مكانك لا يخلو إاذ غيره خلا – جبران خليل جبران

مكانك لا يخلو إاذ غيره خلا … وما أنت من يسلى إذا صاحب سلا

جفاء لدار لم تبلغك مأربا … وقربا لدار بلغتك ذرى العلى

تمتع بنوم لم تمتع بمثله … وأخل فؤادا طالما بات مشغلا

لقد نهكت تلك القوى فتحللت … وكل جميع بائد إن تحللا

فلا الحلم فياض كما كان آخرا … ولا العزم نهاض كما كان أولا

ولا شعر بعد اليوم صاف بيانه … يعيد لنا أخفى المعاني ممثلا

ولا نثر بعد اليوم عذب مساغه … سليم من العلات غان عن الحلى

ولا فكرة تقادة ومهارة … حسابية تعتد في الريب فيصلا

ولا خلق راض نقي كأنه … على كل حال طاهر الماء سلسلا

هي القصة الكبرى شجانا ختامها … ولم يكن الموضوع فيها تخيلا

فتى لقي الدنيا عبوسا بوجهه … فاضحك منها عزنه وتوكلا

إذا أحرجته في الشآم فإنه … ليعتاض منها بالكنانة موثلا

يصرف في شتى الأمور ذكاءه … ويستنزل الرزق العصي مذللا

ويبني له مجدا ويضحي بجده … من النفر الأعلين في الشرق منزلا

فتأخذه الدنيا بأسباب فضله … وترميه من حيث اتقاها لتقتلا

فما هو إلا والمنى قد غدت له … ضنى وخلود الصيت موتا معجلا

بوشك كهذا الوشك مرت حياته … وما ينقضي عمر بأنكى وأجملا

ألا يا أخي إني لأرثيك باكيا … حزينا على العهد الكريم الذي خلا

بصوت إذا بحته غاشية الأسى … فذكراك تجلوه على مسمع الملا

تواطن قريرا حيث بت منعما … ودع مبتلى في الناس يرثي لمبتلى