من كانَ لي من حماهُ خِيسُ ذِي لِبدٍ – أسامة بن منقذ

من كانَ لي من حماهُ خِيسُ ذِي لِبدٍ … ضَارٍ، ولي من نداهُ روضة ٌ أُنُفُ

من لم يزل لي من جدوى يديه غنى ً … وفي ذراه من الأيام لي كنف

الملِكُ الصّالح الهادِي الذي شهِدت … بفضل أيامه الأنباء والصحف

ملك أقل عطاياه الغنى فإذا … أدناكَ منه، فأدنى حِظّك الشَّرفُ

أغز أروع في كفيه سحب ندى ً … تمتارُ سُحبُ الحيا منها، وتَغترفُ

هو الوزيرُ الذي يأوِي إلى وَزرٍ … منه الأنام فيكفوا كل ما كلفوا

تريه آراؤه في يومه غده … فيحسِمُ الخطبَ فيه قبلَ يكَتَنِفُ

بصيرة كشفت ما في القلوب له … وأطلَعَته عليه قبلَ يَنْكشفُ

سعتْ إلى زهدِه الدُّنيا برغبتِها … طوعاً، وفيها على خُطَّابِها صَلَفُ

ولم تُزَفَّ إلى كفءٍ سواهُ، وما … زالت إلى مجده تصبو وتشترف

حَبرٌ، إذا الليلُ آواهُ بحندسه … بحرٌ من العلم طامٍ ليس يُنْتَزفُ

ومِحربٌ ما أتَى المحرابَ مُبتهلا … إلا وأدمعُه من خشية ٍ تَكِفُ

مُسَهَّدٌ، وعيُونُ الخِلق هاجعة ٌ … على التجهد والقرآن معتكف

وتشرق الأرض من لألاء غرته … في دَسْته، فتكادُ الشمسُ تنكسِفُ

لم يدر ما القصد في جود ويعجبه … في بَذْلِ أموالِهِ الإفراطُ والسَّرفُ

إذا حَبَا عَادِت الآمالُ راضية ً … وإن سطا كادت الآفاق ترتجف

يأيها الملك الموفي بذمته … ومن تَجلَّى عن الدّنيا به السَّدَفُ

إليك يا عادلاً في حكمه وعلى … أمواله من قضايَا جُوده الجَنَفُ

أشكُو زَماناً قَضَى بالجورِ فيَّ، ولم … يزل يجور على مثلي ويعتسف

لحت نوائبه عودي وأنفد مو … جودي وشتت شملي وهو مؤتلف

وقد دعوتُكَ مظلوماً ومُرتجياً … وفي يديكَ الغِنَى ، والعدلُ، والخَلَفُ

فاجمع بجودك شملاً كان مجتمعاً … فعاد بعد ائتلاف وهو مختلف

وانشر بمعروفك المعروف ميتهم … وشكر من هو بالإحسان معترف

فهو القريبُ موالاة ً ومُعتَقداً … وإن أتت دُونه الغبراءُ والنُّطَفُ

وعش على رغم من يشناك مقتدراً … في دولة ما لها حد ولا طرف

… في كل سمعٍ بَدا من حُسنه طُرَفُ

نقول لما أتانا ما بعثت به … هذا كتابٌ أتى ، أم روضة ٌ أنفُ

خطُّ تنزَّهت الأزهارُ حين بدا … كأنَّه الدُّرُّ، عنه فُتِّح الصَّدفُ

إن نظمه طرق الأسماع كان لها … وإن حَوت عَطَلاً من حِلية ٍ، شَنَفُ

رقت حواشي كلام أنت ناظمه … فيه، فجاءَ كزهرِ الَّروضِ يُقتطَفُ

وردت بحر القوافي فاغترقت كما … قد حلَّ يوماً بمدِّ النِّيلِ مُغتَرِفُ

زهت على البدر نوراً إذ أتت بسوا … د النفس يشبهه من خده كلف

قرطست رميا وكم رام بأسهمه … إذا تحقق منه يسلم الهدف

بخاطر فاق غزر العد لا وشل … ولا ببرض إذا ما حل ينتزف

إذا تَطلَّعَ فوق الأرضِ ذُو أدَبٍ … فأنت منه على العيوق تشترف

وإن تَعَرَّى دَعِيٌّ من فَضائِلِه … فأنت مدرع منها وملتحف

إذا تخفى لقبح وجه قافية … فعن قوافيك شيلت دوننا السجف

لأعين الناس نهب من محاسنها … كما القلوب تلاقيها فتختطف

إذَا ذكرناكَ مجدَ الدينِ، عاوَدَنا … شوقٌ تجدَّد منه الوجدُ والأسَفُ

ودون ما قد وجدناه لفرقتكم … يحيطُ بالقلبِ من أرجائِه التَّلفُ

ولو عرفْتَ الذي في القلب منكَ لمَا … إن كنتَ عنَّا على الأحوالِ تختلِفُ

ولا عجيبٌ إذا حافَ الزّمانُ على … حُرٍّ، وكلُّ قَضاياهُ بها جَنَفُ

فلا تكُن جازعاً، إن التَّجاوُزَ عن … إنفاقِكَ الصبرَ في شَرع الهوى سَرَفُ

فإنْ حصَلتَ على الصَّبر احتويتَ على … الأجر الجزيل وفي إحرازه شرف

يا من جفانا ولو قد شاء كان إلى … جَنَابِنَا دون أهلِ الأرضِ ينَعَطفُ

وحق من أمه وفد الحجيج ومن … ظلَّت إلى بيتِه الرُّكبانُ تختلِفُ

إنا لنوفي على حال البعاد كما … نوفي لمن ضمه في قربنا كنف

ونَغفرُ الذنبَ إن رامَ المسيءُ بنا … عفواً، ونستُره في حينِ ينكشِفُ

وإن جنى من رأى أنا نعاقبه … يردنا الصفح أو يعتاقنا الأنف

نعم ونحفظ عند الغيب صاحبنا … وليس يدركنا كبر ولا صلف

فما لإيعَادنَا يوم الوغَى مَيَلٌ … ولا لموعِدنا يومَ النَّدى خُلُفُ

فعندنا جنة تدنو الثمار بها … إذا دنا مجتن منها ومقتطف

هدى مصاحبنا ضوء النهار وكم … قد ضل من في الظلام الليل يعتسف

فمل إلينا بآمال محققة … وكُفَّ غَرْبَ دُموعٍ لم تزل تَكِفُ

كفَى اغتراباً، فعجِّل بالإيابِ لَنا … فمنك لا عوض يلقى ولا خلف

وقد أجبنا إلى ما أنت طالبه … فالآن كيفَ تُروّى فيه أو تَقِفُ

فرأينا فيك قد أضحى علانية ً … والجند قد عرفوا منه الذي عرفوا

وقدمت لك تمهيداتنا وبها … وحْشُ الفَلاة ِ، إذا ما رُوِّعت، ألُفُ

كأنَّنَا حين تَجرِي ذُكرة ٌ لَكُمُ … على اضطرام لهيب النار نعتكف

فإن يبالغ أناس في الثناء على … أوصافِكُم قصَّروا في كلِّ ما وصَفوا

فخذ نظاماص على قدر الذي كتبت … يداك إذ عدد النظمين مؤتلف

كلمات: دايم السيف

ألحان: طارق عبد الحكيم