نداك حبيب لا يشط مزاره – ابن دارج القسطلي
نداك حبيب لا يشط مزاره … وإن غنيت بين الكواكب داره
وأكرم به إلفا دعا الحمد راغبا … فلباه مخلوعا إليه عذاره
أبان سبيل النجح ساطع نوره … ولاحت لعلياء النواظر ناره
فصبح الذي يغدو إليك بشيره … وليل الذي يسري إليك نهاره
وأي رجاء حاد منك طريقه … وأي ثناء قر عنك قراره
ولا أمل إلا إليك مآله … ولا سودد إلا عليك مداره
ولو أن قلبا شاقه المجد والعلا … فطار إليها ما عداك مطاره
ولو نثر البحر المسخر دره … لما كان إلا في ذراك انتثاره
ولو كان من زهر الكواكب زائر … إلى ملك ما حاد عنك مزاره
لأمك مشدودا إليك زمامه … ووافاك مرفوعا إليك عماره
ولو كان للدهر المؤبد مفخر … لكان بما أبدعت فيه افتخاره
ولم يعدم الشادي بذكرك زهرة … يطول بها إعجابه وازدهاره
لبوس ثناء من مساعيك بينه … ومن غرر الأشعار فيك شعاره
تهل به الدنيا إلى الملك الذي … زكا وتعالى جذمه ونجاره
مليك تردى من تجيب سكينة … وحلما يفي بالراسيات وقاره
ودوح تعالت في السماء فروعه … ولكن دنت للمجتنين ثماره
بمطعم سلم لا يمل مساغه … ومطعم حرب لا يساغ مراره
إذا نشأت بالبارقات سحابه … وجاشت بجيش الدارعين بحاره
وقد أضرم الآفاق من حر بأسه … لظى لهب زرق الوشيج شراره
وغرة شمس المجد تسمو كأنما … تراءى له في غرة الشمس ناره
وكم وصلته بالكواكب همة … تجلي إلى الآفاق أين مغاره
وليث ليوث يصعق الأرض زأرها … ويقدمها في حومة الموت زاره
وشمس وفي كسف العجاج كسوفها … وبدر وفي خفق البنود سراره
وأكرم به أن يعرف النكث عقده … أو الخلف راجيه أو الضيم جاره
ومن طرقت خيل الخطوب حريمه … فأول دعواه إليه انتصاره
فتى جعل الجرد الجياد قداحه … ففاز بأقمار المعالي قماره
ضمان عليه أن يذل عدوه … وحق إليه أن يعز جواره
ومالي لا أختار قربك باديا … وأنت من الدهر الخيار خياره
ومن ذا لداع لا يجاب دعاؤه … سواك وعان لا يفك إساره
ومهوى غريق لا يرجى غياثه … وعاثر جد لا يقال عثاره
ألا عز من أبدى إليك خضوعه … وحاز غناه من إليك افتقاره