساء النجوم … اليها معبّأة بالهدايا

وتنّئد الشمس قبل الغروب … توشي رؤاها ، بأزهى الخبايا

ويجثو الصباح مليا يرش … شبابيكها ، بأرقّ التحايا

وتحمل عن هج أسمارها … رياح الدجى هودجا من حكايا

وكانت كما يخبر الذاكرون … أبضّ الغواني ، وأطرى مزايا

وأنظر من صاحبات (السّمو) … ولكنها بنت أشقى الرعايا

تهادت من الريف عام الجراد … تعاطي المقاصير أحلى الخطايا

وفي بدء (نيسان) حثّ الخريف … اليها من الريح أمضى المطايا

فشظّى كؤوس الهوى في يديها … وخبأ في رئتيها الشظايا

وخلّف منها بقايا الأنين … وعاد ، فأنهى بقايا البقايا